حمادي الحبيّب يدعو الى تعزيز الجاهزيّة لضمان نجاعة التّدخّلات الوقائيّة من الفيضانات    حصيلة مظاهرات 18 سبتمبر 2025: فرنسا في الشارع ضد التقشف    مصالح المراقبة الإقتصادية بأريانة تحجز خمسة أطنان من مشتقات الحبوب لدى مخبزة مصنفة    تأكيد على خدمة المحاماة .. عميد المحامين الجديد بوبكر بالثابت يتسلّم مهامه    الهنشيري.. قرابة 30 سفينة راسية بالقرب من سيسيليا في انتظار تحسن الأحوال الجوية    واشنطن تستخدم "الفيتو" ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار بالقطاع..# خبر_عاجل    الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات عسكرية في إسرائيل    اعتقال أكثر من 300 شخص خلال المظاهرات في فرنسا    الكرة الطائرة ..المنتخب في الدور ثمن النهائي لبطولة العالم    بين الخبرة والطموح .. هذه قائمة مُدربي الرابطة الثانية    مصر.. إحالة الفنانة شيرين عبد الوهاب إلى المحاكمة    وخالق الناس بخلق حسن    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    التسامح أساس من أسس التعايش بين الناس    عاجل: قرار وزاري مشترك بين الشؤون الاجتماعية والصحة لتعزيز الحماية من حوادث الشغل والأمراض المهنية    عاجل/ هذا ما تقرّر في حق الطيب راشد ورجل أعمال في قضية غسيل أموال    جريدة الزمن التونسي    تخطت السبعين.. إيناس الدغيدي تتصدر الترند بزفافها    عاجل/ مقتل 4 جنود خلال معارك في رفح جنوبي غزّة    جيش الاحتلال يشن ضربات جوية على جنوب لبنان    البرلمان: 7 أكتوبر القادم موعد الجلسة العامّة الافتتاحيّة للدورة العادية الرابعة    عاجل: وزارة التربية تنشر قائمة محيّنة للمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية الخاصة    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب ببن عروس من 27 سبتمبر الى 5 أكتوبر 2025    الرابطة الاولى ... فوز مستقبل المرسى على مستقبل سليمان 1-صفر    معز الشرقي يواصل التألق.. ربع نهائي سان تروبيه    سحب عابرة على كامل البلاد تتكاثف آخر الليل بالمناطق الساحلية الشرقية    الليلة: الغيث أوّله قطرة    عاجل: نداء للبحث عن طفل مفقود بمنطقة العمران (يلبس طبلية زرقاء ويحمل محفظة)    عاجل : مستجدات بطاقة التعريف البيومترية للتونسيين    هذا هو موعد انتهاء أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة    عاجل/ رجل يعتدي على طليقته بسكين في شارع أمام المارة..    عاجل: الجامعة تفتح الباب قدّام الفرق باش تبث ماتشاتها وحدها..كيفاش؟    صادرات القطاع الصناعي ترتفع ب1,9% خلال النصف الأوّل من 2025    حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك قرب إحدى المؤسسات التربوية..    موسم الحبوب..البنك الوطني الفلاحي يرفع من قيمة التمويلات    قصر النظر عند الأطفال: الدكتور فهمي نافع يحذر ويقدم نصائح مع العودة المدرسية    عاجل : وزير النقل يضع مهلة ب15يوما لضبط روزنامة برامج عمل    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يتقدم إلى المركز 46 عالميا    اجتماع بمعهد باستور حول تعزيز جودة وموثوقية مختبرات التشخيص البيولوجي    آلام المفاصل عند الأطفال مع العودة المدرسية: أسباب وطرق الوقاية    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    السجل الوطني للمؤسسات يعلن حزمة إجراءات رقمية جديدة: دفع حصري عن بُعد ومضمون إلكتروني مُحدَّث    لليوم الثاني على التوالي..غزة دون اتصالات وانترنات..#خبر_عاجل    الملعب التونسي يفسخ عقد هذا اللاعب..#خبر_عاجل    رابطة ابطال اوروبا : ثنائية كين تقود بايرن للفوز 3-1 على تشيلسي    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    تونس تجمع 12 مليون قنطار لكن حاجياتها تبلغ 36 مليون قنطار    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    جريدة الزمن التونسي    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الجامع الذي حول إلى ملهى ثقافي: هذا ما حصل لمقام تلميذ الإمام مالك في تونس

بعد أن تداولت معظم المواقع الالكترونية ما نشرناه في عدد سابق من جريدة "الضمير" حول الانتهاك الذي تعرض له جامع سيدي عبد القادر بنهج الديوان إثر تحويله إلى نادي للرقص والغناء، والذي تم على إثره انعقاد جلسة في مقر ولاية تونس بين وزير الثقافة مهدي مبروك و الإدارة العامة للتراث والمعهد الوطني للتراث والوكالة الوطنية لإحياء التراث والتنمية الثقافية والمندوبية الجهوية للثقافة بتونس وجمعية صيانة مدينة تونس ، لتباحث موضوع الانتهاكات العديدة التي تطال النسيج العمراني بالمدينة العتيقة بالعاصمة وسبل المحافظة عليه ووقف نزيف المخاطر التي تهدده، والتي تم خلالها ذكر جامع سيدي عبد القادر كمثال على المعالم الأثرية التي تعرضت للانتهاك باعتباره يضم مقام الولي الصالح عبد القادر الجربي، كما ورد في مقال لجريدة الشروق.
ونظرا إلى كون المساجد والأوقاف التابعة لجامع الزيتونة سابقا هي من أكثر المعالم الحضارية والاسلامية التي عانت مسيرة طويلة من الانتهاكات في تونس حيث تعرضت للسلب والنهب منذ انبعاثها قبل الاستعمار وإلى التهميش والتدنيس منذ حل الأوقاف وانطلاق خطة تجفيف الينابيع التي قام بها بورقيبة وبن علي لإخفاء أي أثر اسلامي في تونس والتي كان من بين أدواتها تحويل هذه المساجد أو المدارس القرآنية أو المعالم الأثرية عموما إلى فضاءات أخرى ذات صبغة مختلفة تماما عن صبغة تلك المعالم الحضارية الاسلامية على غرار النوادي الثقافية والمؤسسات الادارية والمطاعم وغيرها ، فقد ارتأينا أن نواصل في هذا الجزء الوقوف عند ابرز ملامح هذه المظلمة التي سيخلدها التاريخ والتذكير بأهم المساجد والمعالم الحضارية الاسلامية التي اندثرت أو طمست ملامحها وهي ما تزال موجودة .
مقام الامام علي بن زياد
من بين هذه المعالم نذكر هذه المرة ما تعرض له مقامالإمام علي بن زياد التونسي رحمه الله تعالى. وهو تلميذ الامام مالك رضي الله عنه وله في نفوس أهل تونس والشمال الافريقي والغرب الاسلامي مكانة عظيمة. اذ هو أول من أدخل موطأ الإمام مالك إلى تونس وعلى يديه انتشر مذهبه في هذه الربوع الطيبة.
ومن ثم دفن بالقصبة ، وأصبح مقامه منذ ذلك التاريخ مكانا لتعليم القرآن الكريم والعلوم الدينية، وتواصل ذلك على امتداد عهود طويلة. وفي عهد المخلوع تم ازالة الرخامة المعرّفة بالإمام علي بن زياد ، وتحويل المكان إلى مقر للجامعة الدستورية التابعة للتجمع المنحل الذي دنس المكان، حيث عثر على علب خمر فارغة فيه.
وبعد الثورة سعى بعض موظفي وزارة الشؤون الدينية الى استرجاعه واستعادة دوره في تحفيظ القرآن الكريم، كما تم توجيه مطلب من قبل الرابطة القرآنية إلى رئيس الحكومة في عهد السبسي ليوضع على ذمتها لنفس الغرض الا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض.
ورغم أن المعلم مسجل ضمن الملك العام للمساجد إلا أن المتابعين فوجئوا بتحويله في عهد حكومة السبسي إلى مقر للآمن السياحي.
فقامت وزارة الشؤون الدينية بمراسلة وزير الداخلية في الغرض لإخلائه وإرجاعه تحت تصرف وزارة الشؤون الدينية منذ 24 جانفي 2012.
لكن للأسف لم يُحل هذا الموضوع ولم يجد متابعة لا من وزارة الشؤون الدينية ولا تجاوبا من وزارة الداخلية، إلى يومنا هذا.
مدارس أخرى
ومن بين المدارس الدينية العريقة التي كانت تشع بعلومها الشرعية في العاصمة تونس وتم الاستيلاء عليها وتحريفها عن مقصدها ووضعها أو تعطيلها بالكامل، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: المدرسة الشماعية، المدرسة التوفيقية، المدرسة العصفورية، المدرسة المرجانية، المدرسة المغربية، المدرسة العنقية، مدرسة سيدي يحيى، المدرسة المنتصرية، المدرسة الأندلسية، مدرسة الزاوية البكرية، المدرسة المرادية، مدرسة القائد مراد، المدرسة اليوسفية، مدرسة النخلة، مدرسة الجامع الجديد، المدرسة المتيشية، مدرسة الزاوية الباهية، مدرسة حوانيت عاشور، المدرسة الباشية، المدرسة السليمانية، مدرسة بئر الأحجار، المدرسة الجاسوسية، المدرسة الجديدة، مدرسة صاحب الطابع، المدرسة البشيرية، مدرسة سيدي شيحة، مدرسة الشيخ ابن ملوكة، مدرسة الشيخ بلخير، المدرسة الحبيبية الكبرى، المدرسة الحبيبية الصغرى، المدرسة القاسمية، المدرسة الدغرية، المدرسة الحمزية، المدرسة الصالحية، مدرسة الهداية، والمدرسة الديماسية.
والقائمة تطول وتطول إذا ما تحدثنا عن الأوقاف والمدارس القرآنية بمختلف ولايات الجمهورية التي لاقت نفس المصير المؤلم، ولكننا اكتفينا في هذا المقال بذكر المدارس التي كانت خاصة بطلبة العلم بجامع الزيتونة وفروعه في العاصمة فقط، والتي لم يجرؤ حتى الاستعمار الفرنسي على إغلاقها ، ولكن قام بذلك عن طريق ذيوله، ثم ذيول ذيوله، ويبدو أن ذيول ذيول ذيوله مصممة الآن على القيام بنفس الشيء.
منارات دينية ومعالم حضارية هامة
ومن أهم مدارس العلوم الشرعية التي طمست أنوارها المدرسة الحسينية الكبرى وتسمى أيضا مدرسة تربة الباي لتبعيتها للمركب المعماري المعروف بتربة الباي، والتي تعتبر بالإضافة إلى بقية مكونات التربة أهم معلم تاريخي يعود إلى العهد الحسيني، وهي أكبر مدارس تونس العاصمة التابعة لمدارس التعليم الزيتوني وهي إلى جانب المدرسة التوفيقية تتصدر مدارس مدينة تونس من حيث عدد الغرف بأكثر من 40 غرفة لكل منهما. ذلك أن "علي باشا باي الثاني" أراد ببناء هذه المدرسة الكبرى أن يغطي على الاهتمام الذي أبداه سلفه وابن عمه "علي باشا الأول" ببناء المدارس الخاصة بطلبة التعليم الزيتوني حيث تولى هذا الأخير خلال العشر سنوات الأخيرة من حكمه بناء أربع مدارس جعلها كأوقاف تابعة للتعليم الزيتوني الأصلي وهي المدرسة الباشية ومدرسة بئر الأحجار والمدرسة السليمانية والمدرسة العاشورية.
وتتكون المدرسة الحسينية الكبرى من بهو فسيح تحيط به 43 غرفة سفلية وعلوية ، كانت مخصصة لإيواء الطلبة الدارسين بجامع الزيتونة، بالإضافة الى المصلى أو المسجد كغيرها من اوقاف جامع الزيتونة، كما هو الشأن أيضا للمدرسة الحسينية الصغرى التي تضم 9 غرف ، وهي أول مدرسة بنيت بمدينة تونس في العهد الحسيني تابعة للتعليم الزيتوني أقيمت هذه المدرسة بعد بضع سنوات من تسلم الباي حسين بن علي مقاليد السلطة في تونس حيث أقام قرب باب الجديد تربة وكتابا ومدرسة سميت بالمدرسة الحسينية الصغرى، وقد بدأت أشغال بنائها عام 1708 لتنتهي بعد سنتين، وقد سميت بالمدرسة الحسينية الصغرى للتفريق بينها وبين المدرسة الحسينية الكبرى التي بناها علي باي.
وقد خصصت هذه المدرسة لطلبة المذهب المالكي بالتعليم الزيتوني القادمين من داخل ولايات الجمهورية التونسية لمزاولة التعليم بالجامع الاعظم، وكان يتولى إدارة المدرسة الحسينية الصغرى شيخ مدرس من مشايخ التعليم الزيتوني وإمام للصلوات الخمس ووكيل وقيم يتولى أيضا الإشراف على تربة الباي المجاورة.
ولئن كنا نجهل مآل اغلب هذه المدارس الآن بعد غلقها وتغيير صبغتها فإننا من خلال هذا المنبر نوجه نداء الى المتساكنين قربها أن يمدونا بمعلومات عن وضعها الآن لمزيد تسليط الضوء على ما تتعرض له المقدسات والمعالم الحضارية على حد السواء من انتهاكات يجب وضع حد لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.