يعتبر حمة الهمامي الامين العام لحزب العمال الشيوعي من ابرز اوجه المعارضة التونسية غير المعترف بها قانونيا ابان حقبة حكم النظام السابق عرف عن هذا الاخير وحزبه انهم من بين الاحزاب والقيادات الوطنية التي همشت وقمعت من قبل اجهزة البوليس السياسي لانها خالفت اخلاق القطيع في مبايعة النظام واجهزته فرغم المحاصرة المالية والبوليسية ظلت قيادات هذا الحزب العريق متمسكة بنضالها حالمة في تحقيق اهدافها وطموحاتها. فحتى سنوات الجمر كما يصفها من اضطهد وكمم فاه عن الكلام وحتى في أكثر الأحيان عن الطعام لم يتورع الهمامي ومختلف قيادات الحزب الشيوعي عن مواجهة النظام وزبانيته في عقل داره وفي أقبية خزنته. فلعل هذه الخطوة في مواجهة الاستبداد والتشهير بانتهاكات النظام للحريات العامة والحقوق العمالية داخل البلاد بالإمكانيات المادية والإعلامية المتوفرة ان ذاك قد يضفي شرعية نضالية تاريخية على هذا الحزب على خلاف بعض الأحزاب التقدمية الإصلاحية الأخرى التي كان موقفها من القمع والاضطهاد رهين مصالح منفعية ضيقة ورهين تقدير سياسي خاطئ مفاده ان امكانية الاصلاح والتغيير صلب النظام واردة وممكنة. تحققت أمال وأهداف اليساريين في التغيير الثوري فالثورة تمثل عندهم وفي إيديولوجياتهم العمود الفقري لنضالاتهم ومنتهى طموحاتهم وفكت اغلال الرفاق وشرعوا في العمل القانوني والعمل السياسي المهيكل. فرغم عراقة الحزب النضالية والتأسيسية فانه يعرف داخل الأوساط الشبابية التونسية بانه حزب نخبوي وحكر على النخبة المثقفة التي تعلق قلبها بماركس ونظرياته الاقتصادية والاجتماعية فلفهم ايديولوجيات هذا الحزب وتمثلات عماله وجب على منخرطيه جزء ليس بهين من الدراية والثقافة العامة. اسباب يرى فيها منتقد والحزب وحتى الاحزاب التي خرجت عن السرب ومن رحم الحزب الشيوعي انها وراء عدم قدرة الحزب على الاستقطاب والتعبئة الجماهيرية العريضة التي قد تضمن له تموقع سياسي جيد يليق بحجم نضاله وتاريخه. فما يميز حزب العمال الشيوعي عن رفاقه اليساريين عدم قدرة كوادره الخروج من الاطارات الايديولوجية والنظرية المتعالية عن الواقع ومتطلباته الحسية التي تعيق التحامه بالشعب والكادحين وبقائه بتقوقع داخل أبراجه العاجية المتكلسة. وهذا في حقيقة الامر ما يقيم الحجة على ان حزب العمال الشيوعي مثل على مدى التاريخ نقطة عبور لعديد الاحزاب اليسارية التي تجاوزت صراع الايديولوجيات وكيفت منطلقاتها الحزبية مع ما يتطلبه الواقع في حين بقي الحزب الام الى حد الان لم يبرح مكانه.