رذاذ خفيف يغطي مدينة منوبة، كانت الشوارع مبللة بما يشبه الندى الطريّ.. عندما ولجنا باب دار المسنين بمنوبة، ارشدنا احد الاعوان للانتظار في النادي النهاري... كانت رائحة التبغ القديم تمتزج بنغمات من التراتيل تنبعث من جهاز تلفزة في الزاوية، وكان شيخان يتبادلان الحديث في دعة.. بعد القهوة العربي التي قدّمها لنا »عمّ سليمان« جاء جمع من الضيوف بصحبة مدير الجمعية السيد الاخضر الجبالي ثم انطلقوا بعد الترحيب نحو مبنى جميلا في آخر المركز هو »دار العُرابي« الذي وجدناه يغصّ بالكثير من التجهيزات الطبية وشبه الطبية (أسرّة حشايا كراسي متحركة، عكاكيز، طاولات أكل كراسي استحمام كوابل مياه جبائر حاملات ملابس...) وهي تجهيزات تساعد المسنين والعجزة والمعوقين على حسن تسيير شؤونهم إذ منهم من يعجز عن دخول دورات المياه أو الاستحمام ويحتاج أسرّة خاصة... هذه الهبات وصلت الى تونس من فرنسا من خلال تظافر جهود كل من وكالة التنمية المشتركة التونسية الفرنسية مع »جمعية شمس المتوسط« ونادي »الروتاري« ونادي »ليونس تونس المنزه«... فالجمعيات الفرنسية جمعت هذه المعدات والتجهيزات ونسّقت مع النادي التونسي الذي اختار بدوره تسليمها للجمعية التونسية لرعاية المسنين بمنوبة الامر الذي استحسنه الجميع... الوفد الذي مثل نادي »ليونس تونس المنزه« تكوّن من السيد علي سلامة رجل الأعمال المعروف في الجهة وعضو مجلس النوّاب ورئيس »نوادي الليونس« في تونس الذي حرص بدوره ان تُمنح احدى العائلات الحاضنة لطفل معوق من منطقة دوّار هيشر بعض التجهيزات اللازمة لرعاية ابنها الصغير المريض وقد استلمتها العائلة في الحال وحمّلت في شاحنة. وتعتبر جهود »نوادي ليونس تونس« متعددة ولا تتوقف عند هذه المحطة اذ أنها الان بصدد تشييد مركز الرعاية المعوقين بمنطقة وادي الليل.. وقد وصلت الاشغال بها مرحلة متقدمة وبلغت كلفة انجازها حوالي 400 ألف دينار، فضلا عن قيمة الارض التي منحتها وزارة املاك الدولة، ويعتبر هذا المركز هو الثاني الذي تنجزه »نوادي ليونس تونس« بعد المركز الذي شيّد بمنطقة البطّان، ومن المنتظر ان يتسع لأكثر من ألف معوق... وقد تأسست »جمعية نوادي اليونس العالمية« منذ سنة 1917 وكان لها فضل ابتكار فكرة العصا البيضاء وهي تعتبر من أهم الجمعيات التي تقدم الخدمات في العالم... ومجالات تدخلها متنوّعة: منها المساهمة في جهود الاغاثة أثناء الكوارث الطبيعية ومساعدة الفئات الاجتماعية الهشة في مختلف الدول (فقراء عجز معوقين مرضى منكوبين نساء دون عمل...) وفي تونس قامت هذه الجمعية التي تتكون تقريبا من (40) أربعين ناد موزعة على مختلف مناطق الجمهورية بالمساهمة في المساعدة في اكثر من منطقة، كمساعدة فاقدي البصر، وتجهيز محطات تصفية الدم (سيدي بوزيد) وقسم ولادة (بن عروس)..