عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    وزير الدّاخليّة يشرف على موكب إحياء الذكرى 68 لعيد قوّات الأمن الدّاخلي    معرض تونس الدولي للكتاب: شركة نقل تونس توفّر حافلة لنقل الزوار    ارتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    عاجل/ بعد "أمير كتيبة أجناد الخلافة": القبض على إرهابي ثاني بجبال القصرين    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    طبربة: إيقاف 3 أشخاص يشتبه في ترويجهم لمواد مخدرة في صفوف الشباب والتلاميذ    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    نقابة الصحفيين التونسيين تُدين الحكم بالسجن في حق بُوغلاب    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قويّة    ارتفاع نوايا الاستثمار المصرح بها خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية ب6.9 %    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    عاجل/ وزير خارجية تركيا: حماس قبلت نزع سلاحها مقابل هذا الشرط    بنزرت: تمكين 21 عائلة ذات وضعية خاصة من منح مالية اجمالية تعادل 200 الف دينار لبعث موارد رزق    تونس: وضعية السدود مقلقة ولابد من ترشيد استهلاك المياه    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    أبطال أوروبا: تعيينات مواجهات الدور نصف النهائي    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين لهذه الأسباب    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    أبطال إفريقيا: ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي يحط الرحال بتونس    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    قيس سعيد : ''تونس لن تكون أبدا مقرا ولا معبرا للذين يتوافدون عليها خارج''    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    البنك المركزي : ضرورة مراجعة آليات التمويل المتاحة لدعم البلدان التي تتعرض لصعوبات اقتصادية    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    ريال مدريد يفوز على مانشستر سيتي ويتأهل الى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    رماد بركان ثائر يغلق مطارا في إندونيسيا    خمسة عروض من تونس وبلجيكا وفرنسا في الدورة الثانية لتظاهرة المنستير تعزف الجاز    بطولة شتوتغارت: أنس جابر تتاهل الى الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    الفضيلة    لعبة الإبداع والإبتكار في كتاب «العاهر» لفرج الحوار /1    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    أخبار المال والأعمال    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    فتوى جديدة تثير الجدل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور التركي في الشرق الأوسط كيف؟ وما وراءه؟
❊ بقلم: التهامي الهاني
نشر في الشعب يوم 03 - 07 - 2010

تأسست الأمبرطورية العثمانية رافعة شعار »الخلافة الاسلامية« لتوحيد المسلمين تحت رايتها... قويت شوكة العثمانيين ردحا من الزمن ثم آلت هذه الامبراطورية الى الترهّل والوهن... لكن حملة »نابليون بونابارت« على مصر (1798 1801) فتحت العيون، وحرّكت السواكن لأن الغزاة لم يكونوا كغيرهم من المستعمرين والمحتلين، فقد ذكر د. الهادي التيمومي في كتابه »في أصول الحركة القومية العربية: 1839 1920: (ص: 55 56) أن بونابارت اصطحب في حملته عددا من العلماء في مختلف الاختصاصات مثل: »برتولاي« (Berthollet) و »كونتاي« (Conté)، و »دونان« (Denon) و »مونج« (Monge) و »دولوميو« (Dolomieu) وضمّ طاقم الحملة: 4 مهندسين عمرانيين، و 4 علماء فلك، و 3 علماء صيدلة، و 12 طبيبا وجرّاحا، و 15 أديبا، وعالم اقتصاد وعالم آثار، و 9 فنانين وموسيقيين، و 8 كيميائيين وفيزيائيين، و 10 مستشرقين و 15 مهندسا جغرافيا، و 15 مهندسا في قيس الاراضي، و 21 ميكانيكيا، و 5 مهندسين في صناعة السفن، و 18 مهندسا في الجسور والطرقات، و 4 علماء في المعادن، و 5 علماء في النبات و 8 غير معروفي الاختصاص، و 6 خبراء في الطباعة...
هذا الواقع جعل الناس في مصر يعرفون البون الشاسع بين ما وصل اليه الغرب وما عليه العرب من تخلف... كما ان القرن التاسع عشر، شهد حروب القوميات في أوروبا.. فالأوروبيون جعلوا من سنة 1848 »ربيع الشعوب« لأن حركات التحرر في أوروبا الوسطى والشرقية قد تكاثرت.
وقد انفصلت عن الدولة العثمانية كل من صربيا واليونان (1832) وبلغاريا (1878) ، وتمكنت ألمانيا وكذلك ايطاليا من وحدة أراضيها...
فهذا المدّ القومي في أوروبا جعل الكثير من العرب قد اتخذوه مثلا يحتذى به.
ولا ننسى ان الدولة العثمانية شهدت هزائم عديدة على الاراضي الاوروبية.. ففي سنة 1687 انتصرت النمسا على الدولة العثمانية وهزمت الاخيرة امام النمسا وروسيا سنة 1718.. وتوالت الحروب بين هذه الدول المذكورة وكان الفشل والهزيمة من نصيب الدولة العثمانية.
إذن فهذه الهزائم امام الاعداء، والاستبداد الذي مارسته الطبقة الحاكمة في »الباب العالي« واطلاع النخب العربية والتركية على السواء، على ما وصل اليه الغرب من تقدم ورقيّ اجتماعي وسياسي وعلمي وغيره.. هذا الوضع خلق معارضة داخلية يقودها الاتراك بأنفسهم، وتتمثل في: الجمعية السرية التي بدأت نشاطها سنة 1865 ثم تحولت الى جمعية »العثمانيين الفتيان« سنة 1867، وأصدر هؤلاء صحيفة »الحرية« سنة 1868، وكان شعار هؤلاء هو: »حب الوطن من الايمان« وكذلك »شاورهم في الامر« (انظر في ذلك د. عبد العزيز الدوري: التكوين التاريخي للأمة العربية: دراسة في الهوية والوعي : ط 3 / 1986 / ص: 143) واثر ظروف طرأت، بدأ هؤلاء عملهم في الخارج باسم »تركيا الفتاة« وآلى الامر في النهاية الى تكوين »حزب الاتحاد والترقي«.
أما العرب، فقد لحقهم الأذى كثيرا، فظهر جمع من المثقفين والاصلاحيين والساسة الذي يطالبون بإصلاح الوضع الذي عليه بلدانهم.. فإذا تمثلنا بواحد منهم، وهو خير الدين التونسي الذي كتب في »أقوم المسالك في معرفة احوال الممالك« ما يلي: » من اهم الواجبات على أمراء الاسلام ووزرائه وعلماء الشريعة، الاتحاد في ترتيب تنظيمات، مؤسسة على دعائم العدل والمشورة، كاملة بتهذيب الرعايا وتحسين أحوالهم على وجه يزرع حب الوطن في صدورهم« (ص 160) فهذا الوضع زادت حراكه الدول الاستعمارية ذات المصلحة في تفتيت الدول العربية والاسلامية.. فحرضت هذه الدول الاستعمارية العرب على معاداة الاتراك، ومما زاد الطين بلة قضيتا الاستبداد والتتريك. اذ عمد اصحاب حزب الاتحاد والترقي الى فرض اللغة التركية كلغة رسمية، وأبدلوا أسماء الشوارع بأسماء تركية، كذلك فعلوا بأسماء المساجد التي هي أسماء الصحابة والتابعين...
كما ان الجيش صار »تركيا« تماما بعد عزل الضباط العرب اما مجلس المبعوثين عن الولايات فكان نصيب العرب 62 نائبا مقابل 150 للأتراك علما وان عدد سكان العرب حينها كان 5،10 مليون نسمة مقابل 5،7 مليون أتراكا، اما مجلس الاعيان فهو يضم 45 عضوا كان للعرب 5 أعضاء (انظر د، التيمومي : في اصول الحركة القومية العربية ص 84) فهذا الوضع خلق نفورا متبادلا، أفضى في النهاية الى ثورة الشريف حسين.
يعتبر الشريف حسين ان حزب الاتحاد والترقي قد حاد عن الطريق القويم (بخروجه عن الشريعة وبالظلم) وهو يعيد للأذهان الحديث الذي ينسب للرسول (صلعم)): وهو »اذا ذلّ العرب ذلّ الاسلام«.
ويقول علي بن الشريف حسين في إحدى مراسلاته سنة 1916 الى جمال باشا: إن المطالب العربية قد رفضتها الدولة العثمانية، وبما ان الجند الذي تهيأ للجهاد سوف لا يرى أن عليه أن يضحّي لغير مسألة العرب والاسلام، فإذا لم تنفّذ الشروط المعروضة من شريف مكة حالا فلا لزوم لبيان قطع اي علاقة بين الامة العربية والامة التركية، فإنه بعد وصول هذا الكتاب بأربع وعشرين ساعة ستكون حالة الحرب قائمة بين الاثنين« (الآثار الكاملة للملك عبد الله بن الحسين ص: 115).
وحتى لا أطيل على القارئ نذكر ان الحركات القومية العربية لم تكن تحظى جميعا بتأييد العرب، لان الشعوب العربية ترى ان الدولة العثمانية تمثل الخلافة الاسلامية وهي الحامية للأمصار الاسلامية، وهي التي صانت وتصون الشريعة الاسلامية.
لما خلع كمال أتاتورك الخلافة الاسلامية يوم 3 مارس 1924 وحرص على الزجّ بتركيا في المحيط الاوروبي، وعمد الى تغيير الحروف العربية بالحروف اللاتينية، وبسط نظاما علمانيا.. وكانت الدعوة الطورانية.
بقي العداء مستفحلا بين تركيا والعرب الى ان تحررت الدول العربية من الاستعمار تباعا.
(2) تركيا والاتحاد الاوروبي
تركيا التي تعتبر نقطة إلتقاء بين قارتي آسيا وأوروبا والتي تخلصت من شوائب الدولة العثمانية التي كانت تعرف ب (الرجل المريض) . أما كمال اتاتورك (أي أب الأمة التركية) فقد خلع الخلافة سنة 1924، وتشيّع لأوروبا، وحرص على الانتماء اليها.
طلبت تركيا الانضمام الى المجموعة الاقتصادية الاوروبية سنة 1959 ، وفي سنة 1963 وقّع الطرفان اتفاقية الارتباط لتقبل ضمنا ترشح تركيا.
وفي سنة 1995 قبل الاتحاد الاوروبي، طلب تركيا للترشح لعضويته وفي 17 ديسمبر 2004 كان بدء مفاوضات العضوية مع تركيا في 3 اكتوبر 2005 في تتويج لمسيرة طويلة.
وانضمام تركيا خلق انقساما بين الاوروبيين وفي الغرب عموما.
كانت الولايات المتحدة الامريكية شديدة الحماس لانضمام تركيا للاتحاد الاوروبي لان تركيا مازالت تمثل موقعا عالميا هاما تحتاجه امريكا... وهي ايضا أي تركيا عضو في حلف الناتو، وهي الخط الأمامي، زمن الحرب الباردة. كما انها تحتضن قاعدة عسكرية امريكية تمثل قاعدة لمراقبة الشرق الاوسط ومنطقة الهند الصينية.
لكن أوروبا، في مجملها ترفض انضمام تركيا الى الاتحاد لان تركيا دولة مسلمة ذات عدد كبير من السكان مما يؤهلها ان تكون اكبر دولة في أوروبا وبالتالي سيؤثر ذلك على نصيبها من عدد النواب في البرلمان الاوروبي، كما ان وجود تركيا داخل أوروبا وبهذا النموّ الديموغرافي ذي النسق السريع، سيجعل منها رمزا قائدا لكل المسلمين القاطنين في أوروبا، ومنهم طبعا المهاجرون المسلمون، وهذا وضع قد يخشاه الاوروبيون.
اما شعوب أوروبا وتركيا، فإن الشعب التركي معتز بقوميته وراغب في الانضمام للاتحاد الاوروبي لأنه السبيل للرقي والازدهار.
والشعوب الاوروبية، فان نتائج الاستفتاء أظهرت 52٪ للرافضين و 41٪ من القابلين و 7٪ لا رأي لهم...
(3) تركيا وإسرائيل
لا يخفى على أحد مواقف الدولة العثمانية من قضية فلسطين ويذكر التاريخ مواقف السلطان عبد الحميد المشرفة من هذه القضية... لكن، بعد خلع الخلافة، تذكّر قادة تركيا موقف العرب من بلدهم اثناء الحرب العالمية الأولى لذلك، كانت تركيا، أول بلد اسلامي يعترف بدولة اسرائيل سنة 1949 وتم تبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين وتبادل السفراء سنة 1951، وفي سنة 1958 تم امضاء اتفاقية بين البلدين للوقوف ضد الاتحاد السوفياتي وضد الراديكالية في منطقة الشرق الاوسط. واثر نكسة 1967 تغيّر الموقف التركي قليلا، اذ رفضت تركيا فتح أجوائها للطائرات الحربية الاسرائيلية في حرب 1973 وتمت دعوة السفير التركي للرجوع الى البلد قصد (التشاور) وفي سنة 1980 شهدت العلاقة بين البلدين (تركيا واسرائيل) إعادة السفراء، وكانت تركيا تسيّرها حكومة »تورغوت أوزال« ولا ننسى، ان حكومة »آجاويد« التركية، كانت قد استنكرت سياسة التطهير العرقي التي تمارسها اسرائيل.
وتركيا، هي التي وقفت الى جانب القضايا العربية بعد انتخاب حزب العدالة والتنمية سنة 2002 وتوليه زمام الحكم.
وتركيا، وقفت الى جانب المقاومة اللبنانية في تصديها للعدوان الصهيوني على لبنان في صائفة 2006 وهنا يتوجب علينا ذكر مواقف بعض العرب الذين يدعون أنهم يمتلكون (عقولا هادئة) ويرفعون شارة »الاعتدال«، حينها كانوا يصدرون البيانات التي تتهم المقاومة ب »التهوّر« وعدم »تقدير« العواقب وما الى ذلك من كلمات وعبارات استقاها اصحابها من معجم »التبعيّة« و »التذيّل« للدوائر الامريكية والصهيونية.
وأثناء عدوان اسرائيل على غزة في ديسمبر 2008 كان »المعتدلون« العرب ومنهم الجناح الفلسطيني قد وقفوا جهرا مع اسرائيل ضد حماس، وينعت عباس، رئيس السلطة الفلسطينية الصواريخ التي يطلقها المقاومون في غزة على الجيش الصهيوني بأنها (لعب أطفال) وبالتوازي، وقفت تركيا الى جانب المقاومة في غزة حتى أن رئيس حكومتها رجب طيب أدوغان وقعت بينه وبين رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز، ملاسنة اثناء لقائهما في منتدى دافوس في جانفي 2009، وشهد العالم الحدث وتناقلته الصحف والشاشات...
وأخيرا، ما حدث اثر الاعتداء الصهيوني على قافلة (الحرية) التي جهزت بالمساعدات لكسر الحصار المضروب على قطاع غزة في جوان 2010، وهنا نذكّر أي الحصارين نكسّر؟ حصار اسرائيل للقطاع ام حصار مصر؟ واي موقف يكون من »غلق المعابر« و »بناء الجدار العازل« الذي تشيّده مصر على الحدود مع غزة المحاصرة، وكذلك »هدم الخنادق« التي عجزت اسرائيل عن تحقيقه؟
هي تركيا وهم العرب والتاريخ سوف يسجل الحقائق...
(4) تركيا والعرب
بعد أحداث أوت 1990 بين العراق والكويت، برزت رؤية مشتركة لكل من تركيا ودول الخليج العربي. فهذه الدول الاخيرة صارت تحرص على تنويع »الارتباط« بالدول الأجنبية ودعم التواصل مع الدول ذات الثقل الاقليمي (تركيا مثلا) أو العالمي (مثل الصين كما ان تركيا حرصت بدورها ان تستفيد من الثروة البترولية والاقتصادية في الخليج، لذلك التقت المصالح في سنة 1991 ، فتم تزويد دول الخليج العربي بالمياه التركية بواسطة أنابيب طولها 6500 كم، وعرف ذلك بمشروع »آنابيب السلام«.
وفي 22 سبتمبر 2009 تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الخارجية التركية والأمانة العامة لجامعة الدول العربية... وتم التوقيع على الاتفاق الاطاري لمنتدى التعاون العربي التركي من قبل الامين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية التركي: أحمد داود أوغلو في 2 نوفمبر 2007، وهو بمثابة تفاعل في مجالات مختلفة مثل: الأمن والتجارة والاستثمار... الخ.
وعُقد الاجتماع الاول في مدينة اسطنبول في 11 اكتوبر 2008، وعُقد الاجتماع الثاني في دمشق في 16 ديسمبر 2009 وشارك فيه عدد من وزراء الخارجية لكل من سوريا وجيبوتي وليبيا وقطر والسودان والصومال والعراق، والمشاكل المطروحة امام تركيا والدول العربية تتمثل في: المياه، الأكراد، والموقف من الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل...
ومنذ صعود حزب العدالة والتنمية سدّة الحكم في تركيا سنة 2002، شعر المواطن ولا نقول الحكام والنخب العربية بتغيير جذري للسياسة التركية وباتت الشعوب العربية تصفق لرئيس الحكومة التركية أوردغان.. لكن أسئلة عديدة وكثيرة تواردت على الذهن: هل صحيح ما تقوم به تركيا؟ أين عضويتها في حلف شمال الاطلسي (الناتو)؟ أين علاقاتها الاستراتيجية مع كل من الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل؟ هل نسي قادة تركيا ذلك؟ أم كانوا عن وعي كامل بذلك، لكنهم تعمّدوا السير في هذا المسلك؟
الأسئلة كثيرة وكثيرة، والتأويلات عديدة، والايام ستجيب، وتؤكد ما كان ظنا ليصبح يقينا.
(5) ما هي الأهداف؟
إن تركيا هي دولة اسلامية بلا شك، دافعت عن الاسلام ونشرته في مواقع كثيرة من أوروبا، لكن روابطها اليوم، مع الغرب وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل جدّ متينة... وهنا يتساءل المرء: هل بإمكان تركيا ان تتصرف بقرار لا يعود الى هذه الجهات بالتشاور على الأقل؟ إن لتركيا بعض القيود: هناك قرار أممي خاص بقبرص لم تطبقه تركيا ، وقضية الأرمن والرغبة في الانضمام للاتحاد الاوروبي، وفي المقابل، لتركيا مع العرب قضايا هامة مثل: المياه بينها والعراق وسوريا، الأكراد وتشترك في هذه القضية مع العراق وسوريا وايران. وكذلك المواقف من اسرائيل والسياسة الامريكية في المنطقة.
فهذا الوضع في مجمله يحث المتابع للشأن التركي على التساؤل والتأويل، وتكون الافتراضات:
1 هل هذه المواقف التركية التي نسمعها ونراها منذ مدة، والتي تفاعل معها المواطن العربي من الخليج الى المحيط هي تجسيم لمبادئ حزب العدالة والتنمية الذي تمسك بالعمق العربي والاسلامي خيارا له في السياسة الدولية؟
2 هل هو البحث عن دور إقليمي نابع عن قناعة وطنية خصوصا حين نرى رئيس الاستخبارات التركية »إيمري تانير« كان قد أصدر بيانا سنة 2007 وأعلن فيه أن تركيا سوف تتخلى عن »دور المتفرج« في المشهد الاقليمي؟
3 ألا يكون هذا البحث عن دور تركي في منطقة الشرق الاوسط نابعا من »إيعاز خارجي« لضرب عصفورين بحجر واحد، وهما: تعويض (الدور المصري) الذي تهرّأ ولم يعد مقنعا للشارع العربي... كما ان الساحة العربية تشكو فراغا سياسيا لابد من ملئه... وكذلك للوقوف في وجه (الدور الايراني) المتصاعد في المنطقة والذي ركّز لنفسه »هلالا« يتشكل من حماس وحزب الله ثم سوريا، فالعراق »الشيعي«.. ولا ينسى المرء ان النخب التركية والجيش لا يرغبون في مواجهة ايران...؟
4 ألا تكون هذه المواقف التركية هي تذكير للغرب ان تركيا اذا لم يقبل طلب انضمامها الى الاتحاد الاوروبي سوف تعود الى محطيها الاسلامي، وسوف تشكّل مع العرب وضعا لا يرغب فيه الغرب... وبذلك تكون هذه المواقف للضغط على أوروبا علما وان أردوغان، كان قد صرّح ردّا على منتقديه بأن تركيا ظلت تتلهى بالسراب طيلة نصف قرن، أي منذ سنة 1959 حين تقدمت بطلب الانضمام في تلك السنة وتم قبول الطلب بصفة رسمية سنة 1963؟
5 ألا تكون مواقف تركيا مقبولة من الغرب لتقديم هذه الحكومة هي نموذج للحكم الاسلامي المستنير..؟
أخيرا نقول أن تركيا في ظل حكم حزب العدالة والتنمية قد خاب أملها في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ويئست من المماطلة فعادت عن قناعة وطنية الى محيطها الطبيعي، الى محيطها الاسلامي، وسوف يقوى المسلمون بها وتقوى بهم...
❊ الخاتمة:
إن المؤسف أن العرب الذين صاروا مثلا للضعف والترهّل والتبعية لأعدائهم، يجردون أقلامهم للإساءة لمن يناصر قضاياهم.. فهذه ايران التي رفضت »وضعهم المزري« يكيلون لها كل الشتائم وبعضهم فضل عليها اسرائيل وهذه تركيا لها نفس التشهير والتنديد والإساءة والأذى...
إن العرب لم تعد لهم دولة ذات دور إقليمي، إن الذين يقفون الى جانب اسرائيل وهي تقصف إخوانهم، بقوا في المحطة وقطار الأحداث العالمية يسير بسرعة لا تنتظر المترددين او الذين ينتظرون الأوامر من غيرهم.
ومواقف تركيا من القضية الفلسطينية تشرف القيادة التركية ولا يسع العرب إلاّ تحيّتها وشدّ أزرها...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.