تأجيل النّظر في قضيّة ضدّ الصحفي محمد بوغلاّب إلى 23 جوان المقبل    'Daccourdou' ؟ عندما يتحدث السفير أليساندرو بروناس عن الفن، الهوية والجسور الثقافية والاقتصادية بين تونس وإيطاليا    الاتحاد العالمي للملاكمة يعلن عن ارتفاع عدد أعضائه الى أكثر من 100 اتحاد وطني    رولان غاروس: انس جابر تلاقي البولونية ماغدالينا فراش في الدور الاول    الليلة: أمطار أحيانا غزيرة مع تساقط محليا كثيف للبرد بالشمال والوسط    تلميح رسمي من الوداد المغربي بالتعاقد مع رونالدو    هذه البلدية تمنع انتصاب بائعي المواشي خارج السوق وتُحذر من العقوبات    عاجل/ إطلاق نار أمام مقر ال"CIA"    استعادة التاجين العربي والافريقي وتحقيق التأهل الى اولمبياد لوس انجلس 2028 اهم أهداف المرحلة القادمة    أمطار غزيرة ورياح قويّة.. وزارة الفلاحة تحذّر    بالفيديو: إحباط محاولة تهريب 2.5 كلغ من ''الماريخوانا'' بمطار تونس قرطاج    عاجل/ هذا ما تقرّر ضد متهمين بتقديم المؤونة لعناصر إرهابية    الزهروني: الاعتداء على تلميذ خلال عملية "براكاج" ونقله إلى المستشفى    حرقة القدمين قد تكون علامة مبكرة على الإصابة بمرض السكري    مؤشر الإنتاج الصناعي يتراجع ب3،6 بالمائة موفى ديسمبر 2024    حفل إسناد جائزة ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية يوم 27 ماي 2025 بالقصر السعيد    فايسبوك يلتهم وقت التونسيين: 61 ساعة شهريًا مقابل 5 فقط للقراءة!    بلاغ هام من شركة نقل تونس    الرابطة 2 : تعيينات حكام مقابلات الجولة الاخيرة    قفصة: سفير الصين يؤكد في زيارة ميدانية للمستشفى الجهوي الحسين بوزيان العزم على تدعيم العلاقة بين البلدين في الفترة القادمة    فظيع/ معلم يتحرش بتلميذته جنسيا ويهددها..    الكاف: وفاة تلميذ غرقا في سد ملاق    الخارجية: السلطات اليونانية تفرج عن 35 تونسيا    ارتفاع نسبة امتلاء السدود إلى 40،7%    وزير الخارجية يلتقي أفرادا من الجالية التونسية ببلجيكا واللوكسمبورغ    بالصور: أحمر الشفاه يسرق الأضواء في مهرجان كان 2025..من الأحمر الجريء إلى النيود الناعم    هام/ وزارة العدل تنتدب..    إجراءات استثنائية لمساعدة الفلاحين على تجاوز أعباء فواتير الطاقة.. التفاصيل والخطوات    بعد ظهر اليوم: خلايا رعدية وأمطار غزيرة تجتاح عدة ولايات    القيروان : اليوم إفتتاح الدورة 19 للملتقى الوطني للإبداع الأدبي والفني.    كيف تستغل العشر من ذي الحجة؟ 8 عبادات ووصايا نبوية لا تفوّتها    القيروان: انطلاق بيع الأضاحي بالميزان في سوق الجملة بداية من 26 ماي    شرب الماء على ثلاث دفعات: سُنّة نبوية وفوائد صحية مؤكدة    زعيم التهريب إلى أوروبا في السجن : جنسيته عربية و تفاصيل صادمة    في لقائه مواطنين من المزونة وبنزرت/ سعيد: "الشباب قادر على تعويض من يُعطّل السّير الطبيعي لدواليب الدّولة"..    دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس تنظر في مطلب الافراج عن أحمد الصواب    رئيس اتّحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستنخفض    الدورة الثالثة من 'المهرجان السنوي لكأس المغرب العربي للحلاقة والتجميل' يومي 26 و27 ماي بالحمامات.    غولان يحمّل نتنياهو مسؤولية "تعريض اليهود للخطر"    تونس تدعو المجتمع الدولي الى حماية الشعب الفلسطيني ووضع حد لجرائم الاحتلال    كرة اليد : الترجي في مواجهة نارية أمام الزمالك ..تفاصيل المباراة    فئات ممنوعة من تناول ''الدلاع''.. هل أنت منهم؟    نشرة الصحة والعلوم: نصائح للذاكرة، جديد الدراسات الطبية، ونسب التغطية الصحية في تونس    كأس العالم للأندية: مهاجم ريال مدريد اندريك يغيب عن المسابقة بسبب الاصابة    بلاغ وزارة التجارة حول توفير لحوم ضأن وبقري مسعرة    Titre    أضحية العيد للتونسيين: 13 نصيحة شرعية لضمان سلامتها وأجرها الكامل!    القاهرة تطمئن: الهزة الأرضية الصباحية لم تؤثر على المنشآت    وزير الصحة يلتقي بإطارات صحية ومستثمرين ورجال أعمال تونسيين بسويسرا    أمريكا تقبل طائرة فاخرة من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية لترامب    محمد بوحوش يكتب:...عن أدب الرّسائل    وزير الصحة يروج للتعاون ولمؤتمر "الصحة الواحدة " الذي سينعقد بتونس يومي 14 و 15 جوان 2025    ب"طريقة خاصة".. مؤسس موقع "ويكيليكس" يتضامن مع أطفال غزة    أربعينية الفنان انور الشعافي في 10 جوان    أحمد السقا يعلن طلاقه من مها الصغير بعد 26 عامًا من الزواج    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"امرأتنا في الشريعة والمجتمع" في طبعة جديدة عن دار خريف مع تقديم للدكتورة زينب التوجاني
نشر في باب نات يوم 23 - 11 - 2023

يعدّ كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" للطاهر الحداد والصادر في أكتوبر 1930 من أهم الكتب المرجعية في تونس والعالم العربي. هذا الكتاب الذي عانى بسببه صاحبه من التكفير والإقصاء الاجتماعي، عند صدوره، تحول لاحقا إلى مرجع في الإصلاح الاجتماعي وتغيير العقلية الذكورية.
ورغم صدور هذا المؤلف في طبعات متعددة (بعد أن أصبح إرثا مشتركا على مستوى حقوق التأليف)، فقد حرصت دار خريف للنشر على إعادة نشره، مع تقديم ثري، بقلم الدكتورة زينب التوجاني أستاذة الحضارة في كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة والمتخصصة في تحليل الخطاب الديني ودراسات "الجندر" والناشطة في الحركة النسوية.
وفي كلمة تصدرت هذا الكتاب الذي وشحته صورة غلاف مميزة، بين الناشر أن "هذه الطبعة ليست مجرد استنساخ لكتاب مرجعي في المدونة التونسية بقدر ما هي قراءة محينة لفكر الطاهر الحداد وكتابه". وبين حرص الدار على إعادة إصدار طبعة ملحقة بقراءة خاصة للدكتورة زينب التوجاني سعيا لإدراج هذا المؤلف ضمن المسار الإصلاحي الذي عرفته البلاد التونسية منذ القرن الثامن عشر.
وفي تقديمها الوارد في 18 صفحة والذي حمل عنوان "حين يكتب الرجال بمشاعر النساء"، عادت الدكتورة زينب التوجاني بقارئ هذا الأثر إلى طفولة الطاهر الحداد أصيل قابس بالجنوب التونسي، وإلى صباه بتونس العاصمة، وأهم العناصر المؤثرة في شخصيته وأفكاره.
...
وأشارت إلى أن الحداد الحاصل على شهادة التطويع سنة 1920 كان صديقا للنقابي محمد علي الحامي وعاش معه ظروف نشأة جامعة عموم العملة التونسية، وكتب قبل "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" كتابا حول العمال التونسيين وظهور الحركة النقابية. وقد حجزت الإدارة الفرنسية آنذاك كتابه الأول "خوفا من بث الروح النقابية الوطنية" فقد كان قلمه "أمضى من السيف وأدق من الرصاص" وفق توصيف التوجاني التي بينت أن الحداد جمع المقالات التي كان ينشرها طيلة سنتين من 1928 إلى 1930 وأصدر "امرأتنا في الشريعة والمجتمع". وقد كانت كتابته حول العمال والنساء "انعكاسا لذاته المرهفة وحسه المتعاطف النبيل".
ورغم سنوات المحنة التي عاشها بعد صدور الكتاب، حيث وقعت محاكمته وتكفيره وافتكوا منه شهادته وكتبت فيه عدة مقالات تنتهك سمعته وعلمه ودينه، ورغم أنه مات حزينا، "إلا أنه ثابت على ما كتبه ولم يتراجع عنه ولو قليلا". وفي هذا السياق بينت الباحثة زينب التوجاني أن الحداد أضاف رسالة نشرتها بيت الحكمة سنة 2019 تحت عنوان التجديد والجمود كان "جمع فيها كل حجج خصومه وفندها مبقيا صوته عاليا مصرا على أن المساواة بين الرجال والنساء قدر وأن عبودية النساء زائلة مثلما زالت عبودية العبيد".
وذكّرت الباحثة في هذا التقديم المميز للكتاب أن الطاهر الحداد مات ثابتا وصلبا في مواجهة ثقافة الجمود والعسف، ولم يمح موته السريع أثره العظيم، الذي بين فيه أن "امرأة الشريعة انتهى زمنها وامرأة المجتمع بحاجة الى تشريع عصري ونفس جديد يعيد الروح لها وللتشريع وللمجتمع". إذ بين الحداد في كتابه، وفق قراءة التوجاني، الخيط الفاصل بين الشريعة والدين، وبين الحق والظلم، فالدين عنده جاء بالقيم القائمة على المساواة والحق والعدل، وأما شرائع الفقهاء فلا تكفي في نظره لتحقيق قيم الدين.
وسلطت الباحثة في هذا التقديم الضوء عما يميز الحداد عن أجيال المصلحين وفكرهم التجديدي بدءا بخير الدين باشا ومرورا بالثعالبي وغيرهما ممن كتب في الإصلاح الديني أو الاجتماعي أو القانوني. وحاولت الإجابة عما قد يتبادر إلى أذهان القراء من تساؤلات منها : ما الذي يجعلنا ونحن في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين نعود إلى هذا الكتاب الذي كتب في العقد الثالث من القرن الماضي؟ وفيم يتجلى الحس النسوي للحداد ومظاهر تعاطفه الأنثوي العميق ؟ وغيرها من المسائل التي تقدم الإجابات عنها إضاءات لكل شغوف بالمعرفة وكل مهتم بتاريخ تونس من جهة وبالمصلحين الاجتماعيين وببذور الحركات النسوية وبفكر الطاهر الحداد على وجه الخصوص.
وللتذكير فإن كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" ينقسم إلى قسم تشريعي وقسم اجتماعي. يتناول الأول المرأة في الإسلام وحقوقها المدنية (الزواج في الإسلام، ما قبل الطلاق...) وآراء العلماء في المرأة والزواج.
أما القسم الاجتماعي فيقدم فيه الحداد "كيف نثقف الفتاة لتكون زوجا فأما" حيث يتناول الثقافة الصناعية والمنزلية والعقلية والأخلاقية والزوجية والثقافة الصحية، كما يتناول "مباحث في الزواج" ويطرح فيه عدة قضايا منها الزواج بالإكراه والزواج دون السن وغيرها. ويخصص الحداد جزءا من كتابه للحديث عن "مشاهد البؤس الاجتماعي في العائلة والشعب" و"تيار التطور الحديث في الشعب" من ذلك الزواج بالأجنبيات. كما يعطي مواقفه وقراءته الخاصة في مسائل الحجاب والسفور وتعليم المرأة.
ويلي هذا الأقسام خاتمة الكتاب التي يقول فيها الطاهر الحداد "هذا هو صوتي أرفعه عاليا بقدر ما لي فيه من قوة العقيدة وراحة الضمير. ولو أمكنني أكثر من هذا لفعلت. ويا ليتني كنت أستطيع أن أصرخ كالبركان الهائل، عسى أن أزعج برعدي جميع الذين مازالوا يغطون في نومهم غارقين في أحلامهم الضالة التي جعلتنا في هذا العالم مثالا لسخرية القدر".
ولعل المتمعن في كلمات الطاهر الحداد، أحد أهم رواد الإصلاح في تونس، يتبين كم كان مفكرا مستنيرا، حرّا، حاملا لهموم شعبه وسابقا لزمانه، مدافعا عن قضايا ظلت إلى اليوم وبعد نحو قرن محل أخذ وردّ بين المجتمع المدني وأصحاب السلطة السياسية على مرّ السنين، مما يجعل الطاهر الحداد وفكره الذي "ملأ الدنيا وشغل الناس"، حيا على الدوام.
ريم
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.