عقد اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر حزب التحرير ندوة صحفية بقصر المؤتمرات بالعاصمة تناول من خلالها موقف الحزب من القضايا السياسية الراهنة بالبلاد ومقدمّا "المشروع الإسلامي" كبديل "للأزمات المتلاحقة" بتونس. وقد تطرق الناطق الرسمي لحزب التحرير، رضا بلحاج في مستهل هذه الندوة إلى المصاعب التي ترافق انطلاق الحوار الوطني المقرّر ليوم غدّ الأربعاء في ظلّ "دعوات مشبوهة للتمرد تقودها قوى إنقلابية" حسب تعبيره. كما أشار إلى "الخيانة الموصوفة" التي أصبحت تمارسها كلّ من الحكومة والمعارضة بدرجة أكبر من خلال الارتهان إلى الدول الأجنبية للبحث عن مخارج سياسية هي غالبا ما تكون حلول مكرّسة لمزيد تدخل هذه الدول في شؤون تونس. جانب المؤامرة وتناول رضا بلحاج وعبد الرؤوف العامري كلّ في مداخلته خلال هذه الندوة الصحفية إلى وجود عديد المؤامرات التي حيكت، ولاتزال، ضدّ أمن وإستقرار بلادنا وإلى إعادة منظومة العهد البائد وقد أوضح بلحاج أنّ تونس أصبحت "مرتعا للعمليات المخابراتية" أدّت إلى تنفيذ عديد الإغتيالات وذكر صمت الأجهزة الأمنية على الوفاة المسترابة لكلّ من عبد الفتاح بن عمر، رئيس لجنة الكشف عن الفساد والأستاذ فوزي بن مراد وكذلك وأخيرا محاولة تسميم محمد لسعد عبيد، الأمين العام للمنظمة التونسية للشغل قائلا إنّ هناك طرف يساري أصبح عبء على البلاد من خلال توجهه المخابراتي وماله الفاسد مكّنه من حبك الأحداث القذرة في تونس، حسب تعبيره. من المسائل الأخرى للمؤامرة كذلك، تحدث عبد الرؤوف العامري عن عديد الاجتماعات المشبوهة التي تقودها المعارضة مع أحزاب يسارية من فرنسا وبريطانيا ومقابلات سرية( أكثر من 25 لقاء مع السفراء الأجانب مؤخرا) مع سفراء دول الإستعمار خاصة أمريكا. كما بيّن أنّ المؤامرة التي استهدفت الشعب تمثلت أولا في تصريح الحكومة بفشل محاولة الإنقلاب، بعد حادثة إغتيال محمد البراهمي، دون الكشف على من تآمروا على إرادة الشعب ودون فضحهم ومخططاتهم. الموقف من الحوار الوطني إعتبر حزب التحرير المساعي لانطلاق الحوار الوطني كنتيجة لعديد من التراكمات والتعنّت التي انتهجته بعض الأطراف المكونة للمعارضة اليوم ووصف رضا بلحاج الحوار الوطني كنتيجة لضغط الدمّ وضغط الجهات الأجنبية، مشيرا عن عدم رضى الحزب عن مجريات هذا الحوار لمشاركة أطراف لا تمثل إرادة الشعب ممّا يؤشر على وجود صفقة مريبة تستثني القوى الفاعلة في البلاد مقابل تواجد الوجوه الكالحة التي تآمرت سابقا عن مسار الانتقال الديمقراطي، حسب قوله. هذا وقد بيّن محمد علي بن سالم، عضو المكتب الإعلامي أنّ دعوات المعارضة هي بمثابة الهلوسة الأخيرة بغية الوصول إلى السلطة وأنّها محاولة فاشلة للإرباك والتشويش على مسار التوافق مشيرا أنّ مثل هذه الدعوات تقودها أطراف إنقلابية ما يميّز أداءها التوتر والإرتباك في كلّ مرّة تصل فيها البلاد إلى حيّز من الهدوء والتوافق. الموقف من الأحداث الأمنية لم تكن الأحداث الأمنية الأخيرة، والسابقة حتى، إلاّ أن تسجل حضورها في مداخلات أعضاء حزب التحرير حيث أثار بلحاج وجود أسماء عناصر في أحداث الشعانبي ومؤخرا بقبلاط يقيم الدليل على أنّ جهاز الأمن يسعى إلى إيهام الرأي العام وتوجيهه للإعتقاد بتورط جهة معينة وهي تنظيم "أنصار الشريعة" مبيّنا أنّ الإرهاب صنع قوى إنقلابية دموية تحيك منذ مدّة المكائد لبلادنا. وفي عودة إلى أحداث الشعانبي، بيّن بلحاج تورط "جهاز مخابراتي منفلت" بتمويل فرنسي وجزائري كان على الخطّ مع هذه الأحداث وما التحويرات والإعفاءات الأخيرة في صفوف الجيش الجزائري إلاّ دليل على صحة هذا التحليل، حسب قوله. البديل المقترح وبيّن حزب التحرير خلال الندوة أنّه دأب على حثّ رجال السياسة على تبني المشروع الإسلامي في كلّ المجالات والقائم أساسا على مبادئ الإسلام وتحكيم الأحكام الشرعية لكنّ ذلك اصطدم بإملاءات الدول الغربية على بلادنا وخاصة بوجود شروط مملاة من قبل صناديق الإقراض وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، وقد لام الحزب، في هذا الخصوص، أنّ عدم تقديم الحكومة للبديل وإكتفاءها بالإعتماد على المساعدات والبرامج المسقطة على إقتصاد وسياسة تونس مقدما "البديل الإسلامي الحلّ الأمثل في كلّ مكان وزمان". من جهة أخرى، إقترح رضا بلحاج إنشاء بنك معلومات حول الفساد والمفسدين كما طالب بكشف الأرشيف السياسي كخطوة أساسية في عملية الإصلاح. كما دعا إلى القطع مع السياسة المرتهنة إلى دول الإستعمار وإلى مؤسساتها المالية التي كانت سببا في غرق البلاد في المديونية والفساد والفقر واصفا هذا الإرتهان بالخيانة للشعب وإنتحار سياسي يجرّد الشعب من حقه في تقرير مصيرها وفق أحكام الإسلام.