تونس – بناء نيوز- عادل السمعلي ( كاتب تونسي ومحلل اقتصادي) أصدرت مجموعة بلومبرغ الأمريكية (Bloomberg LP)المختصة في تحليل الأسواق المالية ومتابعة الأوضاع الاقتصادية العالمية تقريرا عن الوضع الاقتصادي التونسي لسنة 2012 وذلك استنادا على المعطيات التي نشرتها وكالة "موديز" الائتمانية بتاريخ 7 جانفي 2013 ، فقد أشار التقرير أن الاقتصاد التونسي بصدد التعافي وأن حالته لا تدعو للقلق على المدى القصير رغم تواصل نسق عجز الميزان التجاري وارتفاع مؤشرات المديونية الخارجية إلى نسبة 46% خلال السنة الماضية كما أكد أن هذه المؤشرات قابلة للتحسن والاستيعاب وفق شروط ومستلزمات يجب على الدولة التونسية أخذها بعين الاعتبار منها ضرورة تحديد سقف زمني لإجراء انتخابات جديدة والمحافظة على الأمن والسلم الأهلي وسط التطورات الجديدة والنزاعات التي تشهدها المنطقة المغاربية والإفريقية . فبالرغم من الصعوبات الاقتصادية العالمية والوضع الدولي المتسم بالضبابية وعدم استقرار الأسواق المالية فإن تونس نجحت من الخروج سنة 2012 من حالة الكساد الاقتصادي وأن الاقتصاد التونسي في وضع أحسن بكثير من الاقتصاد في دولة مصر التي تمر بتطورات اجتماعية وسياسية مماثلة لتونس وأن هذه الأفضلية تتجسم عند مستوى (credit default swaps (CDS مبادلة مخاطر الائتمان وهو ما يعرف بالمبادلة بين العائد والمخاطرة في عمليات الاستثمار. وأكد تقرير وكالة "موديز" أن تونس ليس لها التزامات مالية كبيرة تخص خلاص الديون إلى حدود سنة 2017 إلا استحقاق وحيد يتمثل في خلاص 330 مليون يورو الذي سيكون مستحقا سنة 2013 وأن رصيد خزينة الدولة من احتياطي العملة الصعبة كافي للإيفاء به في الآجال المحددة . وقد صرح كبير خبراء الوكالة الائتمانية "أوريليان مالي" أن تونس ابتعدت عن شبح الإفلاس و خطر العجز عن سداد الديون الخارجية بفضل دعم الهيئات المالية الدولية وحرصها على إنجاح الانتقال الديمقراطي وأن هذا الدعم سيتواصل إلى حين إجراء انتخابات جديدة وإصدار الدستور الجديد وأن المجتمع المالي الدولي حريص على إنجاح التجربة التونسية التي تلقى دعما ماليا واقتصاديا استثنائيا لم تحبى به دول أخرى مشابهة لها من ناحية الوضعية الاقتصادية وهذا التصريح يؤكد ما أعلنه محافظ البنك المركزي التونسي السيد الشاذلي العياري في وقت سابق حين صرح أن تونس خرجت من فترة الركود الاقتصادي. فقد استرجع الاقتصاد التونسي نسق النمو العادي إذ عرفت مداخيل قطاع السياحة سنة 2012 وهو أهم قطاع للعملة الصعبة تطورا يقارب 36% مقارنة بسنة 2011 ومن المنتظر أن تحقق تونس نسبة نمو اقتصادي يقدر ب 3.3% من الناتج المحلي وذلك حسب تقديرات صندوق النقد الدوليfmi . كما أكد خبير الوكالة الائتمانية أن التقييم السيادي لتونس مستقبلا سيرتبط بنجاح الحكومة المؤقتة الحالية في إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي وتنظيم الانتخابات القادمة في أسرع الآجال كما أنه مشروط كذلك بقدرتها على تقليص عجز الميزان التجاري وعجز ميزانية الدولة إلى حدود معقولة تمكن الاقتصاد من الإقلاع النهائي والابتعاد نهائيا عن مناطق الخطر. ويأتي هذا التقرير الجديد المتفائل بمستقبل اقتصاد تونس بعد أن كانت معظم وسائل الإعلام التونسية الموالية للرئيس الهارب بما في ذلك التلفزة الحكومية تستجلب طيلة سنة 2012 في أدعياء خبرة في المال والاقتصاد ليقدموا صورة كارثية عن الاقتصاد التونسي من أمثال معز جودي (اختصاص حوكمة وموارد بشرية) أو سامي الرمادي (طبيب بيولوجي) حتى خيل لبسطاء الشعب أن الاقتصاد التونسي على باب الانهيار وأن تونس ستلحق بإثيوبيا أو الصومال . إن ضعف الأداء الحكومي خاصة على مستوى الإعلام الاقتصادي قد جرأ عليها أوباش الصحفيين الموالين للمخلوع حتى أنه بلغ بأحدهم السفاهة أن نشر خبرا في وكالة الأنباء الرسمية يعلن فيه عجز الدولة عن خلاص الموظفين في الوقت الذي كان رصيد خزينة الدولة كافي لخلاص مرتبات ثلاثة أشهر مسبقا.