لقد وقفت مشدوها وأنا أطالع مقالا في الصفحة الأولى لإحدى الصحف المشهورة التي تدعي أنها مستقلة ولا تتبع أي تيار سياسي لكن مضمون المقال يخفي انتماءات لا يمكن أن تمر دون التعليق عليها خاصة وأننا في مرحلة حساسة جدا كل كلمة تنشر أو تبث لها انعكاسات وتخمينات سبب تخوفي من المقال أنه كان لقاء مطولا مع شخصية شاركت بن علي في الاستيلاء على الحكم وإبعاد الزعيم الحبيب بورقيبة ودعنا نكن صريحين ونقول أن هذه الشخصية هي الساعد الأيمن لبن علي الذي شاركه عملية الانقلاب الأبيض ونقصد الحبيب عمار الذي تحدث عما حصل في السابع من نوفمبر بطريقة يبرأ فيها ذمته وذمة شخصيات تشارك اليوم في الحكومة الانتقالية ومن هنا نستشف خطورة الوضع إذا ربطنا ذلك مع تصريحات عديد الشخصيات المتهمة في وسائل إعلام أخرى خرج صحفيوها ليتظاهروا ضد سياستها التحريرية التي بدأت تتخذ منحا مغايرا لما كانت عليه أيام الثورة ولعلكم تتذكرون مقالي بعنوان " إعلامنا ما بعد الثورة " وقد تحدثت فيه عن التطورات الذي بدأ يشهده الخطاب الإعلامي لأني كنت مقتنعا حينها بأن هذه الخطاب قد تغير إلي الأفضل بعد سقوط الديكتاتورية ونفس الواجب يفرض علينا اليوم أن نعلن حالة الخطر بعد ظهور عديد المؤشرات غير المشجعة كتصريحات المقدم في قناة حنبعل السيد وليد الزراع حين هدد شباب الفايسبوك ودعا إلى ضرورة الحد من تناول الشأن العام على الشبكة الاجتماعية بتعلة الحفاظ على النظام العام والابتعاد عن استهداف الأشخاص بطريقة ذكرتنا بخطاب الدكتاتور صاحب كلمة "بكل حزم" ليست لي مشكلة شخصية مع السيد وليد الزراع أو غيره بل مشكلتي مع الخطاب الإعلامي الجديد الذي أصبح يفرض قيودا خفية على عكس ما وعد المشاهد به فمثلا لم تذكر كلمة واحدة في وسائل الإعلام باستثناء نسمة لأسباب مجهولة حول انتماءات الولاة الجدد وقربهم من الحزب الحاكم وما يشكله ذلك من استفزاز للمواطنين الذين ذاقوا ذرعا بهذا الحزب وتسلطه يبدو أن الفايسبوك سيصبح الملجأ الوحيد للشعب التونسي ليعرف الحقيقة "بلا مجاملة" بعد ما حدث من تراجع في المشهد الإعلامي وعلى كل الحال فالأمر ليس بهذا السوء ويمكن تجنب الأسوأ إذا وقف الإعلاميون وقفة رجل واحد لكبح جماح من يريد أن يرجعنا إلى المربع الأول