احتضنت اسطنبول "المؤتمر السنوي العالمي ال 22 لاتحاد المجتمعات الإسلامية"، لمدة خمسة أيام ابتداء من يوم الخميس 23 ماي، تحت شعار "عالم جديد و نظام عادل"، حضره أزيد من 250 شخصية من علماء ومفكرين وحقوقيين وساسة ورجال أعمال، قدموا من 56 دولة. فبعد تلاوة مباركة من آيات الذكر الحكيم للقارئ الحافظ التركي مصطفى كوزوليو، أعطيت الكلمة للشيخ رجائي كوتان، خليفة المرحوم أربكان، رئيس مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية التركي، فرحب بالحضور، مذكرا بذكرى فتح القسطنطينية (اسطنبول حاليا) ال 560، التي بشر بها الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم، عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه أنه سمع النبيَّ- صلى الله عليه وسلم- يقول: "لتفتحنَّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش"، مترحما على الشخصيات التي رحلت ممن كانوا يحضرون معنا منذ 22 سنة خلت منهم البروفيسور نجم الدين اربكان من تركيا، و فتحي يكن من لبنان و رباني من أفغانستان وقاضي حسين أحمد من باكستان. وبعدها تليت برقية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردغان يرحب فيها بالوفود ويتمنى لهم طيب الإقامة، وحيا المؤتمرين وتمنى لهم التوفيق والسداد، كما تليت برقية أخرى من الرئيس التركي عبد الله غول، و بعد استراحة خفيفة انطلقت الاشغال ليتداول على المنصة رؤساء و ممثلو بعض الاحزاب الاسلامية، بداية بالعلامة عبد الهادي عوض ، رئيس الحزب الاسلامي بماليزيا، فمحي الدين بكير رئيس حزب النهضة الطاجيكي، ثم أياد السمرائي رئيس الحزب الاسلامي العراقي، محمد الهلالي نائب رئس التوحيد و الاصلاح المغربي، و الزبير أحمد حسن من الحركة الاسلام السودانية، و مصطفى كمالاك رئيس حزب السعادة التركي و أخيرا الشيخ عبد الفتاح مورو نائب رئيس النهضة التونسية. لينطلق مرطون المحاضرات مدة ثلاثة أيام، و يعطي إشارة هذا الانطلاق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، الذي كلم الحضور بمرارة عن وضع بلاده الدموي في العراق، ثم تلاه الشيخ رائد صلاح من فلسطين، الذي ركز على وحدة الامة الاسلامية لنصرة الشعب الفلسطيني في محنته، مطالبا المؤتمرين بتوجيه رسالة إنذار إلى إسرائيل، لأن القدس ملك لكل المسلمين و ليس للفلسطينيين وحدهم. من جهته سارع إبراهيم المصري رئيس الجماعة الاسلامية من لبنان، إلى شرح خلفية ما يحدث في سوريا و علاقته بالوضع الحرج في بلده لبنان. وفي الجلسة المسائية التي ترأسها أبو جرة سلطاني الرئيس الاسبق لحزب حمس الجزائري، قدم الأستاذ منير شفيق من فلسطين محاضرة قيمة في محور " من النظام الاستعماري إلى نظام عادل" تلاه البروفيسور عارف أرصوي من تركيا، بمحاضرة بعنوان " العالم المتغير و العالم الاسلامي: العبور إلى النظام العادل". وقدم الاستاذ محمد مصطفى حابس من سويسرا ورقة بعنوان " البيئة الاخلاقية و العلمية و أسس النظام العادل: المسلمون في الغرب نموذجا"، كما أسهب الدكتور أحمد فريد مصطفى من السعودية في شرح قيم بالأرقام لدور "منظمات الاتحاد الاسلامي في السلام العالمي ". و في يوم الثاني نوقشت من طرف مختصين و أكاديميين و ممارسين ميدانين محاور أخرى منها "البنية الاقتصادية و النظام العادل"، و "نماذج التعاون السياسي و الاقتصادية في العالم الاسلامي". أما اليوم الثالث فقد خصص لمناقشة تدخلات الحاضرين حول المناطق الساخنة بالحروب و الأزمات و التي أسالت الكثير من الدماء و الحبر معا، مثل الحرب الاهلية في سوريا والوضع المسلمين في بنغلاديش، وفلسطين ، وأراكان (بورما)، و إرتيريا، ومورو وأخيرا الوضع في مالي بالقارة السمراء. ليختتم بعد العصر في ملعب بلدية اسطنبول ، بحفل بهيج زانته لوحات ونشاطات في مختلف فنون الرياضة منها حتى الفروسية بالبسة تراثية عتيقة يعود تاريخها لعصر الدولة العثمانية الذهبي، ثم تخللتها أناشيد وطنية واسلامية، طبعا نشط هذا الحفل حتى ساعة متأخرة من الليل ما يربو عن خمسة آلاف طفل وشاب من جل مدن وجهات التراب التركي، بحضور وفود دولية. تلته في اليوم الموالي زيارة وفد من المؤتمرين لمدينة أنقرة ثم العودة في آخر يوم لإسطنبول لزيارة بعض الاثار التاريخية التركية، لتختتم بكلمة تأبينيه ألقاها مفتي اليونان بالنيابة الدكتور ياشار الشريف دماد أوغلو ترحما على ضريح المرحوم نجم الدين أربكان مؤسس تركيا الحديثة بالمقبرة العمومية باسطنبول.