تزدحم الأعمال الدرامية التونسية على الفضائيات المحلية، حتى صار مشاهدوها قادرين على اختيار ما يناسبهم من تلك الأعمال وقادرين على تحديد الفضائية التي سيتابعونها هذا دون الحديث عن قيمة تلك الأعمال الفنية. وبطبيعة الحال هذا ما لا يتوفر للمتلقي التونسي على مدار السنة، إلا أن هذا المتلقي المسكين جدا يصطدم بواقع تعيس جدا أثناء مشاهدته لتلك الأعمال فيجد نفسه مجبرا على متابعة الومضات الإشهارية على الرغم من أنفه... يجد نفسه في مواجهة غول كبير اسمه الإشهار الذي فتك بالعقول والعيون واستنفد الجيوب للكبار والصغار، هذا الإشهار "عملوا به العار وثقبوا به الطار"... صار "مساطة" كبيرة على فضائياتنا... إنه كارثة عظمى بأتم معنى الكلمة كمّا ومضمونا... إنه إشهار قبله إشهار وبعده إشهار وفوقه إشهار وتحته إشهار حتى طلع من أنف المشاهد... المتلقي التونسي المسكين "مرجوا له الكبيدة" و"فقعوا له المرارة" بهذا السيل الجارف الهادر من الإشهار و"مرّروا له " متابعة تلك الأعمال الدرامية... فكأن الفضائيات التونسية عاملة مزية على مشاهديها فتفرض عليهم الفرجة المشروطة و تعرض عليهم البضاعة المخلوطة و شعارها الحكمة المغلوطة: تفرّج و إلا طيّر قرنك و ذاك هو الموجود و ما عندنا غيره... !!