وات - تحرير أميمة العرفاوي - يساهم التعليم عموما في صناعة أجيال المستقبل، ويعد الحق في التعليم من أوكد حقوق الإنسان، إلا أن الآلاف من التلاميذ ينقطعون عن الدراسة سنويا وينقطع حلم العلم والتعلّم، لعدة اسباب. وبالفعل، تعتبر نسبة المنقطعين عن الدراسة في السنوات الاخيرة مرتفعة، حيث غادر 109 آلاف تلميذ الدراسة خلال 10 سنوات (من سنة 2012 الى سنة 2022)، وتعتبر ولاية سليانة من بين الولايات التى تعانى من هذه الظاهرة، حيث تم خلال السنة الدراسية الفارطة تسجيل 857 منقطعا عن الدراسة، ومايقارب 400 منقطع مع بداية السنة الجارية، وفق إحصائيات المندوبية الجهوية للتربية. ... ولعل أبرز أسباب الانقطاع المبكر عن الدراسة، افتقار المؤسسات التربوية إلى بنية تحتية سليمة، فبعضها شُيّد خلال الاستعمار الفرنسي دون إعادة صيانتها، والبعض الأخر يقع في أماكن معزولة دون أسوار ولا حراسة ولا ماء ولا شبكات صرف صحي. في عمادة برج المسعودي، التابعة لمعتمدية الكريب، يعاني تلاميذ المدرسة الابتدائية "مهيريس" من وضعية صعبة، نظرا لافتقار المدرسة لأبسط المرافق الضرورية، فمنذ بداية الطريق، لاوجود لعلامة تشير إلى وجود مؤسسة تربوية، وعند الوصول اليها، ترى بابا أكله الصدأ، ونقشت على لافتة اسم المدرسة بكتابة غير واضحة كلاب سائبة ترتع هنا وهناك، في ظل غياب سور يحمي التلاميذ من أي مكروه بمنطقة ريفية محاذية لجبل يعرف بتضاريسه الوعرة، جدران متصدعة، قاعات تدريس صغيرة، ووحدات صحية دون ماء، وغياب تام لوسائل الحماية والترفيه، وتتعطل بمجرد نزول الأمطار الدروس. وجوه بريئة، ارتسمت عليها كل مظاهر الحرمان والحزن، لفقدانهم أبسط الحقوق، وحناجر تطالب بالانصاف كسائر زملائهم وزميلاتهم ببقية المؤسسات التربوية العمومية، وهو ما عبر عنه عدد منهم في تصريحات متطابقة لصحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء، واختزلوه في كلمات متلعثمة .. "مدرستنا ينقصها الكثير والكثير". تحدث أحد الأولياء (بشير البوبكري) بمرارة ليطالب بضرورة إنشاء سور للمؤسسة التربوية من اجل حماية الاطفال، وتركيز مخفضات سرعة أمامها، لقربها من الطريق الرئيسي الرابط بين منطقة "مهيريس" وعمادة برج المسعودي، متحدثا بهذا الخصوص عن تعرض ابنه لحادث مروع أمام المدرسة ما زال يعاني من مخلفاته النفسية، ف"حياة التلاميذ معرضة للخطر" وفق تعبيره. وأضاف البوبكري أن المدرسة تفتقر أيضا لقاعة أكل للأطفال الذين يسلكون العشرات من الكيلومترات يوميا ويقضون أكثر من 8 ساعات في الدراسة دون العودة إلى منازلهم في وقت الفطور، ولفت إلى أن المنطقة الريفية تنعدم بها أبسط المرافق الضرورية على غرار غياب مركز صحة أساسية وتهرؤ مسالكها الفلاحية، مما يجعل سكانها في عزلة تامة خاصة في فصل الشتاء من جهته، ناشد أحد المتساكنين (رشدي البوبكري)، السلط المعنية بضرورة توفير فضاء لائق لتلاميذ المدرسة الابتدائية الريفية، يقيهم من برودة الطقس شتاء، وحر الصيف، وطالب أحد الأولياء (عماد البوبكري) بتوفير قاعة لتلامذة التحضيري، موضحا أنه تكبد خلال السنة الفارطة عناء تنقل ابنه يوميا إلى إحدى المدارس الابتدائية بعمادة برج المسعودي بعد ترسيمه بقسم التحضيري، واضاف ان والدة التلميذ تصطحب ابنها يوميا خلال السنة الدراسية الجارية، خوفا عليه من الكلاب السائبة ومن مخاطر الطريق، مذكّرا بان التعليم حق دستوري لكافة التلاميذ، كما أشار إلى افتقار المدرسة للماء الصالح للشرب، داعيا السلط المعنية إلى ضرورة التدخل في أقرب الآجال وتمكين هؤلاء الأطفال من حقوقهم البسيطة من جهته كشف الناشط بالمجتمع المدني عبد النور البوبكري، أن منطقة "مهيريس" تبعد عن عمادة برج المسعودي حوالي 4 كيلومترات، وتضم ما يقارب 75 عائلة، لافتا إلى أن المدرسة الابتدائية "مهيريس" تأسست سنة 1988 وتضم 7 إطارات تربوية و66 تلميذا وتلميذة موزعين على 3 قاعات واضاف أن مايقارب 30 تلميذا وتلميذة يتنقلون يوميا من منطقة الغزاونية (يقطعون 4 كيلومترات سيرا على الأقدام) ويجدون أنفسهم مجبرين على البقاء أمام المدرسة في ساعات الراحة، مشيرا ايضا الى غياب وحدات صحية لائقة للتلاميذ وملعب لممارسة التربية البدنية وقاعة تحضيري وأفاد المندوب الجهوي للتربية بسليانة نور الدين غباش، بأنه سيتم التدخل في المدرسة الابتدائية في إطار مشروع مشاركة فاعلة للمواطنين والمواطنات، ليشمل تهيئة المدخل الرئيسي وبناء سور من الواجهة الرئيسية وتهيئة الوحدات الصحية وتركيز قاعة مطالعة تابعونا على ڤوڤل للأخبار