عرفت الحصة المسائية من أشغال المجلس التأسيسي ليوم الخميس 8 ديسمبر أجواء متوترة وخلافات جوهرية بدأت مع مناقشة الفصل السابع من القانون المنظم للسلط العمومية المتعلق بتفويض المجلس لصلاحياته لرئيس المجلس التأسيسي و رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة و تصاعدت وتيرتها مع الخوض في تفاصيل الفصل المتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية . ما كان واضحا هو أن بعض النواب يرون أن صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها في الفصل المعني تجعل من الرئيس مجرد ديكور لذلك تضمنت مداخلات عدد منهم في طياتها اتهاما للإئتلاف الثلاثي بالرغبة في التغول على السلطة و ربما في تسخيرها بيد حركة النهضة . وفي هذا الإطار و بعد النقاش المستفيض الذي حصل تدخلت الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي وعلى التوالي تدخل سمير الطيب عن القطب الحداثي الذي يصفه الكثيرون بحزب أكبر البقايا ثم زعيم الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي و هدد الثلاثة بمقاطعة التصويت على مشروع القانون المنظم للسلط على خلفية ما أسموه عدم التفاعل مع المعارضة في تعديل فصل يعتبرون أنه أفرغ منصب رئيس الجمهورية من محتواه . على إثر ذلك تدخل الأستاذ محمد عبو عن المؤتمر من أجل الجمهورية و لاحظ وجود خلط لدى البعض في المصطلحات و المفاهيم القانونية التى ربما جعلت من فهم الفصل أمرا عسيرا عليهم لكن مداخلته تضمنت أيضا ردا على الإتهامات التى يوجهها البعض مباشرة أو ضمنيا للإئتلاف أو للأطراف المكونة له . محمد عبو أكد أن هناك أطرافا الآن لا تبحث عن الوفاق رغم أنها قبل 14 جانفي قدمت لبن علي تنازلات و أشار إلى أنها بعد أن انهزمت في الإنتخابات تورطت في لعبة خطيرة و تعمل على ضرب حركة النهضة فتقوم الآن بتحريك الإعتصامات و بث الفوضى البلاد . ما قاله محمد عبو أثار حفيظة و غضب إياد الدهماني عن الحزب الديمقراطي التقدمي الذى صدرت عنه على غير العادة ردة فعل هستيرية فقد على إثرها لا إراديا سيطرته على حباله الصوتية و دخل في نوبة صراخ و كما يقول المثل الصراخ أضعف سلاح فكأنه بذلك أقر بأن ما جاء في كلام محمد عبو أو جزء منه ينطبق عليه أو على حزبه . و يبدو أن مواصلة بث أشغال المجلس التأسيسي ستكشف لنا العديد من الحقائق و ستسقط الأقنعة عن كثيرين ممن يتشدقون بالحرية و التعددية و قلوبهم مليئة بالحقد و الكراهية و لايستوعبون قواعد اللعبة السياسية التى تقوم على التنازل و الوفاق بين الأغلبية و الأقلية كما لا يعملون سوى على تعطيل و عرقلة العملية السياسية .