اتفق المركز الافريقي لتدريب الصحفيين والإتصاليين مع وزارتي الداخلية والدفاع بالتعاون مع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين على وضع استراتيجية اتصالية تضبط حقوق الصحفيين في الوصول إلى المعلومة دون المساس بالجهات الأمنية والعسكرية، وكيفية التعامل التعامل مع قضايا الارهاب، ومن المنتظر انعقاد ندوة صحفية الأسبوع القادم لضبط بنود هذه الاستراتيجية. وتم هذا الاتفاق في إطار المائدة المستديرة بعنوان "التناول الإعلامي لقضايا الإرهاب" من خلال دراسة الضوابط القانونية للإعلام حول قضايا الإرهاب وتداول المعلومات الأمنية بين الحق في الاعلام ومقتضيات الأمن الوطني، التي نظّمها المركز الافريقي للصحفيين والإتصاليين اليوم الجمعة 16 أوت 2013، بحضور الناطق الرسمي لوزارة الداخلية ووزارة الدفاع وعدد من الخبراء بالإضافة إلى نقيبة الصحفيين نجيبة الحمروني وعدد من الصحفيين، حيث أكد رئيس المركز عبد الكريم الحيزاوي في كلمته على التحدي الكبير الذي يواجهه الصحفي في مكافحته لظاهرة الإرهاب، مؤكدا على أهمية المعلومة الأمنية وطرق تناولها. وأكد الخبراء على خطورة ظاهرة الإرهاب في تونس خاصة بعد الثورة معددين العمليات التي دارت في تونس قبل الثورة وذكّر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان عبد الستار بن موسى بحادثتي سليمان سنة 2006 وحادثة الغريبة بجربة 2002. كما عبر الخبراء على أهمية وضع ضوابط قانونية تلزم الصحفي لإقرار الأمن الوطني وكرامة الإنسان، كما توجهوا بدعوة إلى الصحفيين للابتعاد عن تصيّد المواضيع المثيرة التي تمس من الأمن الوطني ونقل المعلومة من مصادرها مع إدانة الأعمال الصحفية التي تبث الشائعات كمادة دسمة لتحقيق غاية تجارية. وأدان بن موسى طريقة تناول القناة الوطنية مع خبر اغتيال الجنود في جبال الشعانبي من قبل الإرهابيين مطالبا بمحاسبتها، باعتبارها لم تراعي مشاعر المؤسسة العسكرية ولا أهالي الجنود الضحايا ووجه دعوة إلى استعمال طرق كتغطية الجثامين لتخفيف من بشاعة المشهد. دعوة لتفعيل الانضباط الطوعي وعبر بن موسى على أن الضوابط القانونية لوحدها غير قادرة على انجاح عملية نقل المعلومة دون تهديد السلم الاجتماعي أو المؤسستان العسكرية والأمنية، إلا بتفعيل الانضباط الطوعي بين الأطراف المعنية. هذا واعتبر بن موسى كرامة الانسان والأمن الوطني خطوط حمراء ودعا الهيئة المستقلة للإعلام السمعي البصري إلى القيام بدورها وعدم ترك المجال لمزيد التجاوزات. كما أثني فيصل بوعجينة القاضي المكلف بمأمورية بديوان وزير العدل على الاتفاقيات الدولية التي وقعتها تونس في مكافحة الارهاب والمتمثلة في 14 اتفاقية من جملة 19، بالإضافة إلى التزام تونس بقرارات مجلس الأمن الدولي ونشاطها في كل الهياكل الاقليمية والدولية في مكافحة الفساد. العفو التشريعي قرار غير سليم في حين اعتبر بوعجينة إن العفو التشريعي العام الصادر بعد ثورة 14 جانفي، هو قرار غير واقعي وغير سليم، باعتبار المتمتعون بالإعفاء لا يستحقون ذلك لطالما أنهم متورطون في جرائم دم، الأمر الذي يستدعي استثنائهم من العفو وفق تعبيره. وشخص بوعجينة ظاهرة الارهاب قبل الثورة قائلا بأنها كانت أقل حدة مما شهدته أيام الثورة، لترتفع بشكل مهول عمليات الاجرام بعد الثورة، أما الفترة الحالية فهي تشهد حرب ضروس على الارهاب على حد وصفه. وناشد العجيني بأن تكون رؤية الحكومة لمكافحة الإرهاب رؤية وطنية عبر وضع استراتيجية بين القضاء والاعلام والأمن، داعيا الصحفيين إلى الانصهار في نظام كامل لمكافحة الارهاب، مشيرا إلى ضرورة استغلال الحكومة للمبادرات التقييمية ومنها ذكر مبادرة 1373 التي قام بها المبعوث الأممي الخاص في مكافحة الارهاب في نوفمبر وتقدم بها إلى تونس في ديسمبر 2010، بالإضافة الى تفعيل لجان للمتابعة ورفع التحدي والخطر على المستوى الاقليمي والدولي. كما أشار الخبراء في مداخلتهم إلى عدم اعتراف القانون الدولي بحصانة للصحفي في سرية الابقاء على المعلومات التي في حوزته وأنه مجبر على الإدلاء بكل مصادره في صورة شهادته على جريمة ما. وزارة الداخلية تصدر مدونة سلوك مع ممثلي وسئل الاعلام وأكد المكتب الاعلامي لوزارتي الداخلية والدفاع على التعزيزات التي حشدتها الوزارتان لمكافحة الارهاب في تونس وابدى كلاهما استعدادا في التعاون أكثر مع الوسائل الإعلامية باعتبارها طرف في المعركة على حد تعبيرهما، مثمنين المجهودات التي يقدمها الصحفيين في ايصال المعلومة إلى المواطن، مستنكرين بعض ما تحاول نشره عدد من الوسائل الاعلامية من تهويل ونشر أخبار زائفة تشكل غالب الأحيان خطورة على عمل المؤسستين العسكرية والأمنية وسير عمليات البحث والتحقيق. ودعت وزارة الداخلية من جانبها على لسان الناطق الرسمي محمد علي العروي، إلى وضع ميثاق مهني، كما أفاد العروي أن الوزارة ستصدر عما قريب مدونة سلوك مع ممثلي وسائل الاعلام ووزارة الداخلية. كما أفاد العروي بأن وزارة الداخلية تعمل على تفعيل تواصل المسؤولين الأمنيين المتواجدين في الجهات مع المراسلين الصحفيين هناك لتسهيل عملية الوصول إلى المعلومة باعتبار خطورة التعاطي مع المعلومة الأمنية وفي ظل كثرة الأخبار الزائفة. ونبّه الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع توفيق الرحموني على خطورة التواطئ مع الارهاب داعيا إلى تفادي التسابق في أخذ المعلومة لما للسبق الصحفي في هذه القضايا من خطورة قد تربك الوضع، إلى جانب تفادي نقل الصور المثيرة للمشاعر والمعلومات المغلوطة حتى لا تكون عامل مساعد للأجندة الارهابية. وأكد الرحموني على أن تكتّم المؤسسة العسكرية على الخبر إنما هو بدافع حماية سير عمليات المتابعة في مسرح المعركة وضمان سرية الأبحاث. مشددا على خطورة عمليات التمشيط في جبال الشعانبي باعتبار العملية غير تقليدية قائلا بأنها "ليست عملية جيش ضد جيش" وأنها عمليات في العمق مع عدم تلقي الصحفيين تدريب وليس لديهم معرفة بحمل السلاح ووضع لباس واقي يمكنهم من حماية أنفسهم، مؤكدا أنه في الوقت الحالي من غير الممكن السماح للصحفيين بتجاوز المنطقة العسكرية. آليات التعامل مع الأزمة وقدم العميد المختار بن النصر الناطق الرسمي السابق بوزارة الدفاع الوطني والخبير في الاتصال والأزمات، استراتيجيات المؤسسات العسكرية في التعامل مع الأزمات بالاعتراف بالحادثة أو التغيير وإلقاء المسؤولية إلى جهة أخرى أو رفض الاقرار بالأزمة والتكتم وبالنسبة للخطاب فترة الأزمة يتم اختيار الرسائل إما بالتعامل بشفافية أي نشر معلومات واضحة أو السرية وإرجاء إلى وقت آخر وفي خيار آخر التكتم وهو أسوء الاختيارات على وفق تعبير بن نصر. ومن أهم اليات التعامل في الأزمة قال بالنصر ضرورة وجود خلية أزمة تكون مدربة من ثم الاتصال بشكل فوري وواضح والشفافية في القول. ومن جانبها أكدت نقيبة الصحفيين التونسيين على ضرورة التنبه إلى عدم تقييد مهنة الصحفيين بحجة مكافحة الإرهاب، وتشريك الصحفيين في استراتيجية مشتركة لمكافحة قضايا الارهاب وتحلي الصحفي بموقف عقلاني لا عاطفي والوقوف على الحياد من سير الأحداث. كما دعت الحمروني المصالح الأمنية والعسكرية إلى التسريع في نشر الرد على الاشاعات لإنارة الرأي العام، والاستفادة من تجارب الدول العربية في مكافحة ظاهرة الارهاب بالتعاون مع كفاءات متخصصة في قضايا الارهاب والفصل في المفاهيم المتعلقة بمفهوم الارهاب، ونبهت إلى خطورة انسياق الصحفيين في خضم المسرحيات الإرهابية مذكرة بالحوار الصحفي الذي أجراه نصر الدين بن حديد مع زعيم أنصار الشريعة "أبو عياض". بعث وحدة رصد صلب هيئة الاتصال ودعت رشيدة النيفر العضوة بهيئة الاعلام والاتصال من جانبها، الحكومة إلى التسريع ببعث وحدة لرصد تجاوزات وسائل الإعلام صلب الهيئة ودعت الجهات الاعلامية إلى الانطلاق في عملية الرصد، وثمنت اقدام الهيئة على اصدار بيان يدين ما قامت ببثه التلفزة الوطنية الأولى بخصوص حادثة الجنود بجبل الشعانبي ووصفت هذا العمل بالصاعقة على المشاهدين. وأكدت على الأخذ بجملة من المبادئ القيمية كالكرامة، حرية المعتقد، حماية الطفولة والصحة، دعم الانتاج الثقافي والوطني، ودعم الأمن الوطني إلى جانب وضع استراتيجية وطنية بين المؤسسات الاعلامية والمؤسستين العسكرية والأمنية.