عقدت الرابطة التونسية للتسامح في إطار الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ندوة فكرية تحت عنوان " الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) نبي الوحدة والرحمة، أثثها كل من الدكتور مراد الرويسي والدكتور فتحي قاسمي والباحث فخري قرقني. وأكد الدكتور مراد الرويسي في المداخلة التي افتتح بها الندوة على أهمية الرحمة بصفتها مدخل لتوحيد المسلمين، وبصفتها الخاصية التي اختارها الله ليصف بها الرسول الكريم بقوله تعالى: (و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، معرجا على بعض مفردات الرحمة في سيرة سيد الخلق باعتباره تجسيدا لهذه القيمة الإسلامية وإلى العلاقة بين الرحمة والعبودية الاختيارية حيث رفع الرسول (ص) سيفه دفاعا عن نفسه و لم يرفعه ليكره الناس على الإيمان فقد خاطبهم " لكم دينكم و لي دين " "إنّا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " فهو رحيم من حيث قبوله الطوعي للحوار و الاختلاف الديني ، على حد تعبير الدكتور مراد الرويسي. واعتبر الدكتور الرويسي أنّ مفهوم الخلافة حسب الاستعمال القرآني قيمة وجودية ذات أولوية تتجاوز الانتماء الديني لتكون عنصر توحيد الإنسانية موضوعيا ، في اتجاه الإعمار الذي يرفض كل مظاهر الهدم و يستهدف دوما البناء أو الحفاظ على البناء السابق وقد جسّد ذلك خاصة في الموقف من الأنبياء السابقين و من الحضارات السابقة وعلى رأسهم الرسول الكريم. أما الدكتور فتحي قاسمي فقد تطرق في مداخلته إلى الظلم الذي تعرّض له الرسول الكريم من أعدائه ومن أتباعه، باعتباره عداء قائم في الروح التعصبية التي يختلط فيها الديني بالسياسي و المالي،معتبرا أن الحروب الصليبية والاستعمار لا تخرج عن ذلك الإطار و امتدّ هذا الصراع إلى البعد الثقافي والفلسفي و العلمي، فتمّ تغييب دور الحضارة الإسلامية في تنمية الإنسانية. كما عرج الدكتور في حديثه إلى تقصير المسلمين نحو رسولهم الكريم حيث استمروا في المدح الشكلي و اجتنبوا التمثّل لقيمه و دوره العظيم ، ودعا إلى وجوب الاهتمام بما كتبه التونسيون عن السيرة النبوية مستشهدا بكتاب لعبد العزيز الثعالبي بعنوان " معجز محمد رسول الله " أكّد فيه الثعالبي على الخاصية العالمية لسيد الخلق من خلال رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك عصره. واختتمت الندوة بمداخلة للباحث "فخري قرقني" تطرق فيها إلى عظمة الرسول الكريم في خلقه وفي سيرته انطلاقا من الآية الكريمة " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم " و إلى التقوى باعتبارها تعبير عن الفاعلية الروحية التي تعتبر شرطا مهمّا للتكامل الإنساني ، فالتوحيد الروحي عامل أساسي لظهور الأمة الواحدة و من هنا يعتبر التوحيد له دور تكويني و له دور تشريعي.