لو صح للأحزاب التونسية الحديث في يوم صمتهم هذا لقالوا وبإجماع لا يقبل "دورة ثانية" للتصويت "أصوات التونسيين قد أينعت وحان قطافها"، في تونس الكبرى كما في الجنوب والشمال وفي معاقل الثورة...انتهت حملتهم يوم أمس باجتماعات وصنوف من الحملات الدعائية ألوانها مختلفة وهدفها واحد "الأصوات لا غير". صمت اليوم يسبق ما تنتظره الأحزاب والحكومة من "عاصفة للناخبين" قدرتها الهيئة بثلاثة ملايين تونسي لن يفوتوا على رأي كمال الجندوبي رئيسها فرصة الإدلاء بأصواتهم لتحديد مصير بلدهم بل قد تتجاوز نسبة إقبالهم نسبة الإقبال في أوروبا. يتجه التونسيون غدا ليقرروا مصيرهم بعد خمسين سنة الماضية لم بكن لهم فيها نصيب في تقرير مصير بلدهم، ثوابت عديدة ميزت رحلة الثوريين في تونس ولعلّ الثابت الأول الذي لا يحتاج إلى جدل هو مجهود "هيئة الجندوبي" التي نالت رضا مركز كارتر قبل الملاحظين التونسيين. وقد لا يختلف اثنان أيضا على أن استقلالية الهيئة كانت ك"عين الشمس" رغم محاولات التشكيك طالت الرئيس والأعضاء وكل القريبين منها من بعيد وقريب ولعلّ تصدّي رئيسها لتدخل وزارة الخارجية في شؤون هيئته خير دليل على على هذا الحياد، وهو ما زاد من تأكيده الجندوبي وهو الذي ناله من التشكيك والتخوين والتجريح الكثير عندما قال بالحرف الواحد "كنّا متخوفين من تدخل الإدارة لكن ذلك اندثر وأصبح كل شيء تحت إشراف الهيئة حتى الجانب الأمني". ليس الوقت لتقييم الهيئة نهائيا هكذا يرى المراقبون لكن ما سيحدث غدا حسب الكثيرين هو الامتحان الأكبر، صعوبات كثيرة كانت قدرا على الهيئة لعلّ في مقدمتها ما يتألم له أعضاؤها من انعدام للثقة التي جوبهت بها هيئتهم في بداية عملها فقيل فيها الكثير ونظم فيها معارضوها من أبيات العمالة وغيرها من التهم الكثير مما سبب عزلة "مُرة" لها على حدّ تعبير الفاعلين فيها. أما عن معضلة الإشهار فحدّث فيها انشغلت الهيئة مدّة طويلة ومنها خرجت الأحاديث عن التواطؤ والتآمر وغيرها حتى ذاق أحد أعضائها ذرعا بممارسات الأحزاب فأضرب عن الطعام احتجاجا على تمرد أحزاب لطالما تشدقت باحترام القانون، هي مشكلات ومعضلات كثيرة لا تنتهي بلغت حد التخويف من مصير الثورة أصلا وليس الانتخابات فقط لكن عزيمة الهيئة والتفاؤل شعار الجندوبي ومن معه وهو ما يصدعون به دائما في لقاءاتهم الصحفية فهل ستنتهي الانتخابات كما يشتهي الشعب أم للحالات الاستثنائية رأي آخر؟