تتواصل فعاليات الدورة التاسعة لتظاهرة دريم سيتي التي انطلقت يوم 22 سبتمبر وتتواصل إلى غاية 8 أكتوبر الحالي، وتتواصل معها الحركية في عدة فضاءات تستضيف الأنشطة والعروض واللقاءات الحوارية، وسط تونس العاصمة وفي المدينة العتيقة. في المدينة العتيقة بالخصوص تزدحم الأزقة بالشباب والشابات منهم المشاركون في الفريق التنظيمي للتظاهرة ومنهم من حمله الفضول وحب الاطلاع والاهتمام بالفن ليكتشف ما يقترحه سفيان وسلمى ويسي الثنائي المؤسس لهذه التظاهرة التي أصبحت اليوم تستقطب عديد الفنانين من مختلف بلدان العالم من معارض وأنشطة ثقافية وفنية. ... واختارت جمعية "الشارع فن" التي تنظم هذه التظاهرة بدعم من وزارة الشؤون الثقافية، توزيع أنشطتها على عدة فضاءات منها بالخصوص معالم أثرية، تنضح بعبق التاريخ وتقف شاهدا على شموخ تونس وتجذر الحضارات التي تعاقبت عليها، من بينها تربة سيدي بوخريصان بباب منارة التي تحتضن معرضا للفنان الفلسطيني خليل رباح ويتمحور حول شجرة الزيتون وتاريخها ورمزيتها والثقافات المرتبطة بها وقد حمل عنوان "جمعة الزيتون". ومنها أيضا "قشلة العطارين" أحد أبرز الفضاءات وأهمها والذي تحولت أرضيته وطوابقه إلى أجنحة تتضمن الجزء الأكبر من مشاريع دريم سيتي من معارض فنية وعروض أفلام ومعارض توثيقية منها مخطوطات وكتب نفيسة ومراسلات وخرائط فريدة وغيرها من الوثائق التي يعود بعضها إلى فترة الاستعمار الفرنسي بتونس وما بعد الاستقلال. وتربة سيدي بوخريصان هي معلم أثري مصنف منذ 1999 كما أن قشلة العطارين الموجودة بسوق العطارين بالمدينة العتيقة معلم أثري مصنف، وقد تم تشييدها بأمر من الأمير الحسيني حمودة باشا بهدف إيواء جنود الانكشارية ثم أصبحت سجنا، وتحولت منذ سنة 1924 إلى مقر لدار الكتب وللإدارة القديمة للآثار والفنون وذلك إلى غاية سنة 1958. ومن ذلك التاريخ إلى غاية سنة 2007 أصبحت مقر دار الكتب الوطنية، قبل أن يصبح المقر الجديد لدار الكتب الوطنية بشارع 9 أفريل بالعاصمة. وتحديد أماكن احتضان المشاريع الفنية كان من اختيار قيمة العروض والمسؤولة عن كافة تفاصيلها، الشيخة حور القاسمي الفنانة التشكيلية التي اختارت أن تخصص جهدها لدعم الفن والفنانين من خلال تقديم خبرتها في تنظيم المعارض الفنية واهتمامها بشكل خاص بالفن المعاصر وبالأمكنة لإيمانها بضرورة إحياء التاريخ للاستفادة منه في الحاضر، وأهمية أن يتعرف الشباب على تاريخهم في معرض اطلاعه على آخر الابتكارات والأعمال الفنية الإبداعية. ذلك ما أكدته في لقاء مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، احتضنته إحدى قاعات "قشلة العطارين" التي تحدثت فيها بإعجاب كبير بهذا المعلم التاريخي وبحس مرهف لفنانة تلتقط الجزئيات والتفاصيل التي قد لا يلمحها الإنسان العادي. وأوضحت أنها كانت اكتشفت هذه الفضاءات العام الماضي حين شاركت في في لقاء حواري انتظم في إطار دريم سيتي. والشيخة حور القاسمي هي خريجة كلية الفنون الجميلة ومختصة في الفن المعاصر، وهي حاليا رئيسة رابطة البيناليات العالمية ورئيسة مؤسسة الشارقة للفنون هذه المؤسسة التي تنظم بينالي الشارقة (وصل هذا العام دورته السادسة عشرة) وقد شغلت عديد المرات منصب قيمة بينالي الشارقة وبينالي لاهور وكانت اكتشفت أعمال سفيان وسلمى ويسي حين شاركا مرتين في بينالي الشارقة. وأشارت إلى أن تقارب الرؤى بين الجانبين أفرز إنتاج مشاريع مشتركة منها "بيرد" الذي يعرض في الدورة الحالية لدريم سيتي، كما أفرز انضمام تظاهرة دريم سيتي للرابطة العالمية. وتحدثت في لقائها مع "وات" عن ولعها الكبير وحرصها على إعادة الحياة للمباني القديمة والمتروكة خاصة، والتعريف بها وبتاريخها لدى الجيل الجديد. وأشارت في هذا السياق إلى المجهود الكبير الذي قام به فريق دريم سيتي لتنظيف قاعات قشلة العطارين وإزالة الأتربة وإعادة الروح لقاعاتها وما فيها من مخطوطات وكتب قيمة وقد أقبل عليها بكثافة رواد التظاهرة. كما تم توفير فضاء لعرض الكتب وتخصيص فضاء للمقهى ولاستراحة الزائرين للمكان، كما تم فتح البابين المؤديين إلى القشلة حتى يكون الدخول متاحا للجميع حيثما مروا لاكتشاف المشاريع المعروضة. والمشاريع المعروضة هي لفنانين من تونس والمغرب وفلسطين ولبنان والعراق وفرنسا وهايتي والأرجنتين ومالي وغيرها، عن هذا الحضور المتنوع من العالم العربي (من إفريقيا وآسيا) إلى أمريكا اللاتينية، فيه اشتغال على ترميم الذاكرة، وذلك من منطلق الشعور بالمسؤولية تجاه الجيل الحاضر والصاعد، وفق حور القاسمي التي تؤمن ب"ضرورة ربط التاريخ بالحاضر". ولم تنف في حديثها مع "وات" اهتمامها بالتوثيق وبحفظ الذاكرة وبالسكان الأصليين في كل مكان من العالم، علما أنها تترأس منذ سنة 2018 معهد إفريقيا بالإمارات العربية المتحدة وهو "معهد متخصص في البحوث الأكاديمية المتعددة التخصصات والمكرسة لإجراء دراسات وبحوث حول إفريقيا والشتات الإفريقي والتوثيق لها". وأكدت في هذا السياق أنه تم في الأسبوع المنقضي تأسيس جامعة الدراسات العالمية والتي ستضم معهد إفريقيا ومعهد آسيا وغيرها من المعاهد المخصصة للدراسات وهي معاهد عليا مفتوحة للباحثين من عديد البلدان ومن بينها تونس. من جهة أخرى أشارت إلى دعوة الفنانة المسرحية التونسية القديرة جليلة بكار من مؤسسة الشارقة للفنون للإشراف على ورشة في مهارات التمثيل، وعن الحرص على التعاون مع عديد المبدعين التتونسيين الآخرين، مؤكدة أن المؤسسة منفتحة على كل الأعمال الإبداعية والمشاريع الفنية الجيدة، وستدعو عددا من الفنانين التشكيليين التونسيين للمشاركة في بيينال الشارقة المقبل الذي سيلتئم سنة 2025. وجدير بالذكر أن الدورة التاسعة لتظاهرة دريم سيتي تقدم لجمهورها أكثر من 60 عملا فنيا بإمضاء 50 فنانا من 21 بلدا تتوزع إلى ثلاثة أقسام هي "مشاريع دريم سيتي" و"أعمال الخلق الإبداعي" و"حلقات نقاش" و"خربقة سيتي". ريم تابعونا على ڤوڤل للأخبار