أتمت دراسة التجارة بتميز في فرنسا محققة بذلك حلم والديها، قبل أن تتفرغ لتحقيق حلمها بدراسة فن الطبخ في مدينة ليون، "وما زال للحلم بقية" على قول الشاعر محمود درويش. تلك هي ملاك العبيدي التي بدأت مسيرتها المهنية في فرنسا، لكنها اختارت العودة إلى تونس، والغوص في أعماقها تاريخيا وثقافيا لتثمر مجهوداتها كتابا فنيا أنيق الإخراج وثري المحتوى يحمل عنوان "سُفرة الشمال" La table du nord الإصدار الوارد في 400 صفحة من الحجم الكبير، تم تقديمه مساء الأربعاء بتونس العاصمة وسط حضور كبير للقراء ولأصدقاء الكاتبة، والمساهمين في هذا العمل الذي يندرج ضمن مشروع متكامل، يتمثل في "مسح" المطبخ التونسي في مختلف مناطق البلاد. فهذا الكتاب الأول المخصص للتراث الغذائي بالشمال والشمال الغربي، سيكون متبوعا بثلاثة كتب أخرى تعنى بالمناطق الساحلية وكذلك الوسط والجنوب. مضمون هذا الكتاب الأول هو ثمرة رحلة استكشافية، قادت ملاك العبيدي صحبة فريق العمل المرافق لها إلى عديد المدن والقرى بالشمال، لتأخذ القارئ في جولة بين بنزرت وجندوبة والكاف وسليانة وزغوان وتونس العاصمة. وبينت الكاتبة في كلمة مقتضبة، أن الهدف من هذا المؤلف، هو أن "كل من يقرأ الكتاب يشعر بفخر لكونه تونسي، ومن يقرأ الكتاب من غير التونسيين يكون فخورا باكتشاف تونس" فالثقافة هي ضامنة للحفاظ على الهوية، وهي مصدر فخر وطني وأداة تماسك اجتماعي وفق الكاتبة الشابة المختصة في الطبخ. ... ملاك العبيدي، التي اكتشفها الجمهور من خلال فقرات تعنى بالطبخ في إحدى القنوات التلفزية الخاصة، تحدثت عن هذا الكتاب الذي جاء نتيجة مغامرة استكشافية، وثمنت مجهودات كل من ساعدها في خوض هذه التجربة، بدعم من مؤسسة بنكية خاصة، معتبرة أن الكتاب هو نتاج "عمل تعاوني". وأعربت بالمناسبة عن امتنانها للعائلات والأهالي الذين حضر بعضهم أمس، ممن قابلتهم وفريقها منذ بدء المشروع الذي انطلق قبل 18 شهرا، وكانوا مضيافين، كرماء، ولم يبخلوا بتقديم المعارف والمهارات التي تميز منطقتهم في مجال الطهي. علما أن نحو 80 بالمائة من وصفات الطبخ هي من أهالي المناطق التي زارتها الكاتبة وفريق عملها، في حين أن العشرين بالمائة الأخرى هي وصفات مبتكرة. ويعدّ هذا الكتاب مغامرة لا فقط لكاتبته، بل حتى للمصور الفنان المحترف الذي رافقها في هذه الرحلة البشير زيان ، حيث جاء مضمون الكتاب مرفقا بصور رائعة التقطتها عدسة هذا المصور المختص في الموضة وعروض الأزياء، وقد أضفى الكثير من الجماليات على الصور التي التقطتها عدسته في مختلف ربوع الشمال التونسي. تابعونا على ڤوڤل للأخبار