تحت شعار "العمل الثقافي في ظل الانتقال الديمقراطي" تواصل بمدينة المنستير وعلى امتداد أيام ثلاثة أيام، الملتقى الوطني لمديري دور الثقافة. وفي افتتاح الملتقى قدم وزير الثقافة مداخلة حول "آفاق العمل الثقافي في ظل الانتقال الديمقراطي" بيّن خلالها أنّ تونس ومنذ الاستقلال عرفت سياسة ثقافية شديدة التعقيد والخصوصية أتى على ذكر أهم سماتها الثابتة والمتمثلة حسب رأيه في "احتكار الدولة للشأن الثقافي حتى كادت أن تنتصب عقلا فوق المجتمع بالإضافة إلى المركزية المفرطة التي تستوجب أن ينتظر المحلي المادة الثقافية القادمة من المركز أو العاصمة وهو ما شكل إحدى أجهزة الرقابة الأديولوجية للسلطة وولّد أزمة ثقة بين الفضاءات والمحيط الثقافي والاجتماعي رغم أنّ العديد من الفضاءات استطاعت أن تبتكر أشكالا فطنة من الاستقلالية..." وأضاف المبروك أنه "بعد الثورة لم يعد من الممكن أن تظل يد الدولة مبسوطة على فضاءات وزارة الثقافة حتى ننأى بها عن التوظيف السياسي من قبل الأحزاب الحاكمة والمعارضة بقطع النظر عن خلفياتها السياسية والأديولوجية". كما أكد أنّ دور الثقافة والمركبات الثقافية لا بد أن تكون مجالا للإبداع في تعدد مشاربه وتعبيراته وذلك هو "الميثاق الأخلاقي والمهني الذي سنعمل على صياغته والالتزام به حتى لا تعود تلك الفضاءات مجددا ابواق دعاية لأي طرف سياسي.." وركزت مداخلة السيد المهدي مبروك على مجموعة من النقاط لعلّ أهمّها تكريس حرية الإبداع والإبتكار والانفتاح على مكونّات المجتمع المدني وتشريك النخب الثقافية في وضع البرامج الثقافية إنجازها، مع عدالة الترويج في العروض والمنشآت الثقافية بين الجهات والفئات، فضلا عن حياد المسؤولين عن المؤسسات الثقافية. كما بشّر الوزير المشاركين في ختام مداخلته بأنّ القوانين المنظّمة والمتعلقة لسلك المنشطين الثقافيين وكذلك الأمر المتعلّق بضبط التنظيم الإداري والمالي وطرق تسيير المركبات الثقافية ودور الثقافة والذي يمنح دور الثقافة شكل المؤسسة العمومية الإدارية قد بدأ في إنجازها وبعضها حققت فيه الوزارة تقدما إيجابيا. ورشات وتصوّرات بعد مداخلة الوزير قدم الدكتور سالم الأبيض مداخلات هي أقرب لمقاربات نظرية واجتماعية للثورة التونسية كفعل إنسانيّ نادر ومتميّز جعل الشعب التونسي خلاّقا مبدعا وطريفا، كما رأى أنّ الفعل الثقافي ضرورة ملحّة لنجاح الثورة وتقريبها أكثر من كل الجهات والفئات فالثورة في رأيه لها استحقاقاتها الثقافية الملازمة المتماهية معها. ثمّ فتح المجال للنقاشومن أهمّ ما ورد في مداخلات المشاركين يمكن الوقوف عند ضرورة رفع كل أشكال الوصاية من كافة الأطراف الخارجية على العمل الثقافي ومؤسساته وضرورة التأقلم مع خصوصية مختلف المدن والمناطق في البرمجة الثقافية وإعادة صياغة قوانين تتأقلم والظروف والواقع الجديد حتى لا يصبح هذا الفراغ التشريعي فجوة يتسلل منها الخارجون عن القطاع ويكون سيفا مسلّطا على مختلف العاملين فيه. اليوم الثاني للملتقى شهد جلسة علمية ثانية قدم خلالها السيد أحمد شعبان مدير مؤسسات العمل الثقافي مداخلة حول "التطوير والتحديث في مجال العمل الثقافي"، كما قدم السيد يوسف بن إبراهيم مدير الشؤون القانونية والنزاعات بوزارة الثقافة مداخلة حول "التنظيم القانوني للمؤسسات الثقافية"، وفي مناقشة المداخلتين تطرق الحاضرون إلى عديد النقاط من بينها إيجاد آليات الإعلام ونشر مختلف النصوص القانونية والمداخلات ذات الشأن القانوني ومشاريع القوانين المحدثة لسائر العاملين في القطاع، مع متابعة ومراقبة أشغال البنايات والإصلاحات بالنسبة للوزارة والإدارات الجهوية للتجهيز في نختلف المراحل وتوفير الموارد البشرية بالنسبة لكافة مؤسسات العمل الثقافي وإحداث مكتب دراسات وفريق خبراء لدراسة وضعيات المؤسسات الثقافية فضلا عن ضرورة التكوين الإداري والمالي عند الانتداب... أمّا ورشات الملتقى فقد توزعت بين ورشة "تفعيل النشاط السينمائي بدور الثقافة" وورشة "اللامركزية الثقافية والمجتمع المدني" وورشة "نوادي الثقافة الرقمية بدور الثقافة" وورشة "نوادي المسرح وتوزيع الإنتاج المسرحي في الجهات" وورشة "الإعلام ودور الثقافة" وفي هذه الورشة وقع اقتاراح تكوين نوادي صحافة وتنشيط إذاعي بدور الثقافة وبعث إذاعة على الأنترنت في شكل نادي، بالإضافة إلى اقتراح بتنظيم ندوة حول الإعلام الثقافي وتحفيز المديرين للمساهمة في التغطية الإعلامية للمشهد الثقافي كمراسلين مع التفكير في إحداث إدارة عامة للاتصال بوزارة الثقافة تتفرع عنها إدارات جهوية للاتصال بكامل المندوبيات على أن تكون ذات استقلاليّة إدارية ومالية ومستقلّة عن المندوبيات الجهوية لتكريس اللامركزية الثقافية. اليوم الثالث للملتقى خصص لمناقشة موضوع التصرف الإداري والمالي والبنية الأساسية حيث قدم السيد كمال البشيني مدير الشؤون الإدارية والمالية مداخلة بعنوان "القواعد الأساسية للتصرف المالي بالمؤسسات الثقافية" وقدم السيد عماد الحاجي المكلف بالشؤون الإداراية مداخلة حول "التسيير الإداري بدور الثقافة" ثمّ قدم السيد فتحي كوشاد مدير البناءات والشؤون العقارية مداخلة حول "توظيف البنية الأساسية لتطوير العمل الثقافي".