مفزع/ 427 قتيلا في حوادث المرور خلال خمسة أشهر !    بعد زيارة الصين: رئيس الدولة يعود الى تونس..    متابعة للوضع الجوي بهذا اليوم…    أفضل الخطوط الجوية لسنة 2024    أخبار الأولمبي الباجي: مباراة بلا رهان وبن يونس يلعب ورقة الشبان    في الصّميم :خوفا على ناجي الجويني    خلال زيارته المكتبة الكبرى لشركة "هواوي": رئيس الجمهورية يهدي المكتبة مؤلفات تونسية (صور)    هزّة أرضية في المغرب    النادي الصفاقسي يطلق منتدى للتشاور مع احبائه ومسؤوليه السابقين    أحمدي نجاد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران    طقس مغيم مع امطار صباح الاحد    ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    أخبار المال والأعمال    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    دليل مرافقة لفائدة باعثي الشركات الأهلية    منوبة .. تهريب أفارقة في حشايا قديمة على متن شاحنة    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    بن عروس.. نتائج عمليّة القرعة الخاصّة بتركيبة المجلس الجهوي و المجالس المحلية    رابطة الأبطال: الريال بطل للمرّة ال15 في تاريخه    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    علوش العيد .. أسواق الشمال الغربي «رحمة» للتونسيين    أمطار الليلة بهذه المناطق..    بنزرت: وفاة كهل غرقا وهو يُحاول إنقاذ أطفاله    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    لوقف حرب غزة...ماكرون ''يتحدث العربية والعبرية''    وزارة الداخلية :بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    وزارة المالية تعلن عن اطلاق منصة ''تاج''    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    الحمادي: هيئة المحامين ترفض التحاق القضاة المعفيين رغم حصولها على مبالغ مالية منهم    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    أبرز مباريات اليوم السبت.    إمكانية نفاذ منخرطي الكنام إلى فضاء المضمون الاجتماعي عبر منصة 'E-CNAM'    وزارة التربية: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة الخاصة بالمترشحين لامتحان بكالوريا 2024    الهلال الأحمر : '' كل ما تم تدواله هي محاولة لتشويه صورة المنظمة ''    غدا : التونسيون في إنتظار دربي العاصمة فلمن سيكون التتويج ؟    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    عاجل/ بنزرت: هذا ما تقرّر في حق قاتل والده    لأول مرة بالمهدية...دورة مغاربية ثقافية سياحية رياضية    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    ماذا في مذكرة التفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي 'أكوا باور'؟    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع التنمية البشرّية في الوطن العربي
بقلم : عزالدين مبارك
نشر في الشعب يوم 13 - 02 - 2010

ظهر مفهوم التنمية ببعدها الشامل بعيد نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية من انحسار الاستعمار الأجنبي عن الدول التي كانت فاقدة للسيادة ولسياسة تنموية خاصة بها. فقد كانت كل الدول المستعمرة تدور في فلك الدول الغازية وعرضة لنهب خيراتها ومقدراتها كما تؤكده نظرية المركز والأطراف لسمير أمين، المفكر الاقتصادي المصري والعربي المعروف.
وفور الحصول على استقلالها بدأ التفكير في وضع سياسات اقتصادية تنموية لتلبية حاجيات المجتمع وتأسيس اقتصاد جديد رغم قلة ذات اليد لأغلب هذه الدول مع ضعف في الخبرة والعقول المدرّبة والموارد البشرية الضرورية.
وكان الرفع من مستوى الانتاج في ذلك الوقت يمثل الهم الأكبر لصانعي القرار وتأهيل الموارد الموجودة والبحث عن الكم لأن الحاجة ملحة لسد الرمق والبطون الخاوية.
فهناك من اعتنق المذهب الاشتراكي الصرف كالدول العربية ما عدى دول الخليج النفطية والقليل توجه الى ليبيرالية محلية ذات طابع انتقائي. وكان للنمو المطرد لاقتصاديات المنظومة الاشتراكية في تلك الفترة تأثير كبير على العالم العربي.
كما كان لزعماء تلك الفترة وبالخصوص جمال عبد الناصر الدور الكبير في التوجه نحو اقتصاد الرعاية وتدخل الدولة في الانتاج والتوظيف وتوزيع الثروة.
وأغلب التجارب الاشتراكية جاءت بالفشل ولم تحقق النمو المنتظر لأسباب داخلية كضعف البنية الاقتصادية والفساد وقلة الخبرة والانقلابات والتكالب على الحكم وكذلك التدخلات الخارجية.
كما اضطرت جل الدول العربية للتداين الخارجي بصفة مفرطة ظنا منها أن ذلك هو حبل النجاة من التخلف وتحقيق أعلى نسبة من النمو والتطور الاقتصادي لكنها بفعلها ذلك وقعت في الفخ المنصوب لها وباتت مكبلة وغارقة في المستنقع هي وتستغيث .
وبعد انحدار المنظومة الاشتراكية التي كانت صرحا فهوى وتبددت الأحلام في رمشة عين توجهت أغلب الدول العربية الى ليبيرالية مشوّهة قوامها سياسة السوق والانفتاح على الخارج ظنا منها أن ذلك التمشي هو السبيل الوحيد للتطور والتنمية والخروج من التخلف.
وهكذا أصبحت مرتبطة أكثر بالسوق العالمية وتابعة بالكامل للاقتصاديات المتطورة وعرضة للهزات المالية والأزمات والارتجاجات التي تحدث في البورصات وما وراء البحار.
فهذه الدول لم تفكر في بناء اقتصاد مهيكل وقوي يستطيع المنافسة والمزاحمة والإضافة حتى يكون لها دور في الاقتصاد العالمي ومكانة يحسب لها حساب.
وقد عرّت الأزمة المالية الحالية العيوب الكثيرة للتمشي الانفتاحي المندفع نحوالسوق العالمية دون أخذ الاحتياطات اللازمة والاعتماد على الذات والموارد الداخلية والتحكم فيما نملك ونقدر .
فالدول التي اعتمدت على مواردها الذاتية رغم بساطتها وتطورت حسب قدراتها ومستواها لم تتأثر كثيرا بالأزمة الوافدة ونجت من الغرق والإفلاس .
وتجدر الاشارة أن التنمية المادية المتمثلة أساسا في الانتاج وأشباع الرغبات والحصول على المنفعة الحسية والرفاهة والثروة والثراء ليست هي الهدف الأسمى للإنسان والبشرية ولم تكن في يوم من الأيام مبعث السعادة وتحقيق الذات.
ولهذا الأمر وبعد أن حققت جل الدول باختلاف مستوياتها تنمية مادية لا ترقي طبعا للشمولية ولا تضاهي ما حققته الدول الغربية الصغيرة والكبيرة في هذا المجال فقد بدأ التفكير أخيرا في التنمية البشرية.
مفهوم التنمية البشرية:
التنمية البشرية مفهوم حديث المنشأ تبلور في أواسط القرن الماضي وهو يعني الرفع من قدرات الانسان عقليا وجسديا ووجدانيا وتحقيق توازنه النفسي وتفاعلاته مع الغير والمحيط الاجتماعي في بيئة سليمة تمكنه من المشاركة الفاعلة والعيش بكرامة وفي ظلّ القانون والحريات الأساسية وحقوق الانسان.
وهكذا توسّع مفهوم التنمية الى أبعاد أخرى جديدة بعد ما كان مجرد أشباع رغبات مادية فحسب متعلق بالانتاج وتكديس الثروات والخيرات وبناء العقارات وناطحات السحاب فشمل البعد الثقافي والسياسي والمدني كالحريات والتكوين والترفيه والمشاركة المدنية والعيش بكرامة وفي صحّة جيدة لمدة أطول والتمتع بالحياة.
ويقاس التطور المادي للدولة من خلال تطور الناتج الداخلي الخام (P I B) فكيف نقيس التنمية البشرية؟
اعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (P N U D) منذ 1990 على قياس ما يسمى بمؤشر التنمية البشرية (I D H ) . وهذا المؤشر التجميعي يرتكز على ثلاث معطيات احصائية أساسية وهي:
المستوى الصحي : ويمثله متوسط أمل الحياة منذ الولادة espérance de vie à la naissance
المستوى المعرفي : ويمثله نسبة الأمية عند البالغين (15 سنة فما فوق) ونسبة التمدرس من الابتدائي الى التعليم العالي .
مستوى دخل الفرد : يمثله قسمة الناتج الداخلي الخام على عدد أفراد الدولة.
وتقسيم دول العالم الى ثلاث مستويات من التنمية البشرية على أساس قياس مؤشر التنمية البشرية والذي قيمته المعيارية من 0 الى 1 .
تنمية بشرية ضعيفة إذا كان مستوى المؤشر أقل من 0.500 .
تنمية بشرية متوسطة إذا كان حاصل مؤشر التنمية بين 0.500 و0.799 .
تنمية بشرية عالية إذا كان حاصل مؤشر التنمية أكثر من 0.800 .
وتجدر الإشارة الى النقص الحاصل لهذا المؤشر بحيث لا يشمل أبعادا أصبحت من ركائز التنمية البشرية ونذكر منها نسبة البطالة ونسبة الفقر والحريات السياسية والاجتماعية وحقوق الانسان.
ولهذا الأمر فمن الضروري اعتماد مقاييس جديدة تشمل الأبعاد الكيفية وبذلك نحصل على مؤشر أشمل وواقعي أكثر لمستوى التنمية البشرية وخاصة في البلدان العربية.
ونقدم في الجدول المرافق مؤشر التنمية البشرية لسنة 2007 لجل الدول العربية وبعض الدول المتقدمة وذلك للمقارنة حسب ما جاء بالتقرير العالمي حول التنمية البشرية لسنة 2009 .
وتجدر الاشارة اعتمادا على هذا الترتيب أن الكويت تأتي في المرتبة الأولى عربيا وترتيبها العالمي 31 وتليها قطر (33) والإمارات العربية المتحدة (35) ، وهذه الدول الثلاث تنتمي الى فئة التنمية البشرية .
كما أن جل الدول العربية تنتمي الى فئة التنمية البشرية المتوسطة ومن بينها تونس وترتيبها العالمي لسنة 2007 هو 98 بعد الأردن (96).
واللافت للنظر أن الأراضي الفلسطينية المحتلة مثلما يشير إليه التقرير تأتي في المرتبة 110 عالميا قبل مصر (123) والمغرب (130) واليمن (140) والسودان (150) .
وفي اسفل الترتيب نجد موريتانيا الأقل حظا من التنمية البشرية بترتيب 154 عالميا وفي ذيل القائمة العربية جيبوتي (115).
وقد تم تغييب الصومال والعراق لأسباب الحرب الدائرة هناك وعدم الاستقرار.
وخلاصة القول أن التنمية البشرية أصبحت الشغل الشاغل للدول جميعا لما لها من تأثير إيجابي على استقرار المجتمعات وتطورها على جميع المستويات فهي عنوان التقدم والحضارة الانسانية لأنها تهدف بالأساس الى الرفع من القيم الانسانية السامية وتحقيق العدالة والحرية للبشر جميعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.