أضاحي بأسعار موحدة ورقابة صحية: نقطة بيع جديدة تفتح أبوابها في منوبة    مكتب البرلمان يحيل مشاريع قوانين حول تجريم الاعتداء على المربين ومهنة المحاماة    الكمبيالة تمثل 5.9 بالمائة من وسائل الدفع في تونس    عاجل/ بعد طرد الصحفي سفيان رجب من دار الصباح: نقابة الصحفيين تتدخل…    الكشف عن طاقم حكام نهائي كأس تونس    الدورة 22 لندوة القصة المغاربية في قفصة: تيمة الحب في الأقصوصة المغاربية    ألبوم جديد لسفيان بن يوسف - عمار 808    ثنائي الترجي الرياضي محمد امين توغاي ويوسف بلايلي ضمن قائمة المنتخب الجزائري لوديتي رواندا والسويد    الحرس الوطني: الحدود مؤمّنة والمهاجرون يغيّرون وجهتهم: تونس لم تعد محطة عبور    عاجل - : بيع عشوائي ومزايدات غير قانونية...معطيات تكشفها وزارة التجارة    فرصة تشغيل تاريخية لخريجي الجامعات.. هذه شروط الانتداب في الوظيفة العمومية    النسخة السادسة من الحفل الموسيقي 'عين المحبة' غدا الجمعة بمدينة الثقافة    أريانة: تكثيف الاستعدادات لانجاح موسم الحصاد وتوقع صابة حبوب طيبة    رابطة دوري روشن تعلن عن جوائز الأفضل... وبنزيمة نجم الموسم    استعدادا للمونديال : المنتخب التونسي للكرة الطائرة للفتيات تحت 19 عاما في تربص تحضيري من 30 ماي الى 4 جوان بقليبية    عاجل/ إنفجار وإطلاق نار خلال توزيع المساعدات    بعد قطيعة طويلة.. رفع العلم الأمريكي بدمشق بحضور وزير الخارجية السوري والمبعوث الأمريكي    أطباق تونسية لا تكتمل لذّتها إلا بلحم الخروف: اكتشف النكهة الأصلية للمطبخ التونسي    تونس تتصدر العالم في مسابقة ميامي لزيت الزيتون وتحصد 75 ميدالية    إدارة مهرجان سينما الجبل تقدم برنامح الدورة السادسة    عرض مسرحية "برضاك" في دار تونس بباريس يومي 30 و31 ماي    البنك الدولي يوافق على تمويل يفوق 125 مليون دولار لتعزيز النظام الصحي والتصدي للجوائح في تونس    "الكابينت" الإسرائيلي يصادق على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    عاجل/ توقّعات بصائفة غير مسبوقة    عاجل/ توريد خرفان مبرّدة من رومانيا.. وهذه أسعار لحومها    بطولة رولان غاروس للتنس: ألكاراس وسابالينكا يتأهلان الى الدور الثالث    عاجل/ أضاحي العيد: إرشاد المستهلك تدعو لحملة مقاطعة شعبية    مأساة في مصر: زوج يطعن زوجته حتى الموت والسبب هذا    فضيحة مدوية: مخدر يصنع من عظام الموتى يورّط مضيفة بريطانية في تهريب دولي    من هي الشابة العربية التي ظهرت برفقة كريم بنزيمة وخطفت الأضواء في مهرجان كان؟    الجلطات تقتل بصمت: التدخين وراء 60% من الحالات في تونس    لن تتوقعها.. ماذا يحدث لجسمك عند شرب الماء بعد فنجان القهوة؟    أطعمة يُفضّل تجنّبها في مكان العمل: احترام للآخرين وذوق عام    عاجل/ قضية هنشير الشعّال: هذا ما قرره القضاء في حق سمير بالطيّب    الرئيس المدير العام لديوان الحبوب: طاقة التجميع المنتظر تحقيقها في سنة 2025 من صابة الحبوب ستبلغ حوالي 8 مليون قنطار    الأولمبي الليبي يضع زبير السايس في مأزق كبير    عاجل/ البنك الدولي يوافق على تمويل لتونس.. وهذه قيمته    الأهلي يتوج ببطولة مصر لكرة القدم للمرة الخامسة والاربعين في تاريخه    سيدي حسين: فتح بحث تحقيقي بعد العثور على جثة كهل مشنوق داخل منزل    عاجل/ وفاة امرأة و إصابة 26 شخصا في اصطدام شاحنة تقل عاملات فلاحيات بسيارة..    ياسين مامي: لا وجود لطرد جماعي منظم في قطاع السياحة والقانون الجديد لا يُطبق بأثر رجعي    4 دول أوروبية تدعو إلى قبول فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    ميزة منسية في هاتفك قد تنقذ حياتك في حالات الطوارئ    إيلون ماسك يؤكد خروجه من إدارة ترامب    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الجمهورية برئيسة الحكومة..    اللجنة الوطنية لليقظة ومكافحة الجراد تدعو الى ايلاء آفة الجراد الصحراوي الأهمية القصوى    عاجل/ بلاغ هام للجامعة التونسية لكرة القدم بخصوص هذه المباراة..    على ما يرام    اُلْكَاتِبُ وَاُلْمُلْهِمَةُ    تدعيم مستشفيات نابل بتجهيزات    60% من الجلطات في تونس سببها التدخين    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 1 جوان 2025    عيد الاضحى يوم السبت 7 جوان في هذه الدول    بعد ذبح الأضحية... ما الذي يُستحب للمُضحّي فعله؟    دعاء أول أيام ذي الحجة...أيام مباركة وفرصة للتقرب من الله    طقس اليوم: رياح قوية نسبيا بهذه المناطق والبحر مضطرب    مسرحية "وراك" لأوس إبراهيم… لعبة الوجود بين الوهم والحقيقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية "وراك" لأوس إبراهيم... لعبة الوجود بين الوهم والحقيقة
نشر في باب نات يوم 28 - 05 - 2025

قدم المخرج الشاب أوس إبراهيم العرض الأول لعمله المسرحي الجديد "وراك"، مساء الثلاثاء بمسرح التياترو بالعاصمة. وهذه المسرحية التي كتب نصها أيضا أوس إبراهيم هي تجربة تستنطق الوهم والمصير وتطرح أسئلة فلسفية وجودية من خلال مقاربة درامية تشتبك فيها الرغبة بالخوف والمصير بالقرار والواقع بالوهم.
يمتد العرض على مدى نحو ساعة. وتدور أحداثه حول مجموعة من الأشخاص يُستدرجون للمشاركة في لعبة غامضة. لا يعرفون القوانين ولا الجائزة، لكن الدافع القوي للمشاركة هو الوعد ب"فرصة واحدة لتغيير شيء في ماضيك أو مستقبلك، إن كنت تملك الشجاعة". هذه الفرضية تفتح بابا على مستويات متعددة من التوتر والتساؤل، إذ تتجلى داخل المسرحية على شكل تجارب أو اختبارات تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة تحت وطأة الخوف من "الموت" الذي يتهدد من يفشل.
وأدى أدوار العرض كل من يحيى فايدي ومنال بكوري ومحمد بوزيد وبوبكر الغناي وفريال بن بوبكر. وقد بدت الشخصيات متشظية مسكونة بالخوف والرغبة الخضوع والتمرّد.
يستوقف المتلقي، من الوهلة الأولى، عنوان العرض "وراك" وهو عنوان محمّل بدلالات كثيفة تحتمل التأويل على مستويات عدّة. فهو يحيل إلى ما خلفك أي إلى ماض قد يطاردك أو قرار مضى لكنه ما يزال يلقي بظلاله على الحاضر. و"وراك" أيضا يمكن قراءته كتحفيز على الالتفات لما أهملته لما لم تراه وأنت ماض نحو المستقبل. وقد وظف المخرج هذه الدلالة بشكل ذكي في نص العرض حين استخدم صورة ذيل القط كمؤشر على ردة الفعل أي أن ما يوجد "وراءك" هو الذي يكشف حقيقتك أو نيتك تماما كما يفهم من تحرّك ذيل هذا الحيوان.
لكن المفارقة الكبرى، وهي قلب المسرحية، أن الجمهور يكتشف في النهاية أن كل ما حدث لم يكن سوى محاكاة، إذ لم يكن هناك موت حقيقي ولا تهديد واقعي وإنما كان الأمر اختبارا نفسيا لمعرفة كيف يتصرف الإنسان حين يُوضع تحت ضغط القرار ولحظة الحسم. وهذه الحبكة المتقلبة تحيل مباشرة إلى ثيمات فلسفية حول الإرادة والاختيار والقدر.
لقد قدّم أوس إبراهيم رؤية إخراجية تقوم على مفارقة بين الواقعي والغرائبي وبين الجدية والعبث بشكل يقارب مفاهيم مسرح التغريب كما عرّفها "بريشت" دون أن يقع في استنساخ آلي. وقد اعتمد على أداء حركي مشحون بالانفعال وعلى فضاء بصري غير مألوف يدفع المتفرّج للتماهي والتساؤل في آن واحد.
وتميّزت الإضاءة بكثافة دلالاتها ومقاصدها حيث استُخدمت ألوان مثل الوردي في توافق مع آلة تُسمّى داخل العرض "آلة الرغبة"، ذات اللون الوردي كذلك، في إحالة ذكية إلى العلاقة بين الرغبة والاختيار. كما وُظّفت المؤثرات السمعية للتعبير عن هذا الفضاء الغرائبي غير المألوف حيث اعتمدت الموسيقى المصاحبة على نغمات إلكترونية غريبة تخلق إحساسا بعدم الاستقرار النفسي والوجودي بما يخدم طبيعة اللعبة المسرحية التي لا يعرف المتلقي قواعدها.
أما الملابس والمكياج، فقد جاءت لتعزيز الغرابة والانفصال عن العالم الواقعي مع إصرار على خلق شخصيات يبدو أنها من عالم مواز أو ربما من واقعنا لكن بعد مروره في مصفاة الحلم أو الكابوس.
وكانت السينوغرافيا التي وظّفها أوس إبراهيم إحدى أعمدة العرض الأساسية حيث جاءت بسيطة لكنها مشبعة بالرموز. وقد ركّز الفضاء على عناصر قليلة لكن دالة أبرزها "آلة الرغبة" التي تمثل محور التفاعل والاختبار وكأنها تجسيد مادي لفكرة الاختيار الحر. كما تمّ اللعب بالأضواء والظلال لخلق فضاءات وهمية داخل خشبة المسرح ما يعكس تعدد المستويات الزمنية والذهنية التي يتحرك فيها العرض.
تحمل المسرحية قضايا فلسفية بشكل واضح. فهي تُقارب موضوع الإرادة والاختيار البشري من خلال السؤال: هل يمكن للإنسان تغيير ماضيه أو التحكم بمستقبله؟ وهل يملك حريته فعلا أم هو أسير قرارات لحظية تُفرض عليه تحت ضغط الخوف أو الرغبة؟ كذلك هناك بعد ديني فلسفي يلوّح في الخلفية: مسألة القدر ومدى حرية الإنسان في مواجهة ما كُتب له.
واستطاع المخرج أوس إبراهيم زعزعة يقين المتفرّج من خلال إقحامه داخل لعبة تشبه حياته حيث يجبر على اتخاذ قرارات لا يعرف نتائجها. ويعيد صياغة السؤال الأزلي: "من نحن؟ وإلى أين نمضي؟ وهل يمكن أن نعود"؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.