في تدوينة تحليلية نشرها على صفحته بموقع فيسبوك، قدّم الخبير الاقتصادي المقيم في أستراليا العربي بن بوهالي قراءة معمّقة حول التحولات الجارية في النظام المالي العالمي، معتبرًا أن الصين بصدد إحداث انقلاب هادئ في موازين القوة المالية الدولية، من خلال استراتيجية دقيقة لتقويض هيمنة الدولار الأمريكي وتقليص النفوذ المالي الغربي. بورصة شنغهاي للذهب... أداة التغيير الصامت وأوضح بن بوهالي أن الحكومة الصينية تعتمد على بورصة شنغهاي للذهب (Shanghai Gold Exchange) في بناء منظومة مالية موازية، تقوم على تخزين الذهب داخل الصين وخارجها، بدل الاعتماد على المخازن التقليدية في نيويورك أو لندن، اللتين كانتا تاريخيًا مركزين للهيمنة المالية الأمريكية والبريطانية. وأشار إلى أن الصين شرعت في إنشاء مخازن ضخمة للذهب في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وهو ما يتيح للرياض، عند بيعها النفط الخام للصين، الاختيار بين استلام اليوان أو الذهب بدل الدولار. ويرى أن هذه الخطوة تحمل تأثيرًا استراتيجيًا بالغ العمق، لأنها تفتح الباب أمام تحول جذري في قواعد التجارة العالمية. اليوان والذهب بدل الدولار ويؤكد الخبير أن اعتماد العالم تدريجيًا على اليوان الصيني والذهب في التجارة الدولية والتمويل العالمي سيجعل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والدولار أقل أهمية على الصعيد الدولي، مما سيؤدي إلى تراجع النفوذ المالي للغرب. ويضيف أن هذا التحول سيحدّ من قدرة الولاياتالمتحدة وأوروبا على تمويل الحروب أو التدخلات المستقبلية في الشرق الأوسط أو في مناطق أخرى من العالم. شبكة دولية جديدة لتخزين الذهب وأشار بن بوهالي إلى أن الصين لا تكتفي بالتحرك داخل أراضيها، بل تعمل على توسيع شبكتها العالمية من خلال إنشاء مخازن للذهب في دبي، وهونغ كونغ، وسنغافورة، وزيوريخ (سويسرا)، وهو ما يعزز انتشار اليوان كعملة تسوية دولية ويُضعف احتكار الدولار للمعاملات المالية الكبرى. وبحسب تحليله، فإن حصة الدولار الأمريكي في التجارة الدولية ستتراجع تدريجيًا خلال العقد المقبل، تمامًا كما حدث للجنيه الإسترليني بعد الحرب العالمية الثانية، حين فقد مكانته كعملة عالمية مهيمنة. الأرقام تحسم السباق الاقتصادي وفي معرض حديثه، أشار بن بوهالي إلى أن البيانات الحديثة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وصندوق النقد الدولي تؤكد أن الصين أصبحت أكبر اقتصاد في العالم عند قياس الناتج المحلي الإجمالي بمعيار تعادل القوة الشرائية (PPP)، إذ يبلغ إنتاجها نحو 33.6 تريليون دولار مقابل 25.6 تريليون دولار للولايات المتحدة. كما نقل عن تقارير وكالة المخابرات المركزية أن البنك المركزي الصيني (PBoC) أصبح أكبر مشترٍ للذهب في العالم، باحتياطي يُقدّر ب 20 ألف طن من الذهب النقدي داخل الصين، فيما تمتلك روسيا نحو 15 ألف طن، في إطار التحضير لنظام نقدي عالمي جديد بقيادة دول BRICS Plus. نحو نظام نقدي عالمي بديل ويختم بن بوهالي تحليله بالإشارة إلى أن هذه التطورات تمهّد لقيام نظام عالمي جديد في مجال النقد والمدفوعات، يعتمد على اليوان والذهب بدل الدولار الأمريكي في التجارة الدولية، بما يشبه نسخة حديثة من نظام بريتون وودز الجديد (Bretton Woods 2.0)، الذي يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي على أسس متعددة الأقطاب.