يبدو أن الأوضاع في مصر بدأت تشهد تطورات سريعة فبعد قرابة الأسبوعين من انطلاقة ثورة أبناء الفراعنة هاهو حسني مبارك يقدم تنازلات على غرار نظيره بن علي في بدايات الثورة التونسية ويبدو أن هذه التنازلات لم ترضي ملايين المتظاهرين المتجمهرين في ساحة التحرير بالقاهرة وفي مختلف المحافظات كما لم ترضي قبله تنازلات الجنرال في ثني الشعب التونسي الذي تجمهر في شارع الحبيب بورقيبة من إخراجه صاغرا ذليلا عن أرض الوطن ما أشبه اليوم بالبارحة لقد تعلم المصريون من أشقائهم التونسيين سياسة المرحلية بدآ بمطالب اجتماعية وسياسية وانتهاءبالمطالبة بطرد الدكتاتور خطى وسياسة نلاحظها جلية في المثال المصري الذي لم يستمع إلى توسلات مبارك ونظامه ووعوده بترك السلطة بعد ستة أشهر وأظن أن هذه الحيلة لن تنطلي علي الشعب المصري في المرحلة القادمة كما لم تنطلي وعود بن علي علي التونسيين جمعة الغضب التي انطلقت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي كانت تحمل معاني رفض الظلم من شباب داس الفرعون الجديد على كرامتهم وأذلهم بعد أن كانوا في عزة أيام الزعيم عبد الناصر منهم من قضى نحبه غرقا في عبارة أو محترقا في قطار بال ومنهم من قضى مهشما تحت عمارة شيدها فاسدوا رجل الأعمال المقاول أحمد عز القيادي في الحزب الوطني بعضكم سيقول أن ما حصل سرعان ما سينتهي لأن مؤيدي مبارك و"البلطجية" التابعين لنظامه سينهون هذه الثورة بأية وسيلة حتى لو أدى الأمر إلى دهسهم بعربات الأمن أو تحت حوافر الخيول والجمال وتقطيعهم بالسكاكين و"المطاوي" أقول بأن الشباب المصري لن ترعبه هذه الأعمال الإجرامية كما لم ترعبنا نحن التونسيون ميليشيات التجمع وقناصة الحرس الرآسي الملايين الذين تجمهروا في الشوارع المصرية هتفوا بقلب رجل واحد "مبارك ارحل" ولن يثنيهم أضاليل الإعلام الرسمي أو خطب علماء السلاطين عن عزمهم في تحقيق مطلب الحرية والإنعتاق من ظلم الدكتاتور لا أحد يستطيع إيقاف شعب عن قول كلمته ومن يشك في ذلك فعليه أن يراجع تاريخ الشعوب وخاصة تاريخ الشعب التونسي الذي ولد من رحمه شاعر الحرية أبو القاسم الشابي الذي آمن بقدرة الشعوب على تحديد مصيرها وكتب في ذلك بيته الشهير إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر كريم