سافر صديقنا »الصافي« الى إحدى البلدان للسياحة، وكانت فرحته كبيرة بالفارق الشاسع بين عملة تلك البلاد وعملتنا مما أوجد لديه فائضا كبيرا من النقود جعله يشعر بذلك الإحساس »الطاووسي« الذي ينتاب أحدنا حين تمتلئ جيوبه بالمال، فتسري في بدنه تلك السخونة المعروفة ويظنّ نفسه »رب الخرونق والسدير«. في يوم من الأيام وبينما هو في أحد المطاعم تقدم منه متسول راجيا منه التصدق عليه بما يسد الرمق، عطف عليه صاحبنا وطلب له طبقا من اللحم المشوي دفع ثمنه مسبقا، واللحم في ذلك البلد »مادة« غذائية يكاد الناس يسبّحون بحمدها لعجزهم عن مجرد تذوقها ! وقد قوبلت »فعلة« صاحبنا باستغراب الطباخ واستنكاره إذ صاح فيه قائلا : إنها اللحمة يا محترم، هل يأكلها كل من هبّ ودبّ ؟! إنها اللحمة، ولا بد أن تبقى المقامات محفوظة !!. عاد الى أرض الوطن بعد فترة وجيزة وهو يتذكر تلك الحادثة ويعجب منها. خرج للسوق في نهاية الأسبوع قاصدا دكان جزار يعرفه، قرأ يافطة الأسعار فأحس بحرارة حارقة تصعد الى قمة رأسه، مرّ من أمام الدكان دون أن يدخله وقد أصابته نوبة من الهذيان : »إنها اللحمة يا محترم! هل يأكلها كل من هبّ ودبّ ! إنها فخامة / جلالة / سيادة »اللحمة!!«.