بقلم: شكري بن عيسى (*) غريب عجيب امر هذه النخبة صاحبة المقاربات التافهة من الاعلاميين التي لا تنظر سوى للسطح في الظواهر ولا يشدها سوى هوامش الاحداث مدعية المعرفة واكتساب الحقيقة ورقة المشاعر ونبل الاخلاق.. ان لا يهم مكي هلال وسمير الوافي من فناني ومنظمي احتفالات راس العام سوى ان يتطوعوا بعائداتهم من الحفلات المذكورة للمسحوقين تحت البرد القارس في الجبال والمناطق القارسة والتفكر فيهم و"الاحساس" بهم والانشغال بمعاناتهم.. فهذا عين السطحية والتفاهة.. المسألة فعلا اعمق من ان ينظر للمسحوقين بعين "الرأفة" ومشاعر "الاشفاق" والتصدق عليهم ببعض "الفتات" ووضعهم في وضع الاستجداء والتسوّل.. واختزال معاناتهم في قساوة الطبيعة.. كل ذلك يخفي ويطمس حقيقة الغبن والظلم المسلط لعشرات السنين على هذه الفئات والجهات المحاصرة والمنهوبة من قبل اغلب الذين يترفهون و"يتشخنعون" في النزل الفارهة والعلب الليلية الصاخبة.. من يدفع 1000 دينار للدخول لحفل قد ترتفع كلفته بين عشاء ومشروبات كحولية وغيرها من "المناشط" الى اضعاف هذا الرقم.. ومن يحيي من الفنانين حفل بمقابل عشرات الملايين وحتى المئات.. ومن ينظم من النزل والعلب الليلية وحتى الحدائق والمزارع الخاصة حفلات بآلاف الملايين (يعني بالمليارات).. هم في اغلبهم من نهب اموال الشعب ونهش كل حقوقه وكرس التهميش وسحق فئات واسعة وعزل جهات بعينها.. انها عصابات في اغلبها في شبكات منظمة ومراكز نفوذ ضمن منظومة الليبرالية المتوحشة التي كرست الفساد والاستبداد.. وحطت من قيمة الانسان لحساب مجموعات من اللصوص المحصنين بالاعلام والقضاء والسياسة وايضا بسذاجة وسلبية اغلبية الناس.. الذين نرا فيهم من المسحوقين ويظلون يجمعون من المال الاشهر للحضور مع جلاديهم في نفس الحفلات.. لمحاكاتهم في ترفهم والتشبه بهم في حركة اغتيال لضمائرهم.. او في الحد الادنى تخديرها.. برؤية لحظات "وردية" في لفيف حياتهم البائسة!! لسنا بصدد "استكثار" الخير على من ينعم به كما سيبدو للبعض.. كما اننا لسنا بصدد رفض "نمط عيش" بعض التونسيين او مصادرة خياراتهم الشخصية كما سيظهر للعديدين.. ولكن ان تظل جهات كاملة مسحوقة بعد ثورة نشدت الكرامة والعدالة في التنمية والتشغيل والعيش الكريم عبر التوزيع العادل للثروة.. فهذا ابرز دليل على استمرار النهب والفساد والمحسوبية مع بقاء كل اغلب المجرمين خارج دائرة المحاسبة وتكريس الافلات من العقاب.. واستأثارهم بثروات الوطن ومال الشعب.. وهذا الاسبوع عايشنا كم كانت الهجمة شرسة من كل "القطط السمينة" ضد العدالة الانتقالية وهي في منطلق مسارها.. والهدف لا يخفى حتى تظل الجرائم مدفونة ولا يتم استرجاع الاموال المنهوبة.. اما ان يهتم صحفيونا الكرام بالحواشي على حساب القضايا الجوهرية فهذه هي القساوة الحقيقية التي تتجاوز بآلاف المرات قساوة الطبيعة على شدتها وحدتها على اهالينا في الجهات المسحوقة!!!