نشر موقع "ويكيليكس" مؤخرا ما يقارب مليوني برقية للدبلوماسية الأمريكية في الفترة ما بين 1973 1976 تحت عنوان "مراسلات كسينجر"، وتشمل هذه الوثائق كافة دول العالم. ومن بين الوثائق المفرج عنها، بضع مراسلات السفارة الأمريكية بالكيان الصهيوني أثناء حرب أكتوبر 1973 إلى البيت الأبيض إذ مدّ السفير الأمريكي كينيز كيتنج في تل أبيب آنذاك الإدارة الأمريكية بالتحليلات الاستراتيجية للحرب بشكل دوري. وقد كتب كيتنج بتاريخ يوم الاثنين 8 أكتوبر 1973 في إحدى مراسلاته المختومة ب"سري" "ونحن ندخل اليوم الثالث في الحرب أشعر بأن احتمال انتصار إسرائيل في المواجهة ليس مؤكدا"، حسب ما جاء في المراسلة المنشورة. وتابع السفير الأمريكي في نفس الرسالة القول إنّ "الحكومة الإسرائيلية تعزل شعبها عن الصعوبات التي يواجهها الجيش في الحرب نتيجة دافع رئيسي يتمثل في الحفاظ على الروح المعنوية للعامة، ودافعا قد يكون ثانويا ويدور حول عزل الأردن عن المعركة وعدم إعطائها دافع الانزلاق للمواجهة، فالحفاظ على المملكة الأردنية خارج إطار القتال أولوية قصوى لإسرائيل تجنبا لتعقد الأوضاع على الجبهة". أمّا يوم الثلاثاء 09 أكتوبر نت نفس العام فقد أرسل كيتنج إلى الإدارة الأمريكية برقية "سرية أشار فيها أنّ أداء الكيان الصهيوني يتحسن على الجبهتين السورية والمصرية، ويتطلب هذا الأداء تحديد واشنطن لسبل تأثيرها على القرار الصهيوني في الحرب، ما قد يمنحها فرصة للتأثير على مرحلة ما بعد المعركة وفق البرقية التي نشرها ويكيليكس. وأكّد كيتنج في هذه البرقية أنّه علم من مصادر صهيونية أن أصوات الانتقادات ترتفع داخل الحكومة الصهيونية إثر الفشل في توجيه ضربة استباقية للقوات المصرية والسورية قبل السادس من أكتوبر، وكذلك نتيجة تأخر إعلان التعبئة العامة. واعتبر السفير الأمريكي كينيز كيتنج في تل أبيب آنذاك نجاح الكيان الصهيوني في دفع القوات المصرية والسورية إلى حدود ما قبل السادس من أكتوبر وتدمير معداتهم العسكرية بشكل كامل يضر كثيرا بمسار التسوية السياسية، وأيضا سيخسر الكيان الصهيوني تعاطف العالم الذي حازه بعد ظهوره في صورة الضحية. وقال كيتنج إنّ على الولاياتالمتحدة أن تضغط على الدولة الصهيونية لإعلان موقف واضح من تدمير المعدات المصرية واحتلال مزيد من الأراضي، وإعلان استعداد تل أبيب للشروع في عملية سلام بعد عودة القوات المصرية والسورية إلى حدود ما قبل السادس من أكتوبر، موضحا أن فرص حدوث ذلك ليست كبيرة. أما البرقية المختومة بتاريخ 12 من أكتوبر 1973 فقد حملت آراء مسؤولين عسكريين صهاينة في الأداء المصري والسوري، إذا نقلت عنهم إعجابهم بما أظهرته تلك القوات في الحرب وتفكير القيادات الصهيونية في إعادة النظر في رؤيتهم للعرب. وذكرت البرقية أن الثقة بالنفس التي اكتسبتها القاهرة بعد سيطرة قواتها على خط برليف سيجعلها تدخل أي مفاوضات مستقبلية مع الكيان برؤية واضحة وموقف متماسك، مشيرة إلى أن إعلان القيادة المصرية رغبتها في الدخول في المفاوضات سيكون له تأثير كبير على مستقبل التسوية السلمية.