أكّد الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالحوكمة ومقاومة الفساد عبد الرحمان الأدغم أهمية مبدأ الحياد في حياة الدولة، وسيرورتها، وآلياتها، واستمراريتها، وتحقيقها للصالح العام. مبينا أنه "بما أن الوضع الاستثنائي الذي تمر به تونس يفرض توفير جميع أسباب الانتقال الديمقراطي من أجل بناء مجتمع ديمقراطي ودولة قانون، فإنّ جملة من المبادئ لا بدّ أن تحترم أثناء القيام بالإصلاحات القانونية والمؤسساتية من بينها مبدأ الحياد في المرافق العمومية." وجاء ذلك خلال إشرافه أمس الجمعة 5 أفريل على افتتاح ملتقى حول "مبدإ الحياد في المرافق العمومية والانتقال الديمقراطي"، الذي تمّ تنظيمه من قبل الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الإدارة وشارك فيه عدد من الإطارات من مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية وقضاة وممثلين عن المجتمع المدني. وأوضح عبد الرحمان الأدغم أنّ الحياد هو ركن من أركان الدولة العصرية، وهو أحد الشروط الأساسية للمشروعية الحقيقية للمرفق العام وهي مشروعية الثقة ، مضيفا ان ثقة الجمهور أو المواطن في المرفق العام وفي الدولة يكسبها مشروعية أقوى من شرعيتها التقليدية، المتأتية من انتخاب الشعب للقادة السياسيين الذين يشرفون على تسييرها. وأفاد الأدغم أن معيار الثقة في الدولة، المبني أساسا على مبدأ الحياد، سيصبح أحد ثوابت الحوكمة الرشيدة التي ستعتمدها المنظمات الدولية وخاصة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OCDE من هنا فصاعدا، حسب تعبيره، مبينا أنّ مفهوم الحياد المقصود هو حياد الدولة برمّتها لانه متعدّد الأبعاد، ويلمس جميع مفاصل الدولة. وأشار إلى أن الحياد يجب أن يكون حيادا تشريعيا، وحيادا مؤسّساتيا، وحيادا قضائيّا، وحيادا إداريّا، وحيادا إعلاميّا، وحيادا نقابيّا، وحيادا أمنيّا وحيادا عسكريّا ، أي أنّه يهمّ جميع مرافق الدولة التي يجب أن تنأى وتسمو في كلّ الحالات عن التجاذبات السياسية والحزبية، والمصلحية، والمحسوبية، والمحاباة، والمعتقدات الدينية والفلسفية، والميز بين العباد والفئات والجهات، لأيّ سبب من الأسباب. وشدّد الأدغم على أهمية حياد رجال الدولة. قائلا إنّه حتّى رجل السياسة الذي يسعى دائما لتغليب المصلحة الحزبية، فعندما يصبح نائبا للشعب أو وزيرا، فإنّه يصبح بالضرورة عونا عموميّا يتعيّن عليه التجرّد من كل الحسابات السياسية والالتزام بمبدإ الحياد، باعتباره أصبح يساهم في تسيير الدولة وبالتالي لا بدّ أن يلتزم بتحقيق الصالح العام ولاشيء غير المصلحة العامة. وبين عبد الرحمان الأدغم أنّه انطلاقا من أنّ الحياد هو أحد ركائز الحوكمة الرشيدة، إلى جانب الشفافية والنزاهة والنجاعة، والتي بدونها لا يمكن الحديث عن دولة قانون ولا عن مؤسسات ديمقراطية ولا عن انتقال ديمقراطي، أولت وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد أهمية خاصة لمبدإ الحياد في جميع المشاريع التي شرعت في إنجازها، بالتعاون خاصة مع المنظمات الدولية، وطبقا للمعايير العالمية وأحسن التجارب المقارنة في هذا المجال.