نادرًا ما يعيدني كتاب ما إلى سالف عادتي التي أراها أمام عيني تتآكل وتهترأ »بفضل« اليومي المكرور الذي يجرفني بعيدًا في أقانيم سالبة، ونادرًا ما يعيدني نصٌ ما إلى التوحدّ مع ذاتي وأناي إلاّ إذا كان طافحًا آبقًا، آسرًا كاسرًا ومُبعثرًا لطمأنينتي الموهومة... المجموعة القصصيّة »لا تنس أنّك من يحرك الكأس« للسيد التوي فعلت فعلها في وكسرت رتابة أيامي المتشابهة... فهذه المجموعة القصصيّة البكر لأستاذ المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية السيّد التوي لا تترك لك فرصة للافلات في براثن الحلم السريالي الذي تدخل فيه من أول قصة الى آخر قصة في المجموعة... عنوان المجموعة وحده يمثل قصة كاملة... عتبة مفلتة من عقالها.. وقد أصاب الناشر عندما وصف المجموعة القصصية بأنها »رمية نرد بين الكاتب والقارئ، اللغة فيها بؤرة دلالية تحوم حولها الاسماء والاشياء« وبأن اقدامه على نشر مجموعة السيد التوي دافعه »ايمان عميق بأنّها ستكون اضافة حقيقية في عالم القص«. »لا تنسى أنّك من يحرك الكأس« تحملنا إلى مناخات وسياقات متنوعة ومختلفة، من السريالي والاسطوري الى الواقعي واليومي ويشدّ نصوصها السردية خيط شفيف من الشاعرية المفرطة التي تمنحك فسحة من التأمل وتحريك السواكن داخلك... جُمل مكثفة وصور مكتملة وظلال وارفة من الدلالات والاحالات القريبة والبعيدة لمنمنمات شخصيات تأبى أن تظلّ أسيرة اليومي المكرور... كل نصّ في هذ المجموعة القصصية يشرع نافذة على مدار ما ويرسم أفقا آخر لِمَ تشي به الأحداث المبنية يتجاوزه... ليضع قارئه أمام تيمات عميقة ومفتوحة على أكثر الامكانات تأويلاً...