حسان لوكيل لقد تبين فعلا أن حقوق الإنسان و بالتحديد حق المساجين في محاكمة عادلة و رعاية صحية و معاملة انسانية كذبة من كذبات ثورة الكرامة و الحرية . سيسجّل التاريخ أنه بعد أكثر من عام و نصف على اندلاع الثورة و في ظل أحزاب و منظمات و حكومة جاءت من رحمها توفي السجين بشير القلى صاحب ال 25 سنة بعد إضراب جوع دام حوالي شهرين . بشير القلى المعروف في مدينة بنزرت بتدينه و حسن أخلاقه و سلوكه نقل الثلاثاء إلى المستشفى في حالة حرجة و توفّي يوم الخميس 15 نوفمبر 2012 تاركا وراءه زوجة و طفلا عمره فقط 6 أشهر . بشير القلى بدأ إضرابه عن الجوع قبل حوالي شهرين احتجاجا على اعتقاله بسبب الإشتباه في مشاركته في أحداث السفارة الأمريكية يوم 14 سبتمبر دون توجيه أي تهمة له و دون تعيين موعد لأي جلسة . عائلته سعت جاهدة إلى دعمه و مساندته عبر محاولة الإتصال بوزراء في الحكومة و برموز في المجتمع المدني لإيصال صوته ومعاناته . السقوط الأخلاقي لرابطة حقوق الانسان التونسية لكنها لم تكن تجد سوى التطمينات و شعارات حقوق الإنسان التى ثبت أنها كاذبة فلم يتحرك و لم يستجب أحد فقط لأنه شاب من المحسوبين على التيار السلفي الذي يدعو بعض الساسة إلى إقصائه و سجنه و حتى تهجيره . المؤسف هو أن أغلب وزراء هذه الحكومة هم من أبرز و أكثر من شربوا من كأس الظلم و ذاقوا ويلات الإقصاء و الإضطهاد و التعذيب و غيرها من المعاملات اللاإنسانية في السجون و خارجها . الحكومة أخطأت في عدم إعطاء أهمية لإضراب شاب محسوب على تيار يطالب البعض بإقصائه حتى أن كتلة حركة النهضة في المجلسي التأسيسي طالبت بفتح تحقيق في ظروف سجن و رعاية بشير القلى قد يتوّج بإقالة وزير العدل أو أنه يجب أن يتوّج بذلك . ليست الحكومة وحدها المذنبة فكذلك هم نوّاب المجلس التأسيسي الذين نسمع صراخهم في الجلسات العلنية على أتفه الأسباب و لم نسمع لهم صوتا يتحدّث عن معانات بشير القلى ,لا النواب عن جهة بنزرت و لا غيرهم من المناضلين الثوريين . كذلك الشأن بالنسبة للجمعيات و المنظمات التونسية التى تكسب أموالا طائلة من وراء رفعها شعارات حقوق الإنسان و مناهضة التعذيب و مساندة المساجين. فبشير القلى في النهاية في نظر أغلبهم ليس انسانا بل مجرّد سلفي رجعي ظلامي متخلّف كغيره من السلفيين يهدّد نمط حياة التونسيين الحداثي المتقدّم و المتطور الذي تنشده حتى بعض الدول المتقدمة . للأسف بان بالكاشف أن بعضا من سلبيات الثورة أو سلبيات من يركبون عليها بمختلف أطيافهم و انتماءاتهم هو أنهم نجحوا في تقسيم الشعب حتى أصبح همّ و معانات جزء منه لا يعنى الجزء الآخر لكن وفاة بشير القلى ستبقى وصمة عار على جبين النخبة السياسية حكومة و أحزابا و منظمات و جمعيات .