تونس تسجل سابقة في مجال صحة العيون على المستوى الإفريقي باجراء 733 عملية جراحية مجانية في يوم واحد    رئيس أركان القوات المسلحة في إيران يوجه رسالة إلى الشعب الإيراني    وزير الخارجية في تركيا يؤكد التضامن مع جمهورية إيران في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها    أخبار الحكومة    شارع الفل ببن عروس.. خزنة توزيع الكهرباء خطر محدّق؟    وزارة الفلاحة تحذّر    منظمة الأطباء الشبان ترد على بيان وزارة الصحة: ''مطالبنا حقوق.. لا إنجازات''    مع الشروق : المجتمع الدولي الاستعماري    نتائج الدورة الرئيسية للباكالوريا .. 37.08 % نسبة النجاح والتميّز للرّياضيات    قصور الساف .. «حكايات القهوة» بدار الثقافة البشير بن سلامة .. سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون .. صابر الرباعي في الافتتاح وغزّة حاضرة    صيحة فزع    11.5 مليون دولار وهدف عالمي.. الترجي ينعش آماله في مونديال الأندية    بطولة الجزائر - مولودية الجزائر تتوج باللقب تحت قيادة المدرب خالد بن يحيي    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    قتل بائع من أجل ألف مليم: 15 سنة سجناً للجاني    حرب قذرة وطويلة: الموساد يغتال علماء الذرّة    أنس جابر تغادر بطولة برلين في الزوجي والفردي    استخدام المروحة ''عكس المتوقع'': الطريقة الأذكى لتبريد المنزل في الصيف    بطولة افريقيا للرقبي السباعي بالموريس: المنتخب التونسي ينهي الدور الاول في المركز الثالث    حملة رقابية مشتركة بشاطئ غار الملح: رفع 37 مخالفة اقتصادية وصحية    بكالوريا 2025: نجاح ب37% فقط... ورياضيات تتفوّق ب74.9%    نتائج بكالوريا 2025: نظرة على الدورة الرئيسية ونسبة المؤجلين    صفاقس: 100% نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في باكالوريا 2025    الميناء التجاري بجرجيس مكسب مازال في حاجة للتطوير تجاريا و سياحيا    Titre    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يواجه باتشوكا المكسيكي والهلال يلتقي سالزبورغ النمساوي    الدورة 56 لمهرجان الساف بالهوارية ستكون دورة اطلاق مشروع ادراج فن البيزرة بالهوارية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو (مدير المهرجان)    المنستير: انطلاق المسابقة الدولية في التصوير الفوتوغرافي والفيديو تحت الماء بعد تأجيلها بيوم بسبب الأحوال الجوية    المهدية : تنفيذ عمليات رقابية بالمؤسسات السياحية للنهوض بجودة خدماتها وتأطير مسؤوليها    عاجل: بداية الإعلان عن نتائج الباكالوريا عبر الإرساليات القصيرة    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي الإفريقي    الزيت البيولوجي التونسي ينفذ إلى السوق الأمريكية والفرنسية بعلامة محلية من جرجيس    "اليونيدو" والوكالة الايطالية للتعاون من أجل التنمية توقعان اتفاقا لتمويل مشروع "تونس المهنية " بقيمة 5ر6 مليون اورو    تعمّيم منصة التسجيل عن بعد في 41 مكتبا للتشغيل بكامل تراب الجمهورية    "هآرتس": تحرك قاذفات أمريكية قادرة على تدمير "فوردو" الإيرانية    الكاف: لأول مرة.. 20 عملية جراحية لمرضى العيون مجانا    فيديو من ميناء صيادة: نفوق كميات هامة من الأسماك بسبب التلوث    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    أردوغان: متفائلون بأن النصر سيكون إلى جانب إيران    عاجل/ ترامب يمهل ايران أسبوع لتفادي الضربات الامريكية المحتملة..    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    الفنان أحمد سعد يتعرض لحادث سير برفقة أولاده وزوجته    القصرين: بطاقات إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال مرتبطة بالرهان الرياضي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الساحة الثقافية والإعلامية الدكتور محمد هشام بوقمرة    مدنين: اختصاصات جديدة في مهن سياحية وانفتاح على تكوين حاملي الإعاقة لأول مرة    طقس السبت.. ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    كأس العالم للأندية: برنامج مباريات اليوم السبت    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    بعد فوزه على لوس أنجلوس... الترجي الرياضي يدخل تاريخ كأس العالم    وزير الاقتصاد.. رغم الصدمات تونس لا زالت جاذبة للاستثمارات    الأحد: فتح المتاحف العسكرية الأربعة مجانا للعموم بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث الجيش الوطني    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل القاتلة تلوم ضحاياها!
نشر في الشعب يوم 12 - 06 - 2010

هذه هي إسرائيل، في صورتها الحقيقية، عنيفة ودموية وبشعة أمام العالم، على خلاف الصورة التي حاولت تلبّسها، وادعائها، أو حاول البعض في الغرب رسمها لها، باعتبارها جزءا من صورته.
إسرائيل في صورتها هذه لاتتورع عن استخدام قوتها العسكرية للقرصنة والسطو المسلح والقتل، ولو تعلق الأمر بمجرد قافلة لنشطاء مدنيين، ينتمون لعشرات الدول، وكأنها في ذلك تبعث برسالة مفادها إنها دولة مستثناة من كل القوانين والأعراف الدولية. ويتغذى هذا الاستثناء في إدراك الإسرائيليين لذاتهم، من اعتبار دولتهم معطى »الهي«، أو كنتاج وعد رباني /أزلي، واعتبار ذاتهم »شعب الله المختار«، والآخرون زائدون عن الحاجة، أو مجرد »أغيار«. وفي ذلك ثمة جملة مدخلات ملتبسة تتضافر في وعي الإسرائيليين لأنفسهم، فثمة عنصرية متوحشة، وثمة شعور طاغي بالغطرسة، وثمة استغراق بالأسطورة الدينية.
ولعل هذا يفسر اعتبار إسرائيل لذاتها مصدرا للقيم، وتنصيب نفسها فوق الشرائع والقوانين، فهي، مثلا، دولة قامت بوسائل القوة والإرهاب، ومع ذلك فهي تعتبر أي مقاومة لاحتلالها إرهابا! وهي أصلا ترفض تعريف وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة (على الأقل في العام 1967) احتلالا، وإنما عودة إلى »ارض الميعاد«، أو نوعا من إعادة توحيد »أرض إسرائيل« فهي الأصل، أما الفلسطينيون فمجرد طارئين على الزمان والمكان!
المفارقة أن هذا الوعي الإسرائيلي، العنصري والمتغطرس والديني، يطالب الفلسطينيين بأكثر من الاستكانة لاغتصاب حقوقهم، والسكوت عن احتلال أرضهم، أي بإبداء العرفان والامتنان لإسرائيل، على قيامها، وعلى وجودها؛ والأنكى، أيضا، أنها تحاول لومهم على تنكيلها وبطشها بهم هكذا كانت غولدا مائير (رئيسة وزراء إسرائيل سابقا (دأبت على لوم الفلسطينيين (ضحايا إسرائيل(، وإبداء عدم مسامحتها لهم، على قيامهم بما من شأنه إظهار إسرائيل بمظهر لا أنساني!
في عودة موجزة للسياق التاريخي لنشوء إسرائيل، يمكن ملاحظة أن القيادة الصهيونية )التي تحملت مسؤولية قيادة إسرائيل فيما بعد) كانت حمّلت الحكومة البريطانية مسؤولية أعمال الإرهاب التي قامت بها منظمتا »أرغون« و»تشيرن«) الصهيونيتان) ضد القوات البريطانية في فلسطين 1948 1948، تماما مثلما حمّلت الحكومات العربية والقيادة الفلسطينية المسؤولية عن النكبة، وعن تشريد حوالي مليون فلسطيني ! اللافت أن إسرائيل اليوم تحمل الولايات المتحدة الأمريكية، أيضا، مسؤولية تدهور الوضع في الشرق الأوسط (لاسيما مع إيران وفي العراق).
وعلى هذا القياس فليس غريبا على إسرائيل هذه أن تقوم بلوم أهالي غزة المحاصرين، على سعيهم الحثيث لإنهاء هذا الحصار، بالإنفاق، وبقوافل المساعدات الإنسانية من البر والبحر. كما ليس بغريب على إسرائيل هذه، التي باتت غريبة تماما عن العالم، القيام بتوجيه اللائمة، عن الجريمة التي ارتكبتها في عرض البحر المتوسط، إلى الناشطين الدوليين، المشاركين في »قافلة الحرية«!
ولعل ماجعل إسرائيل تجنّ جنونها هو تحول الصورة الأثيرة لها في العالم، وهي صورة الضحية، إلى صورة »أزعر« الحي، التافه والقبضاي، والذي يخشاه الآخرون، لالقوته ولكن لتلافي حماقاته. وفي ذلك باتت إسرائيل، التي كانت تحرص على »فرادتها« في المنطقة، بمثابة دولة شرق أوسطية أخرى، بمعنى أنها »تطبعت« غصبا عنها، بعد أن كانت ترفض "»التطبيع«، باعتبارها جزءا من الغرب المتقدم.
في هذه الصورة انمحت إسرائيل باعتبارها »واحة« للديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث الاستبداد الشرقي، فهي أيضا دولة عاتية ومتجبرة ومستبدة، وفوق ذلك فهي دولة عنصرية، أو مجرد »غيتو« في الشرق الأوسط. أيضا فقد اضمحلت صورة إسرائيل باعتبارها »جزيرة« للحداثة في صحراء المنطقة العربية، إذ تكشفت عن دولة ترتع في غياهب الماضي، وفي الأسطورة الدينية. فوق كل ذلك فقد ظهرت إسرائيل، أيضا، على حقيقتها باعتبارها أخر دولة استعمارية، في العصر الحديث، ما جعلها بمثابة وصمة عار في القرن الحادي والعشرين، وكعبء على النظام الدولي، مع أفول الظاهرة الاستعمارية، وغياب الأنظمة العنصرية، وانتهاء الحرب الباردة.
الآن، يمكن إضافة ما فعلته إسرائيل، في عرض البحر الأبيض المتوسط، وضد قافلة الحرية، إلى سجلها الدموي الإرهابي الأسود، وهو سجل بات يخجل اشد المؤيدين لإسرائيل، ويحرج أكثر أصدقائها. فهذا الرئيس الأمريكي باراك اوباما لم يستطع تحمل مجرد لقاء مع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، في ظل مافعلته إسرائيل، وفي ظل التداعيات الناجمة عن فعلتها في عواصم العالم، وأمام الرأي العام العالمي. وهذا الفيلسوف الفرنسي )اليهودي) برنار هنري ليفي يطلق صيحته في تل أبيب) التي كان يزورها (إبان الحملة على بواخر المساعدات الإنسانية لغزة، قائلا: »الصور التي رأيناها هذا الصباح تدّمر البلد الذي أحبه كثيراً ..في حرب الصور والأخيلة إسرائيل خسرت الحرب«، وهاهي حكومات ومجتمعات أوروبا تبدي ضيقها وتبرمها من السياسات الإسرائيلية الصلفة.
واضح أن إسرائيل في كل ما تفعله، لم تعد تدرك المحيط المتغير من حولها، أو أنها لاتريد أن تصدق بأن العالم لم يعد يحتمل ترهاتها وادعاءاتها وأساطيرها.
وعلى الأرجح فإن العالم، الذي يحارب الإرهاب والأصولية الدينية ويعمل على وضع حد لانتشار الأسلحة النووية، لن يحتمل إسرائيل الإرهابية والعنصرية والأصولية والنووية. ويبدو أن كل حملة مثل »رصاص مصهور« (اسم الحرب على غزة) أو »رياح سماوية«، إنما هي تعزز وتعجل من عزلة إسرائيل، ومن أفول العصر الإسرائيلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.