أجرت الجمعية التونسية الأورومتوسطية للشباب تحليلا معمقا للمسودة الثانية من الدستور، ولئن عبرت الجمعية عن تقبّلها للدستور ومضمونه بشكل عام إلاّ أنّها قد أبدت بعض التخوفات من بعض الفصول القانونية خاصّة تلك المتعلقة بحرية الصحافة وبحقوق الإنسان والحريات العامة وبالشباب. وقد أشارت الجمعية التونسية الأوروالمتوسطية إلى غياب التنصيص على المبادئ الكونية لحقوق الإنسان المضمنة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان واعتبرت أنّ في ذلك إهانة لإنسانية الإنسان ولكرامة المواطن ويبعث بإشارات سلبية خطيرة للداخل والخارج التونسي مفاده أنها لن تنخرط مع دول العالم في حماية الحقوق و الحريات العامة والفردية التي توافقت عليها مختلف الأمم. وقد لاحظت الجمعية تهميشا كبيرا للشباب ولدوره الريادي خلال الثورة و بعدها، وعدم الالتفات لمطالبه المتعلقة بإحداث هيئة دستورية تمثله و تساهم في النهوض بأوضاعه و مناقشة مشاغله التي لطالما كانت منسية أو مهمشة بصفة أو بأخرى. من جهة أخرى اعتبرت الجمعية أنّ تحديد الانتماء الديني لرئيس الجمهورية و هو مرفوض و يعتبر مخالفا لمبدأ الفصل بين الدين و الدولة ونوّهت بخطورة محاولة إضفاء صبغة إسلامية على الدستور الجديد من خلال التلاعب بالكلمات و الألفاظ في تركيبة بعض الفصول القانونية. وبيّنت الجمعية التونسية الأورو متوسطية للشباب أنّ الدستور يتضمن تمييزا ضمنيّا بين مختلف الديانات التي لا يجب أن نكران تواجدها ضمن التركيبة المجتمعية بتونس اعتبارا إلى أنّ هذه العبارة تحمي فقط من القوانين الماسّة بالدين الإسلامي لأنّه وقع التنصيص على أنّ الإسلام دين الدولة في الفصل الأول من الدستور أي أنه قد تم إقرار المكانة الدستورية للدين الإسلامي لذلك فإنّ أي قانون لاحق و ماس بالدين الإسلامي سيكون غير دستوري ،وتم تجاهل بقيّة الديانات الأخرى أي المسيحية و اليهودية.وفق ما جاء في تقرير الجمعية. وأكّدت الجمعية التونسية الأورومتوسطية للشباب أنّه يسبق أبدا أن سنّت قوانين تنال من الدين الإسلامي في ظلّ النظامين السابقين و المشهورين بإقصائهما للإسلاميين لذلك فمن المستبعد أن يقع في يوم من الأيّام سنّ مثل هذه القوانين في ظلّ الجمهورية الثانية. ولاحظت الجمعية وجود إرادة واضحة للمشرّعين لتقييد حرية الصحافة و الإعلام و النشر من خلال التلاعب بمحتوى الفصل الذي يكفل هذا الحقّ وتقييده بأحكام وقوانين تصدر لاحقا وتذكر بممارسات قديمة موجودة في دستور 1959 وقد حذرت منها الجمعية مسبقا، مشيرة إلى أنّ هذا الأمر خطير جدّا ومن شأنه عسكرة السلطة الثالثة و محاولة فرض سلطة السياسيين عليها. ودعت الجمعية التونسية الأورومتوسطية إلى مراجعة هذه المسألة واستعمال مصطلحات واضحة ومختصرة على دسترة الحق بصفة مطلقة ومبدئية. وبالنسبة إلى القطاع الأمني فإنّ الجمعية قد لاحظت إرادة "غير بريئة" بمحاولة تدجين القطاع الأمني بترأس رئيس الجمهورية للقيادة العليا لقوات الأمن الوطني وهو ما رفضته الجمعية و جميع النقابات الأمنية و الأخصائيين الأمنيين، إذ فيه محاولة لإرجاع الأمن إلى مرحلة القطيعة بينه و بين سائر المواطنين بإمكانية استعماله كبيدق لبسط نظام دكتاتوري و تحويل النظام من جمهوري إلى بوليسي يقود البلاد بالعصى الغليظة.وفق تعبير الجمعية، من ناحية أخرى رصدت الجمعية خرقا وصفته ب"الخطير" لمدنية الدولة ولسلامة أمنها في أحكام الفصل 19 من الدستور الذي يقول "الدولة وحدها التي تنشئ القوات المسلحة و قوات الأمن الوطني و لا يجوز إنشاء تنظيمات أو أجهزة مسلحة غير منضوية تحت الجيش الوطني أو الأمن الوطني إلا بمقتضى القانون". واعتبرت الجمعية أنّ هذا الفصل يشرّع بصفة صريحة لتسليح مجموعات لا تنتمي لا لسلك الأمن الوطني ولا لسلك الجيش أي بمعنى أخر ميليشيات مسلحة من شأنها أن تدخل تونس في دوامة عنف و نزاع مسلح، راجية أن لا يكون هذا الفصل تمهيدا لنهاية مريعة لتونس المدنية الحديثة المسالمة و المتمدنة. وطالبت الجمعية التونسية الأورومتوسطية للشباب الجميع بالتصدي لهذا الفصل و حصر التسلح للجيش و الأمن الوطنيين لا غير واعتبار تهمة حمل السلاح خارج إطارهما جريمة ترقى إلى درجة الخيانة العظمى. وتجدر الإشارة إلى أنّ الجمعية قامت بتحديد نقاط الخلل التي سجّلتها في تحليل المسودة الثانية من مشروع الدستور الجديد وقدّمت في نفس التقرير مقترحاتبخصوص إدخال بعض التحويرات على مستوى صياغة بعض الفصول.