* مختار الجبالي: المفتي يريد أن يقول إنّنا مخطئون في ثورتنا ضد بن علي * سعيد الجزيري :المفتي لم يستفق بعد من سبات النظام البائد، ولم يع أن تونس وشعبها قد ثاروا * رضا بلحاج: يجب أن يكون هذا الرجل موضوع محاسبة
لم يتعذر علينا هذه المرة رؤيةمفتي الجمهورية بين الهلالين، فكان خروجه غير موفق بتاتا لما أثاره تصريحه من امتعاض العديد والعديد ممن اشمأزوا من فتواه التي تشكك في الجهاد في سوريا وحديثه عن جهاد النكاح الذي يمس من شرف وعرض المرأة التونسية،رغم ثبوت الرؤية فيها بأنها إشاعة إعلامية. "الضمير" رصدت مواقف بعض مكونات الساحة الإسلامية من تصريحات ومستوى هذا المفتي، مقدمين تصورهم الجديد ورؤيتهم لمنظومة الإفتاء في تونس. قال الشيخ مختار الجبالي في تصريح "للضمير" إن التصريحات الأخيرة "لمفتي بن علي" غير مستغربة ذلك أنه اعتاد على أن لا يتكلم في الشأن الديني إلا بالتعليمات، "فنحن نعلم أنه جاهل من الناحية الشرعية ولذلك وقع تنصيبه لأنه ضعيف العلم والشخصية"، على حد قوله. واعتبر محدثنا أن هذا الرجل قد خان الإسلام عندما أفتى بإبطال الحج قبل سنوات بدعوى أنفلونزا الخنازير وأبطل ركنا من أركان الدين الإسلامي، وهذا يكفيه من الخزي والعار بأنه تورط في كبيرة من الكبائر تخرجه من الملة، كما تجرأ على تحليل الحرام وتحريم الحلال حيث أنه أباح أشياء غريبة ومحرمة بالإجماع تحت تعلة التسامح والاعتدال والوسطية. وقال الشيخ الجبالي إن هذا المفتي يجب إقالته في أقرب وقت وأن يختفي من المشهد العام ويترك المجال للشرفاء للتكلم في الشأن الديني، فعلاوة على أنه من بقايا النظام البائد، تعتبر مؤسسته مشلولةفهي لم تنفع لا البلاد ولا العباد، ولكنها كرست العلمانية بكل شراسة وتوحش، فلا نجد له صوتا ولا كلمة في الشأن العام ولا في أمور الناس، قائلا "الشيخ الذي لا يواكب الأحداث والمستجدات، ولا يهتم بشأن الأمة، لا خير فيه". أما حول مهاجمة المفتي لأحرار سوريا الذين ثاروا على الظلم فاعتبر الشيخ الجبالي أن المفتي كأنه يريد أن يقول للتونسيين أنكم مخطئون في ثورتكم ضد بن علي، وهذا تكريس لمنطق استبداد الحكام قائلا " لولا هؤلاء علماء البلاط والسوء لما طال عمر الطغاة في العالم العربي والإسلامي، فهؤلاء مشاركون في جريمة الاستبداد والفساد وهؤلاء يجب أن يحاكموا. وتوجه الشيخ مختار إلى مفتي الجمهورية قائلا " لو كنت بين شبيحة بشار لذبحوك لأن اسمك عثمان، وهم يبغضون هذا الاسم ". فتوى ضالة قال الشيخ سعيد الجزيري رئيس حزب الرحمة في تصريح "للضمير" إن هذه الفتوى مبنية على إشاعات وليس على تقارير رسمية، فما يسمى بجهاد النكاح لا أصل له، ولا يوجد من علماء المسلمين من يقول بهذا، وهو في الحقيقة إشاعات يراد بها الإساءة إلى سمعة المرأة التونسية وإلى المجاهدين. وأضاف محدثنا قائلا "ما نعيبه على المفتي هو انقياده لإشاعات مغرضة نشرتها وسائل الإعلام في حين أنه كان من واجبه محاربة هذه الإشاعات، ثم إنه حتى لو افترضنا جدلا صحة ما قال فكان عليه أن يستر العرض، فكيف لمؤسسة الإفتاء بهيبتها ومنزلتها أن تنزل لهذا المستوى وإلى هذا المنزلق". وبخصوص نفي المفتي للجهاد في سوريا قال الشيخ سعيد إن ثورة تونس هي جهاد ضد الظلم والاستبداد وهذا نفس الحال في سوريا، بل هي أعظم من ذلك لأنها عملية تطهير هذه الأرض من هؤلاء الطواغيت العرب، الذين يعتبرون سبب تقهقرنا وتخلفنا، ولذلك عليه أن يتق الله في هذه الفتوى الضالة التي تشوه سمعة التونسي، وهو الذي بدأ هذه الثورة، فكل ما نعرفه أن شعب سوريا ثار على دكتاتور ظالم وهذا شرعا جهاد في سبيل الله. وقال رئيس حزب الرحمة الإسلامي إن المفتي خرج بين الهلال والهلال على غير عادته ليتكلم بعد سكوته، فالأولى به أن يتحدث على واقعنا قبل أن يفكر في سوريا، إذ كان من المفروض أنه حسم في مسألة تطبيق الشريعة، وأنه ألقى كلمة عندما تمت الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يبدي موقفه من قضايا المجتمع والمجلس التأسيسي والدستور، وأنه تطرق إلى اتفاقية "سيداو" التي تدعو إلى المثلية وإلى تخريب البيوت والأسر. ولذلك فالمفتي لم يستفق بعد من سبات النظام البائد، ولم يع بعد أن تونس وشعبها قد ثاروا من أجل الحق. لا تأصيل شرعي له قال الشيخ الداعية أبو محمد نزار بلعيد في تصريح للضمير، إن ما قاله المفتي هو أمر يراه من منظوره الشخصي ولا دليل عليه من الشرع، فهو لم يستدل ولا مرة واحدة بآية قرآنية أو حديث إلا في نزر قليل، وعندما يفعل تجد الدليل في مكان ووجه الاستدلال في مكان آخر"، على حد قوله. واعتبر الشيخ نزار أن ما زاد الطين بلة هو عندما جاء المفتي على ذكر العفيفات من أهل تونس وزعمه بأنهم يذهبون إلى جهاد النكاح قائلا "لو قلنا أن هذا الأمر موجود فالحجة عليه أن يأتي بدليل وإلا أصبح الأمر قذفا، وإن كان الأمر غير موجود فهذا يصبح افتراء، وبالتالي فهو ملزم بإظهار الحجة ولا يجب أن يتعلل بما ينشره الإعلام، لأن الخوض في أعراض الحرائر أمر عظيم". في المقابل أكد محدثنا أنه كان من واجب المفتي أن يطلق صيحة فزع ضد أوكار البغاء وضد سفر بعض التونسيات لبيع أجسادهن في لبنان، معتبرا أن رأيه لا يلزم إلا نفسه، وهو المسؤول عن هذا الكلام أمام الله تعالى. واعتبر الشيخ أبو محمد أن الطامة قد جاءت عندما تكلم على مسألة الجهاد في سوريا وأنه لا يجوز بتعلة أن جيش بشار مسلم قائلا "أظنه لا يعلم بأن جيش بشار كله من النصيرية، وهو ألد أعداء أهل السنة وقال بكفرها الشيعة أنفسهم فضلا على أهل السنة، فالجهاد ضد الكفار وليس المسلمين كما زعم. وواصل الشيخ بلعيد حديثه " هب أن جيش بشار مسلم، ألم يقل ربنا وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فقاتلوا التي تبغي. أليس جيش بشار باغ قد بالغ في البغي والظلم، بل إنه يستعمل الآن الأسلحة الكيماوية في رجم شعبه. فالله المستعان في القول على الله بلا علم ". موضوع محاسبة قال الناطق الرسمي باسم حزب التحرير رضا بلحاج في تصريح "للضمير" إنه صدم من هذا الخروج الإعلامي لمفتي الجمهورية واصفا إياه بالمجاني، ومعتبرا بأن المواضيع التي كانت تقتضي خروجه للإعلام والصدع بالحق فيها كثيرة، خاصة بعد الثورة. أما حول تطرق المفتي لموضوع سفر فتيات تونسيات إلى سوريا فأكد الأستاذ رضا أن الحديث عن هذا الأمر يقتضي التوثيق القضائي والأمني الرسمي وليس الاستناد إلى معلومات وأقاويل، خاصة في ما يخص أعراض بناتنا ونسائنا قائلا "حتى وإن كانت هناك أخطاء فالأصل فيه أن نسترهم لا أن نقوم بالتشهير بهم لتستغلها جهات متربصة بالمشروع الإسلامي". وحول مؤسسة الإفتاء في تونس فقال محدثنا إن أداءها هزيل ومتواطئ إلى حد كبير وبالتالي كان من الأولى للمفتي أن يرد الاعتبار لخطة الإفتاء من الناحية العلمية والوجه الأساسي فيها وهو قول الحق. وأضاف بلحاج قائلا "لكن للأسف لم نلاحظ أي تجدد أو مصداقية في هذه الخطة، والتي لم تخرج عن عادة خدمة السياق الرسمي ، فالأصل في هؤلاء أن يزحزحوا عن مواقعهم لأن الأصل فيه أن يكون سباقا في فتح ملفات الفساد وقول الحق، وفي الأخذ بيد أبناء الصحوة الإسلامية الذين يتطلعون إلى شخص قدوة بحيث لا يتركون لأخذ الفتاوى على هواهم، لكن على العكس نجد هذا المفتي يقوم بأدوار مشبوهة، وبالتالي يجب أن يكون هذا الرجل موضوع محاسبة ". تغيير منظومة الإفتاء قال الشيخ مختار الجبالي إنه قدم تصورا جديدا لمنظومة الإفتاء في تونس بأن يكون المجلس الإسلامي الأعلى ودار الإفتاء في هيكل واحد مستقل عن السلطة يسمى مجلس الشورى، حيث يضم دكاترة من جامعة الزيتونة ومشايخ مستقلين وغيرهم من أهل التخصصات الأخرى. كما يكون ذات مرجعية مستقلة تهتم بالشأن الإسلامي في تونس وكل ما يحصل في الساحة حتى لا تترك المجال للمتطفلين ولمن هو ليس أهل، مع التأكيد عن استقلاليته التامة عن السلطة مهما كان اتجاهها. كما دعا الشيخ مختار وزارة الشؤون الدينيةإلى المشاركة في هذه المؤسسة باختيار الناس الأخيار الشرفاء حتى تصبح للهيئة الدينية أو لمؤسسة الإفتاء حرمتها. من جهته قال الشيخ نزار إنه يجب تحييد مؤسسة الإفتاء عن كل صراع سياسي ولا تكون بالتعيين من السلطة بل أهل العلم في البلد هم من يختارون الأعلم والأتقى. وأضاف قائلا "على كل حال لقد سحبت الثقة من دار الإفتاء منذ زمن واستغنى عنها التونسي بالتوجه لمن يرى فيه العلم والتقوى لسؤالهم وبقيت دار الفتوى تشتغل في تتبع الهلال أو في تقديم شهادات لمن أسلم حديثا فأصبحت لا وزن ولا فعل لها. وقال الشيخ سعيد الجزيري إن دار الإفتاء يجب أن تعايش واقع المواطن التونسي لتصبح ذات هيبة وقيمة، وبالتالي فنحن لا ندعو إلى إقالة المفتي فحسب، بل نطالب بتغيير جوهري لمنظومة الإفتاء في تونس، فهي باقية على عهدها تطبل للحاكم وتفتي على هواه، في حين أنها يجب أن تكون الفتوى لإرضاء الله سبحانه وتعالى، وهي في الأصل أعلى مؤسسة في الدولة وكلمتها فوق الجميع. ولذلك يجب أن تقوم على مجلس إفتاء كامل يكون حرا ومستقلا، يعالج قضايا المواطن التونسي المصيرية ويقول الحق للحق، ولا يخشى في الله لومة لائم.