خلال مداخلته في برنامج "هنا تونس" من تقديم الإعلامية ابتسام شويخة على إذاعة ديوان أف أم، وجه الكاتب والباحث طارق الكحلاوي انتقادًا لمقال رأي نُشر في صحيفة لابريس، معتبرا أنه يمثل انحدارًا غير مسبوق في الخطاب الصحفي المهني، حيث تبنّى أسلوب المواجهة مع ما وصفه ب"الذباب الفيسبوكي"، بنفس اللغة والأساليب التي يعتمدها هذا الأخير في التهجم والإساءة. وأوضح الكحلاوي أنّ الصحافة المكتوبة هي المرجع الأم والأساس الذي تُبنى عليه كل المنظومات الإعلامية، ولا يجوز لها النزول إلى مستوى الخطاب الشعبوي أو ردود الفعل الانفعالية، خاصة وأن صحيفة لابريس تمثل صورة تونس لدى البعثات الدبلوماسية الأجنبية وهي عنوان رئيسي للمشهد الإعلامي الوطني. وقال الكحلاوي: "المقال المذكور يعتمد نفس لغة الشتيمة والتهجم التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يسيء إلى الصحافة المكتوبة أكثر مما يرد على خصومها. الصحافة المهنية يجب أن ترتفع بالوعي، لا أن تدخل في معارك شعبوية تُفقدها مصداقيتها." سرحان الشيخاوي: لابريس "أكبر من دول" ومسألة الإساءة للصحافة لم تعد مقبولة من جانبه، عبّر الصحفي سرحان الشيخاوي عن دعمه لما طرحه الكحلاوي، مؤكدًا المكانة التاريخية لصحيفة لابريس التي تأسست سنة 1936، واعتبرها "مؤسسة عريقة أكبر من دول قائمة اليوم". وأضاف الشيخاوي أن المقال المعني تضمن خطابًا مسيئًا للرأي العام ولصورة الصحافة الوطنية، وبيّن أن مثل هذه الانزلاقات تؤثر سلبًا على ثقة المواطن في الإعلام وتُضعف القطاع الذي يعيش أصلاً أزمة بنيوية ومالية خانقة، من بينها غياب الدعم العمومي وارتفاع كلفة الإنتاج. وقال الشيخاوي: "الصحافة رسالة وليست منبرًا لتصفية الحسابات أو لتقمّص أدوار الذباب الإلكتروني. ما يُكتب أحيانًا يسيء للصحفيين قبل أي طرف آخر، ويجعل جزءًا من التونسيين يُصدرون أحكامًا قاسية بحق القطاع." وأكد كل من طارق الكحلاوي وسرحان الشيخاوي في ختام مداخلتيهما أنّ حماية الصحافة تمثّل مسؤولية وطنية تتجاوز الأفراد والمؤسسات، باعتبارها مرتبطة مباشرة ب سيادة الدولة وصورتها. وشدّدا على ضرورة الارتقاء بالخطاب الإعلامي وعدم السقوط في المهاترات أو الشعبوية التي تُضعف الثقة العامة وتُشوّه رسالة الإعلام. كما دعوا إلى دعم الصحافة المكتوبة بوصفها ركيزة أساسية للإعلام الوطني وأداة استراتيجية في تكوين الرأي العام. وأكدا أنّ النقد البنّاء يجب أن يقوم على المهنية والتحليل الرصين بعيدًا عن التحريض والمغالطات. واتفق المتحدثان على أنّ صون مصداقية الإعلام مسؤولية جماعية، وأنّ أي انزلاق غير محسوب قد يؤدي إلى تقويض الثقة بين المواطن ووسائل الإعلام في مرحلة تتطلب خطابًا مسؤولًا يعكس مكانة تونس وقدرتها على إنتاج إعلام مهني ووازن. تابعونا على ڤوڤل للأخبار