بقلم الأستاذ بولبابة سالم ما أشبه اليوم بالبارحة , نفس الجوقة التي كانت تكيل حملات التشويه و الكذب على المناضل الحقوقي و المعارض الشرس لنظام بن علي الدكتور المنصف المرزوقي بسبب مواقفه المبدئية المناهضة لكافة أنواع الإستبداد و دفاعه عن كل المعارضين المضطهدين في تونس و خارجها تعيد اليوم نفس الإسطوانة المشروخة ضدّ نفس الشخصية التي تتولّى اليوم رئاسة الدولة بعد الثورة { يعزّ من يشاء و يذلّ من يشاء } . السبب هو موقف رئيس الدولة الذي عبّر عنه في خطابه على منبر الجمعية العامة للأمم المتّحدة و الذي طالب فيه صراحة السلطات الحاكمة في مصر بإطلاق سراح الرئيس محمد مرسي و كل المعتقلين السياسيين لتخفيف حالة الإحتقان و العنف التي تطال مصر الشقيقة هذه الأيام , قد نختلف مع الرئيس المنصف المرزوقي في الكثير من مواقفه كما نختلف مع سياسة الإخوان المسلمين في مصر و حكم الرئيس محمد مرسي لكن وجود رئيس منتخب قيد الإعتقال و السجن في مكان مجهول بسبب انقلاب عسكري يفرض على الديمقراطيين و الحقوقيين المطالبة بإطلاق سراحه و رفض الإنقلاب كما عبّر عن ذلك ذات مرّة صراحة السيد أحمد نجيب الشابي تحت قبّة المجلس الوطني التأسيسي . الديمقراطية ليست شعارا يرفعه بعض الإنتهازيين و تجّار السياسة الجدد في سوق المقاولات السياسية بل هي سلوك و مواقف دفع الكثيرون ثمنا باهضا من أجلها من هرسلة بوليسية و نفي و ترهيب و سجن يعرف التونسيون جيّدا أصحابها و روّادها . لقد عشنا و شفنا من صمتوا دهرا و لم يصدروا بيانا واحدا و لا موقفا يتيما في سنوات الجمر ضدّ مختلف الإنتهاكات الوحشية التي طالت المناضلين ضدّ الإستبداد ليرفعوا أصواتهم اليوم رفضا لتصريحات المرزوقي و كأنّ الرجل ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون بل و اعتبروا الأمر تدخّلا في شؤون دولة شقيقة لتغيب المبادئ و المثل و الأخلاق في إطار السعي المحموم نحو الكراسي , هؤلاء هم الذين يطلبون لقاء السفراء للتدخّل في شؤون بلادنا الداخلية من أجل الضغط على خصم سياسي , و لأنّ الذكرى تنفع المؤمنين فقد صرّح السيد عبد القادر حجار سفير الجزائربتونس لجريدة الشروق الجزائرية منذ أيام بأنّ كل لقاءاته مع رؤساء الأحزاب في تونس تمّت بطلب منهم , و لا تسأل عن الجولات المكوكية لسفراء الولاياتالمتحدة و ألمانيا و فرنسا في بلادنا , فلماذا يُسمح لهؤلاء بالتدخّل في الشأن الوطني و يستكثرون على المرزوقي طلب إطلاق سراح رئيس مسجون . للإشارة فقد طالب الرئيس أوباما نفسه بإطلاق الرئيس مرسي منذ فترة . لقد كشف الرئيس المرزوقي مرّة أخرى عن الديمقراطيين المزيّفين و فضحهم أمام الرأي العام كما أظهر تعطّشهم المرضي للسلطة دون تفويض شعبي , كما كسب الرجل احترام أحرار العالم الذين يعرفوه جيّدا و زادت ثقتهم به كشخصية حقوقية قادرة على المساهمة في نجاح المسار الإنتقالي الصعب . هم باختصار شديد من صفّق للإنقلاب في مصر و يحلمون به و يسعون إليه في تونس لكن الشعب خذلهم كما خذلتهم المؤسسة العسكرية و الأمنية .