لم تكن تلفزتنا،و الرأي يلزمني و إن كان يوافقني عليه كثيرون،في أي فترة و لا في أي مرحلة ،على مثل هذه الحال من "التراجع"، على مستويات الأخبار و البرامج و المنوعات و خاصة خلال الشهر المعظم الذي عودتنا فيه على برامج نوعية تونسية و حتى أجنبية مميزة،و انضاف إلى هذا"التراجع"هذا العام ما تشهده المؤسسة من"إقصاءات "متتالية و"لخبطة"في البرامج بأنواعها لأسباب مجهولة تجعل المشاهد يظن أن التلفزة التونسية مؤسسة خاصة و ليست مرفقا عموميا من حقه المطالبة بنوعية برامج جيدة و بأخبار محينة باستمرار ،بلأنه ببساطة"يدفع"من جيبه من أجل ذلك. مؤسسة التلفزة التونسية التي تعددت فيها التجاذبات و الانتماءات و التكتلات و الولاءات و"المشاكل"غير المبررة و قد تكون شخصية،لم تتمكن من تعديل الكفة وتغليب المصلحة الوطنية عبر تحييد البرامج والابتعاد عن الارتجال ،و بالتالي الايمان العميق بما حققته الثورة،و ظلت الإدارة مصرة على تجاهل كل الملاحظات التي تصلها و رفض عملية التعديل على أساس أن الأوضاع لم تعد هي ذاتها بعد الثورة.فشريط الأنباء الرئيسية ليس سوى"شكشوكة"لا طعم لها و لا انتماء،توزيع الأخبار غير عادل و المعلومات غير مبوبة،و لا ننسى مشكل عدم الإلمام بالمواضيع عند طرحها مما يجعله سطحيا و غير مكتمل أو "خارج المرمى"مثلما يقال في مجال كرة القدم،إضافة إلى إدراج الإشهار في شريط الأنباء،فمن خبر حول الأحداث الجارية في ليبيا إلى لقطة إشهارية حول الهريسة أو الطماطم أوغيرها،و هو لا يسيئ فقط إلى الأخبار و إلى حرفية الصحفيين بل و إلى مصداقية المؤسسة في تعاملها مع الأخبار رغم أن الهدف من الإشهار هو تحقيق بعض المداخيل المالية لتطوير المؤسسة. مسلسل التراجع تواصل في التلفزة التونسية باتخاذ إجراءات غير مبررة ضد بعض الصحفيين و المقصود ليس الصحفي عماد بربورة الذي منع من تقديم النشرة الرئيسية منذ مدة بل أسماء أخرى بعده ،مما يدفع على التساؤل و بعد محاولات ربء الصدع ،إلى متى هذا التراجع و كأن المؤسسة ملك خاص و ليست مؤسسة إعلامية عمومية من واجبها الاستجابة لانتظارات المتفرج؟ من بإمكانه التدخل لوقف هذا"النزيف" سوى النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين المؤهلة للتدخل لفرض احترام أخلاقيات المهنة الصحفية؟أم أن علاقة النقابة بإدارة التلفزة في أفق مسدود حاليا و لا توجد أية أرضية تفاهم بين الطرفين؟ الأكيد أن التونسي عموما مستاء من تلفزته،والصحفيون غير راضين عن واقعهم،ونقابة الصحفيين لن تقبل تواصل هذا الوضع القاتم ..و الأكيد أيضا أن ما يحدث في التلفزة ورد ذكره في بيان نقابة هذه المؤسسة الصادر يوم الثلاثاء أكبر من هذه المساحة و أبلغ مما قيل،و أن الوضع يحتاج تدخلا"جراحيا"عاجلا...