ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    منها 617 م.د بيولوجية...عائدات تصدير التمور ترتفع بنسبة 19،1 ٪    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    هل تم إلغاء حج الغريبة هذا العام؟    شهداء وجرحى في غارات للكيان الصهيونى على مدينة رفح جنوب قطاع غزة    كأس تونس .. بنزرت وقفصة يعبران ولقاء جرجيس و«البقلاوة» يلفت الأنظار    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    انتخاب يوسف البرقاوي وزكية المعروفي نائبين لرئيس المجلس الوطني للجهات و الاقاليم    رئيس الجمهورية يُشرف على افتتاح معرض الكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    حجز أطنان من القمح والشعير والسداري بمخزن عشوائي في هذه الجهة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    وزارة الصناعة تفاوض شركة صينية إنجاز مشروع الفسفاط "أم الخشب" بالمتلوي    القيروان: الأستاذ الذي تعرّض للاعتداء من طرف تلميذه لم يصب بأضرار والأخير في الايقاف    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    حادثة انفجار مخبر معهد باردو: آخر المستجدات وهذا ما قررته وزارة التربية..    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    رئيس الدولة يشرف على افتتاح معرض تونس الدّولي للكتاب    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الجامع الذي حول إلى ملهى ثقافي: هذا ما حصل لمقام تلميذ الإمام مالك في تونس

بعد أن تداولت معظم المواقع الالكترونية ما نشرناه في عدد سابق من جريدة "الضمير" حول الانتهاك الذي تعرض له جامع سيدي عبد القادر بنهج الديوان إثر تحويله إلى نادي للرقص والغناء، والذي تم على إثره انعقاد جلسة في مقر ولاية تونس بين وزير الثقافة مهدي مبروك و الإدارة العامة للتراث والمعهد الوطني للتراث والوكالة الوطنية لإحياء التراث والتنمية الثقافية والمندوبية الجهوية للثقافة بتونس وجمعية صيانة مدينة تونس ، لتباحث موضوع الانتهاكات العديدة التي تطال النسيج العمراني بالمدينة العتيقة بالعاصمة وسبل المحافظة عليه ووقف نزيف المخاطر التي تهدده، والتي تم خلالها ذكر جامع سيدي عبد القادر كمثال على المعالم الأثرية التي تعرضت للانتهاك باعتباره يضم مقام الولي الصالح عبد القادر الجربي، كما ورد في مقال لجريدة الشروق.
ونظرا إلى كون المساجد والأوقاف التابعة لجامع الزيتونة سابقا هي من أكثر المعالم الحضارية والاسلامية التي عانت مسيرة طويلة من الانتهاكات في تونس حيث تعرضت للسلب والنهب منذ انبعاثها قبل الاستعمار وإلى التهميش والتدنيس منذ حل الأوقاف وانطلاق خطة تجفيف الينابيع التي قام بها بورقيبة وبن علي لإخفاء أي أثر اسلامي في تونس والتي كان من بين أدواتها تحويل هذه المساجد أو المدارس القرآنية أو المعالم الأثرية عموما إلى فضاءات أخرى ذات صبغة مختلفة تماما عن صبغة تلك المعالم الحضارية الاسلامية على غرار النوادي الثقافية والمؤسسات الادارية والمطاعم وغيرها ، فقد ارتأينا أن نواصل في هذا الجزء الوقوف عند ابرز ملامح هذه المظلمة التي سيخلدها التاريخ والتذكير بأهم المساجد والمعالم الحضارية الاسلامية التي اندثرت أو طمست ملامحها وهي ما تزال موجودة .
مقام الامام علي بن زياد
من بين هذه المعالم نذكر هذه المرة ما تعرض له مقامالإمام علي بن زياد التونسي رحمه الله تعالى. وهو تلميذ الامام مالك رضي الله عنه وله في نفوس أهل تونس والشمال الافريقي والغرب الاسلامي مكانة عظيمة. اذ هو أول من أدخل موطأ الإمام مالك إلى تونس وعلى يديه انتشر مذهبه في هذه الربوع الطيبة.
ومن ثم دفن بالقصبة ، وأصبح مقامه منذ ذلك التاريخ مكانا لتعليم القرآن الكريم والعلوم الدينية، وتواصل ذلك على امتداد عهود طويلة. وفي عهد المخلوع تم ازالة الرخامة المعرّفة بالإمام علي بن زياد ، وتحويل المكان إلى مقر للجامعة الدستورية التابعة للتجمع المنحل الذي دنس المكان، حيث عثر على علب خمر فارغة فيه.
وبعد الثورة سعى بعض موظفي وزارة الشؤون الدينية الى استرجاعه واستعادة دوره في تحفيظ القرآن الكريم، كما تم توجيه مطلب من قبل الرابطة القرآنية إلى رئيس الحكومة في عهد السبسي ليوضع على ذمتها لنفس الغرض الا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض.
ورغم أن المعلم مسجل ضمن الملك العام للمساجد إلا أن المتابعين فوجئوا بتحويله في عهد حكومة السبسي إلى مقر للآمن السياحي.
فقامت وزارة الشؤون الدينية بمراسلة وزير الداخلية في الغرض لإخلائه وإرجاعه تحت تصرف وزارة الشؤون الدينية منذ 24 جانفي 2012.
لكن للأسف لم يُحل هذا الموضوع ولم يجد متابعة لا من وزارة الشؤون الدينية ولا تجاوبا من وزارة الداخلية، إلى يومنا هذا.
مدارس أخرى
ومن بين المدارس الدينية العريقة التي كانت تشع بعلومها الشرعية في العاصمة تونس وتم الاستيلاء عليها وتحريفها عن مقصدها ووضعها أو تعطيلها بالكامل، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: المدرسة الشماعية، المدرسة التوفيقية، المدرسة العصفورية، المدرسة المرجانية، المدرسة المغربية، المدرسة العنقية، مدرسة سيدي يحيى، المدرسة المنتصرية، المدرسة الأندلسية، مدرسة الزاوية البكرية، المدرسة المرادية، مدرسة القائد مراد، المدرسة اليوسفية، مدرسة النخلة، مدرسة الجامع الجديد، المدرسة المتيشية، مدرسة الزاوية الباهية، مدرسة حوانيت عاشور، المدرسة الباشية، المدرسة السليمانية، مدرسة بئر الأحجار، المدرسة الجاسوسية، المدرسة الجديدة، مدرسة صاحب الطابع، المدرسة البشيرية، مدرسة سيدي شيحة، مدرسة الشيخ ابن ملوكة، مدرسة الشيخ بلخير، المدرسة الحبيبية الكبرى، المدرسة الحبيبية الصغرى، المدرسة القاسمية، المدرسة الدغرية، المدرسة الحمزية، المدرسة الصالحية، مدرسة الهداية، والمدرسة الديماسية.
والقائمة تطول وتطول إذا ما تحدثنا عن الأوقاف والمدارس القرآنية بمختلف ولايات الجمهورية التي لاقت نفس المصير المؤلم، ولكننا اكتفينا في هذا المقال بذكر المدارس التي كانت خاصة بطلبة العلم بجامع الزيتونة وفروعه في العاصمة فقط، والتي لم يجرؤ حتى الاستعمار الفرنسي على إغلاقها ، ولكن قام بذلك عن طريق ذيوله، ثم ذيول ذيوله، ويبدو أن ذيول ذيول ذيوله مصممة الآن على القيام بنفس الشيء.
منارات دينية ومعالم حضارية هامة
ومن أهم مدارس العلوم الشرعية التي طمست أنوارها المدرسة الحسينية الكبرى وتسمى أيضا مدرسة تربة الباي لتبعيتها للمركب المعماري المعروف بتربة الباي، والتي تعتبر بالإضافة إلى بقية مكونات التربة أهم معلم تاريخي يعود إلى العهد الحسيني، وهي أكبر مدارس تونس العاصمة التابعة لمدارس التعليم الزيتوني وهي إلى جانب المدرسة التوفيقية تتصدر مدارس مدينة تونس من حيث عدد الغرف بأكثر من 40 غرفة لكل منهما. ذلك أن "علي باشا باي الثاني" أراد ببناء هذه المدرسة الكبرى أن يغطي على الاهتمام الذي أبداه سلفه وابن عمه "علي باشا الأول" ببناء المدارس الخاصة بطلبة التعليم الزيتوني حيث تولى هذا الأخير خلال العشر سنوات الأخيرة من حكمه بناء أربع مدارس جعلها كأوقاف تابعة للتعليم الزيتوني الأصلي وهي المدرسة الباشية ومدرسة بئر الأحجار والمدرسة السليمانية والمدرسة العاشورية.
وتتكون المدرسة الحسينية الكبرى من بهو فسيح تحيط به 43 غرفة سفلية وعلوية ، كانت مخصصة لإيواء الطلبة الدارسين بجامع الزيتونة، بالإضافة الى المصلى أو المسجد كغيرها من اوقاف جامع الزيتونة، كما هو الشأن أيضا للمدرسة الحسينية الصغرى التي تضم 9 غرف ، وهي أول مدرسة بنيت بمدينة تونس في العهد الحسيني تابعة للتعليم الزيتوني أقيمت هذه المدرسة بعد بضع سنوات من تسلم الباي حسين بن علي مقاليد السلطة في تونس حيث أقام قرب باب الجديد تربة وكتابا ومدرسة سميت بالمدرسة الحسينية الصغرى، وقد بدأت أشغال بنائها عام 1708 لتنتهي بعد سنتين، وقد سميت بالمدرسة الحسينية الصغرى للتفريق بينها وبين المدرسة الحسينية الكبرى التي بناها علي باي.
وقد خصصت هذه المدرسة لطلبة المذهب المالكي بالتعليم الزيتوني القادمين من داخل ولايات الجمهورية التونسية لمزاولة التعليم بالجامع الاعظم، وكان يتولى إدارة المدرسة الحسينية الصغرى شيخ مدرس من مشايخ التعليم الزيتوني وإمام للصلوات الخمس ووكيل وقيم يتولى أيضا الإشراف على تربة الباي المجاورة.
ولئن كنا نجهل مآل اغلب هذه المدارس الآن بعد غلقها وتغيير صبغتها فإننا من خلال هذا المنبر نوجه نداء الى المتساكنين قربها أن يمدونا بمعلومات عن وضعها الآن لمزيد تسليط الضوء على ما تتعرض له المقدسات والمعالم الحضارية على حد السواء من انتهاكات يجب وضع حد لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.