أبو مازن لم يكد يتم السنة في الحكم "الصوري" حتى قامت القيامة وهبت الناس أفرادا وجماعات تطالب بتنحيته ومحاكمته وتصفية جماعته. قيل يومها ان الجمع بلغ الثلاثين مليونا بالقاهرة وحدها وقد صرخت حناجرهم "ارحل" لغلاء الاسعار وافتقاد أنبوبة الغاز والسولار والرغيف و كافة المرادفات لشظف العيش و حبس القوت. كان الاعلام المعادي لمرسي يتكلم يومها بكل صراحة، يطرح تأويلاته ويعرض رسالة وجهها مرسي لاسرائيل بمناسبة تبادل السفراء، كانت يومها تُنتقى ألفاظ الخيانة والعمالة فتصب في خانة مرسي وأعضاده. ظننا لوهلة ونحن بعيدون جغرافيا عن غزة وفلسطين ان الجيش المصري يترصد الصهاينة و يستعد للتنكيل بهم كما فعل أيام أكتوبر 73 ولكن مرسي عائق نحو هذا التقدم ولا بد من ازاحته. كم كان المصريون حمقى و مغفلين لما صدقوا كل هذه الترهات ونسوا للحظة أصل و فصل مخاطبهم وهو يدّعي ان الواجب الوطني دعاه للانقلاب و مؤازرة الشعب الذي ضل يجري و يلهث وراء الرغيف والبوتاغاز. كم كان بيننا حمقى مغفلين لما هرعوا يساندون الانقلابين نكاية بالإخوان والاسلام السياسي متناسين ان الانقلاب على شرعية الانتخاب لا تثمر ولا تبني البلدان. صدقنا انفسنا وقلنا في لحظة يأس ربما يكون مرسي قد استعجل الاصلاحات و أسلمة المجتمع كما يقال فلم يتدرج ولم يولي للمرحلية أهمية فنال ما نال. لقد انتفض عديد التونسيين مولولين بحكمة اسلامي تونس لما تعاملوا بكل حذر مع الانقلابين حتى خفت صوتهم و فشلوا في مخططهم. هنا تختلف الآراء بين ضعف الاجهزة المسلحة التونسية لمعاضدة الانقلاب و ثقافة التونسي المتسامحة التي تكره القمع والقتل والدم. هنا رجّح كل ما يرى حسب وجهة نظره ونسي العدو الصهيوني الذي ارتبك منذ الدقائق الأولى للثورة التونسية. كان لابد من ايقاف هذا النزيف الثوري الذي أتى على معظم الدول العربية و أصبح قاب قوسين أو أدنى من القدس فنتذكر مجد صلاح الدين وقطز و نعيد سطوة الأجداد فنحفظ البلاد والعباد. لقد أوعزت الصهاينة الى بني عربان الخليجية أن قوموا لحكمكم فأحفظوه من أصحاب الدين الجديد الاخواني الذي يخالف سنتكم ومذهبكم ويريد ان يبدد عرشكم. فصدقوا على عجل وسكبوا الاموال لكل ثورة مضادة تبعد شبح الربيع العربي عن حصونهم وقلاعهم. وفي مرحلة ثانية هب الصهيوني الى عملائه في العالم ومصر يحركهم ضد مرسي الذي بات مقاول اسلحة وذخيرة لكتائب المقاومة الفلسطينية، لا يبخل عليهم بفتح الحدود و حفر الانفاق والتجول بين عواصم العالم للتعريف بالمقاومة الباسلة. ذلك السبب الرئيسي الذي استعجل لأجله سقوط مرسي بينما تركت اسرائيل و حلفاؤها بشار القاتل لتدبيره ولم تعره أي اهتمام وتركت المالكي ينهش لحم السنة ولم تحاسبه الحساب العسير. علمنا اليوم من دعّم المقاومة ومن خذلها ومن يسير في ركب كيان الغاصبين، فلقد اكتفى المسكين بسنة واحدة فعل فيها الافاعيل وصير نصرا نوعيا لكتائب القسام وسرايا القدس وغيرها من الاجنحة المسلحة فارتبك بني صهيون وندموا على أيام ترك الحكم فيه لمرسي وللاخوان.