بقلم الأستاذ بولبابة سالم عندما سئلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل النصف النهائي الأول في كأس رابطة الأبطال الأوروبية بين بيارن مونيخ و برشلونة : هل قرّرت الحضور لمتابعة اللقاء ؟ أجابت : " بل سأحضر النهائي في ملعب " ويمبلي " الشهير بين بوروسيا درتموند و بيارن مونيخ ". تلك هي العقلية الألمانية , ثقة عالية في النفس , الإيمان بقيمة العمل , الكثير من الفعل و القليل من الكلام . كثيرون توقّعوا نهائيا اسبانيا خالصا بين برشلونة و ريال مدريد لكن الماكينات الألمانية عصفت بأحلام الإسبان و لقّنتهم درسا قاسيا في كرة القدم . لقد حاولت أجهزة الإعلام النفخ في صورة نجوم الليقا الإسبانية و الحديث عن صفقاتهم الخيالية و أجورهم التي يتلعثم اللسان في سردها و انساق اعلامنا أيضا في هذا الموضوع . تابعت مثل غيري من التونسيين و عشّاق كرة القدم نهائيا من أعلى طراز بين العملاقين الألمانيين في ملعب هو أشبه بتحفة فنية جميلة أعاد الأنقليز تشييده قبل 5 سنوات بعد انتهاء عمره الإفتراضي { أما ملاعبنا فهي خالدة } , حضرت أنجيلا ميركل مثلما وعدت في عرس رياضي ألماني خالص في قلب العاصمة البريطانية و تابعنا مباراة شكّلت درسا لمن يريد تطوير ناديه و الرياضة عموما . العقلية الألمانية تقدّس العمل و الإنضباط و لا تهوى الثرثرة و كثرة الكلام , يحترمون قانون اللعبة و لا يعلّقون الخسارة على شمّاعة التحكيم و الغرف المغلقة , لم نسمع بفريق ألماني سعى للقيام بصفقات خيالية رغم قدرتهم على ذلك { الإقتصاد الألماني هو الثالث في العالم و لا يقارن باسبانيا } بل ينتدبون لاعبين يتماشون مع خصائص الكرة الألمانية و يجعلوهم نجوما { لاعبين من كرواتيا و بولونيا و المجر ...} ثمّ يفوّتون فيهم بصفقات رابحة . شعرنا بالخجل و نحن نرى الفريق المنتصر يواسي الفريق المنهزم , و تابعنا كيف وقف لاعبو " دورتموند " أمام جماهيرهم لتحيّتهم و شكرهم و الإعتذار منهم على الهزيمة رغم غزارة المردود . هل شاهد أحدكم من يجري وراء الحكم ؟ هل تابعتم مسؤولون يتحدّثون عن الأمور الفنية؟ هل رمى الجمهور القوارير على الحكام و اللاعبين ؟ في برامجنا الرياضية يتحدّثون عن كل شيء إلا عن كرة القدم . مسكينة هي الرياضة عندنا , و الغريب أنّ رياضيينا معجبون بكل محاسن الكرة الأوروبية لكن لمّا يعودون إلى ملاعبنا يصنعون العجائب و الغرائب . لذلك يصدق فيهم قول الشاعر أمل دنقل :" قتلتنا الردّ , قتلتنا الردّة حتّى صار الواحد فينا يحمل ضدّه ". و شكرا لألمانيا .