لا ينفك الدكتور منصف المرزوقي يدعو التونسيين إلى انتخاب ثلاثة أحزاب فقط وهي حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية و حركة النهضة و حزب العمال الشيوعي و هذا ما حصل أيضا منذ أيام خلال زيارة أداها المرزوقي إلى قبلى. المنصف المرزوقي يعتبر أن نجاح المسار الانتخابي و بداية ارساء نظام ديمقراطي مرتبط أساسا كخطوة أولى بمعاقبة الأحزاب التجمعية و عددها كبير و أيضا بمعاقبة أحزاب المال القذر التى تنتهج نهج المنافسة الغير شريفة و ذلك بعدم التصويت لها . ما يدفع المرزوقي أيضا للدعوة إلى انتخاب ثلاثة أحزاب فقط هو خوفه من ولادة مجلس تأسيسي متشرذم يكون فيه الوفاق ضربا من المستحيل و يتكرر بذلك السيناريو الذي حصل في هيأة الإصلاح السياسي فهذه الهيأة رغم انه لم يشارك فيها جميع الأحزاب واقتصرت فقط على حوالي 12 حزبا كانت السمة الغالبة على أعمالها غياب التوافق الذي ترجمته النقاشات الحادة والإنسحابات المتتالية. قد يكون المرزوقي بموقفه الداعى إلى انتخاب ثلاثة أحزاب فقط مخطئا خاصة في حق بعض الشخصيات المستقلة على غرار صلاح الدين الجورشي و مختار اليحياوي ... الذين لايشك أحد في نضالاتهم و في أهمية وجودهم في مجلس سيؤسس لتونسالجديدة لكن يجب الأخذ بعين الإعتبار أن كلام المرزوقي فيه جانب كبير من الصحة فولادة مجلس يكون بمثابة الفسيفساء السياسية تجمع عشرات الأحزاب و عشرات المستقلين سيؤثر سلبا على عمل المجلس حتى أنه هناك من يقول أنهم لن يتفقوا حتى على أماكن جلوسهم فكيف بتعيين حكومة و رئيس دولة و صياغة دستور. لا يمكن لأحد أن يشك في قدرة المرزوقي على التحليل و التنبؤ و الإستشراف فبالعودة قليلا إلى الوراء بالتحديد في أفريل 2010 نذكر أن منصف المرزوقي تنبأ بسقوط نظام بن علي و بقية الأنظمة العريية و ذلك على قناة الجزيرة في برنامج الإتجاه المعاكس عندما كان يضع نظاراته القديمة و ها هو الآن بنظاراته الجديدة ينبه التونسيين الى عدم تشتيت أصواتهم و يدعوهم إلى التصويت إلى أقل ما يمكن من الأحزاب . إن دعوة التونسيين إلى انتخاب أقل ما يمكن من الأحزاب و التى توصف في غالب الأحيان بالأحزاب الثورية لا يتعلق برفض التعددية الحزبية بل يتعلق بتسهيل عمل المجلس التأسيسي الذي يجب أن يكون سيد نفسه لا سجين تعددية سلبية لن تكون سوى أغلالا تكبل عمله و وحدهم التونسيون و لأول مرة في تاريخ تونس سيشاركون في أول انتخابات حرة و سيقررون بعد حوالي 48 ساعة مصير المجلس .