جندوبة: الحكم بالسجن وخطيّة ماليّة ضدّ ممثّل قانوني لجمعيّة تنمويّة    الحكم الشرعي لشراء أضحية العيد بالتداين..!    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقّعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    الرابطة الأولى: جولة القطع مع الرتابة في مواجهات مرحلة التتويج    قرعة كأس تونس 2024.    مفزع/ حوادث: 15 قتيل و500 جريح خلال يوم فقط..!!    الكاف..سيارة تنهي حياة كهل..    مدنين: القبض على مُتحيّل ينشط عبر''الفايسبوك''    المدير العام لبيداغوجيا التربية:الوزارة قامت بتكوين لجان لتقييم النتائج المدرسية بداية من السنة الدراسية القادمة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    بدرة قعلول : مخيمات ''مهاجرين غير شرعيين''تحولت الى كوارث بيئية    عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    عاجل/ يرأسها تيك توكور مشهور: الاطاحة بعصابة تستدرج الأطفال عبر "التيكتوك" وتغتصبهم..    البحيرة: إخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين من المهاجرين الأفارقة    حفاظا على توازناته : بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة يرفع رأس ماله الى 69 مليون دينار    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    خليل الجندوبي يتوّج بجائزة أفضل رياضي عربي    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    البطولة الوطنية : تعيينات حُكّام مباريات الجولة الثانية إياب من مرحلة تفادي النزول    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية بسبب دعمها للكيان الصهيوني    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    وسط أجواء مشحونة: نقابة الصحفيين تقدم تقريرها السنوي حول الحريات الصحفية    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    نبيل عمار يستقبل البروفيسور عبد الرزاق بن عبد الله، عميد كلية علوم الكمبيوتر والهندسة بجامعة آيزو اليابانية    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تشيلسي يفوز 2-صفر على توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    قضية التآمر على أمن الدولة: رفض مطالب الافراج واحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    شوقي الطبيب يرفع إضرابه عن الطعام    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    بنزيما يغادر إلى مدريد    غرفة تجّار لحوم الدواجن: هذه الجهة مسؤولة عن الترفيع في الأسعار    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالته الى بورقيبة سنة 66 : درس غير مسبوق في الديمقراطية وقدرة فائقة على تحليل الواقع
صفحات ثرية من تاريخ المناضل أحمد التليلي:
نشر في الشعب يوم 03 - 07 - 2010

في 25 جانفي 1966 أرسل أحمد التليلي رسالة من منفاه الإختياري بأوروبا الى الرئيس الحبيب بورقيبة وهاته الرسالة مكتوبة بأسلوب فرنسي رفيع وقد رصد فيها الأزمة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية التي تمر بها البلاد و جاء في مفتتحها (في الوقت الذي يمرّ فيه الشعب التونسي بفترة من أخطر فترات تاريخه يفرض عليّ الواجب ان ألح لديكم مرّة أخرى على مراجعة السياسة او على الأصح ودون إنفعال مراجعة طرق الحكم التي أردت بالبلاد اليوم في حالة من الخطورة تهدّد بجعلها في المستقبل القريب منسدّة الآفاق).
ويضيف في هاته الرسالة (إنّ نجاحنا في فترة الكفاح من أجل التحرير الوطني يعود في نسبة كبيرة منه الى عاملين قارين لم نهملهما قط وسرنا دوما على هديهما في عملنا وهما:
1) ان نظاما يفرض نفسه على شعب بالقوّة ويرفض تشريكه في التصرّف في شؤونه هو نظام محكوم عليه حتما بالفشل.
2) وانه لا يمكن تحقيق اي تقدّم يستحق الذكر في المجال الإقتصادي والاجتماعي في نطاق نظام سياسي لا يكون فيه للشعب وهو المعني بالامر حق في النظر أي لا يساهم في اخذ القرارات.
ولكي لا أخل بمحتوى الرسالة أو إعطاء فكرة منقوصة عنها فإني سوف لا أقوم بتلخيصها والاولى قراءتها في نصّها الفرنسي او مترجمة وهاته الرسالة كانت بالفعل انشودة للحرية وللديمقراطية لو أعطاها الرئيس بورقيبة العناية التي تستحقها لاحدثت منعرجا في تاريخ تونس المعاصر.
أمّا الشعب ونظرا للتعليم الذي كان سائدا طيلة هاته السنوات فانه لم يتمكن من الاطلاع عليها وعلمت فيما بعد ذلك بسنوات ان الرئيس لما أطلع على بعض الفقرات منها اذن بتوزيعها على أعضاء الديوان السياسي ليطلّعوا بأنفسهم كيف ان أحمد التليلي يريد ان يظهر الاكثر ديمقراطية حتى منه هو الحبيب بورقيبة.
إستمرت الأمور على ماهي عليه وقد أعلمني المرحوم الحبيب عاشور بأنه بلغه أن أحمد التليلي بعث برسالة لبورقيبة يحلّل فيها الوضع السيء الذي آلت اليه البلاد وانما لم أطلع على هاته الرسالة الاّ سنة 1978 عندما نشرت جريدة الرأي ترجمة لها ثم تسنّى لي قراءتها في نصّها الاصلي الفرنسي ثم قرأتها مطبوعة بمفردها وكانت مسبوقة بدراسة ممتازة عن أحمد التليلي كتبها بالفرنسية الاستاذ الحبيب بولعراس.
ثم قرأتها مؤخرا في الكتاب الذي أصدره مؤخرا الباجي قائد السبسي عن الحبيب بورقيبة إذ نشرها لأهميتها في آخر كتابه من جملة الوثائق الهامة كما انها نشرت بكتاب أحمد التليلي في سبيل الديمقراطية أذكر أنه سمعنا فقط بالرسالة تلك فقد قال لي عنها المرحوم الحبيب عاشور لكن اعتقد انه لم يقرأها آنذاك هو أيضا.
هاته الرسالة تقع فيما يزيد عن الستين صفحة من الحجم الصغير، وقد أعدت قراءتها مؤخرا وأعتقد انه لم يصدر عن اي مسؤول حزبي او نقابي نقدا حادّا لسياسة بورقيبة بمثل ماكان عليه الامر في هاته الرسالة ولابدّ لقارئها الان من ان يندهش من قوّة التحليل التي كانت عليه ومن جرأة أحمد التليلي وشجاعته في مواجهة بورقيبة وتحميله وحده مسؤولية الفشل السياسي الذي آل اليه الحال في تونس فهو يقول له أن تمسكه بالحكم الفردي وانعدام الحوار وتقليد المسؤولية للمسؤولين بالتعيين لا بالانتخاب كل ذلك ادّى الى يأس الشعب وبغضه للنظام.
ولا عجب ان بورقيبة بعد ان قرأ هاته الرسالة وطلب من بعض المقربين قراءتها كما روى لنا بعض المترددين على القصر أصبح مقتنعا ان احمد التليلي صار عدوّا له خاصة وان هذا الموقف يعلن عنه في صحافة الغرب ويقنع به أصدقاءه الامريكيين ولم يكن بورقيبة ليغفر له ذلك مطلقا لولا حالته الصحية الصعبة انذاك وتفكيره في تغيير سياسة التعاضد وليس أساليب الحكم وكان منذ تلك السنوات اي بداية 66 و67 بدا بورقيبة يسمع كلام حاشيته حول المآسي التي انجرت من تطبيق سياسة التعاضد القسري وجبر الفلاحين الصغار على التخلي عن قطع ارضهم وزياتينهم وتمكين بن صالح من قهر هؤلاء بسياسة يشرف على تطبيقها اناس أشدّاء من نوع عمر شاشية.
كان من جملة المترددين على القصر التاجر محمد صفر وقد روى للحبيب عاشور وكنت حاضرا معه انه لما فاتح بورقيبة في شأن أحمد التليلي وقال له ان أحمد ليس ضدك يا سيدي الرئيس سكت بورقيبة طويلا ثم قال: إذا فلماذا غادر البلاد؟.
تم التعتيم على رسالة احمد التليلي ووقع تناسيها خاصة وان أحمد لم يقترح في رسالته شيئا عمليا فيما عدى طلب العفو التشريعي العام تليه مرحلة سنتين يقع فيها الاعداد جيدا لاجراء انتخابات حرة وربّما تكون الانتخابات البلدية التي ستجرى سنة 1966 بداية للتجربة ووجوب إحترام الدستور.
يقول الباجي قائد السبسي في كتابه المذكور انه في تلك الفترة لم يكن ايّ واحد منهم (أي من المسؤولين الحزبيين) من يدعو الى الديمقراطية ويعتبر إنعدامها مشكلة تونس الاولى فيما عدى أحمد التليلي.
كنّا في شهر أفريل 67 والمعذرة للقراء اذا لم أحترم التسلسل الزمني في رواية الاحداث قد تعوّدنا أحمد التليلي (بعد رجوعه) والحبيب عاشور وانا معهما التردد في اغلب »الصبحيات« على مقهى تابع لنزل الكلاريدج آنذاك وجرّنا الحديث الى تقييم رجالات الحزب وموقفهم من تطبيق الديمقراطية بالبلاد عندما طلب الحبيب عاشور من أحمد التليلي ان يروي لي محادثته مع الهادي نوريرة حول الديمقراطية بعد حدوث مؤامرة .1962 فقال احمد التليلي: (بعد إكتشاف المؤامرة وبقاء الرئيس بورقيبة بمدينة الكاف كان الباهي الادغم كاتب الدولة للرئاسة يتردد عليه باستمرار وفي احد الايام قال الباهي الادغم للرئيس ان الاخوان بالديوان السياسي يقولون بأنّنا وصلنا الى هاته الحال اذ ان الحوار قد إنعدم وعلى الأقل في مرحلة اولى بالديوان السياسي فأجاب بورقيبة (أبدا انا أسمح بالحوار والنقاش فيما بيننا بل أنا أطالب به وقل للإخوان ان يأتوا لمقابلتي هنا بالكاف وحدّد لهم موعدا وفي اليوم الموعود كان أحمد التليلي قد أقبل بسيارته ومعه سائقه ولما رأى الهادي نويرة مقبلا قال ان له حديث مع الهادي نويرة وانه سيرافقه بسيارته وطول الطريق كان المرحوم التليلي (يشحن الهادي نويرة معارضة) بلغة إخواننا المصريين او كما يقول التوانسة (يعمّرو).
ولما إستقبلهم بورقيبة قال لهم: علمت انكم تريدون ان تتحدثوا معي فتفضلوا فمن يريد أخذ الكلمة فكان الهادي نويرة هو أوّل المتكلمين وألقى بسطة حول إنعدام النقاش الحرّ على كافة المستويات بالحزب وخاصة بمستوى الديوان السياسي وهذا خلق جوّا خانقا ولتكن لنا فيما حدث عبرة وما ان انهى الهادي نويرة كلامه حتى انبرى الحبيب بورقيبة بالقول: (تكلّمت انت، انت خائن لبلادك، أنسيت كيف أنّك أقدمت على الإستقالة من الحزب عندما كان الشعب متهيئا للمقاومة وكان النضال الوطني في اوجه فأدخلت الإضطراب في صفوف الوطنيين، والآن لك الشجاعة لتتجاسر فتطالبني بان أحاورك) ثم إلتفت الى بقيّة الأعضاء وأغلظ لهم القول واحدا واحدا.
ولما إنتهى من كلامه بل من خطابه إنتصب واقفا وهو يصفّق بيديه ويقول بالفرنسيّة والآن لنمرّ لمائدة الطعام، ولم يكن لأيّ واحد رغبة في الأكل وخاصة الهادي نويرة.
وهكذا كان بورقيبة يعامل الجميع.
كان أحمد التليلي وهو يروي الحادثة يتألّم وأضاف: ربّما الآن حالة المرض التي عليها الرئيس تغيّره الى ماهو أحسن.
ولكن بورقيبة لم يتغيّر وتوفي احمد التليلي وهو يتألّم مما بقيت عليه حالة تونس.
في أواخر شهر جانفي 67 سافر المرحوم الحبيب عاشور لسويسرا لزيارة صديقه وحليفه المرحوم أحمد التليلي وقد بقي معه خمسة أيام كانت لهما فيها عدّة محادثات لتقييم الحاضر والحديث عن المستقبل وعند رجوع الحبيب عاشور لتونس حدثني مطوّلا عن أحمد التليلي وكان مغتما جدّا لسوء حالته الصحية وكان يتمنّى لو أن أحمد التليلي بقى في تونس أو بالأحرى كان يودّ لو أن أحمد لم يبق بالخارج بعد فشله في الفوز بمنصب الأمين العام »للسيزل« وعاد لتونس إثرها فمكانه في بلده. وكان الحبيب عاشور يقول ان على المناضل السياسي ان يبقى في بلده ولو كان في السجن فذلك دائما أفضل من البقاء لاجئا في الخارج.وقد روى لي الحبيب عاشور في هاته المناسبة انه عندما كان يذهب الى »بروكسال« في أوائل الستينات مع أحمد التليلي لحضور اجتماعات »السيزل« كانا يشاهدان شيخا بائسا قرب مقر »السيزل« وكان النقابيون يحبّونه ويعطفون عليه وهو مناضل نقابي إسباني فرّ من دكتاتورية »فرانكو« وبقي يعيش في بلجيكا لاجئا.
فكان الحبيب عاشور يمازح أحمد التليلي ويقول له انك ستنهي حياتك مثله.
ولمّا زاره الحبيب عاشور »بجنيف« قال له أحمد اتعرف يا حبيب اني دائما ما أتذكر ذلك النقابي الشيخ وما كنت تقوله لي، وألح عليه الحبيب في الرجوع الى تونس.
ويتحدث المرحوم احمد التليلي عن زيارة الحبيب عاشور فيقول في رسالة بعث بها الى صديقه احمد إقبال بأمريكا وهي الرسالة التي أرسلها له في 25 فيفري 1967 من »جنيف« ويقول فيها: (لقد تناولنا أنا والحبيب عاشور عديد المشاكل بمختلف تمظهراتها وقد تركته يفهم ان أفضل وضعيّة لا تكمن في إعادة السيطرة على النقابة بل في تركها تتطور بحرية مستقبلا).
لهذا السبب فإنه من الضرورة بمكان إعادة النظر في الملف القضائي لعاشور حيث يجب أن يشمله العفو فيما صدر ضدّه من حكم (ستة أشهر سجنا (لكي يستطيع القيام بنشاطاته في صلب النقابة، كما تلتزم الحكومة بالموافقة على إنعقاد المؤتمر الإستثنائي والحرّ للاتحاد العام التونسي للشغل وذلك بحضور المندوبين (أي نفس المؤتمرين) المشاركين في المؤتمر التاسع لشهري مارس وأفريل ,1963 ان كل هذه الاقتراحات معقولة ومعتدلة وهي في اتصال بجزء هام من مجموع الأزمة وبالتالي فإن قبولها من طرف الحكومة التونسية هو الحدّ الأدنى للقول بأنها مستعدة لمراجعة مواقفها إزاء هذه الأزمة.
ويضيف التليلي: (عند عودة الحبيب عاشور الى تونس وبعد نصف ساعة من النزول من طائرته هاتفني الممثل الدائم التونسي في جنيف ليقول لي بأن لا أتغيّب طوال الأسبوع وأن أنتظر زيارة وزير الداخلية الباجي قائد السبسي الذي يريد رؤيتي، وفي يوم 31 جانفي قابلت الوزير في مقرّ البعثة التونسية الدائمة حيث تناقشنا لمدة تسع ساعات في الصباح والمساء وكان موقفي واضحا وهو التالي ان بلادنا مستقلة منذ احدى عشر سنة كما ان لها دستورا معمولا به كان قد أمر به بورقيبة نفسه وقد أقسم على احترامه وحمايته).
ثم يواصل احمد التليلي: (ان مطلبي بسيط يهدف الى الوعي بالمسار اللادستوري الذي اتخذته الحكومة ثم بعد ذلك تعود الأمور الى حالتها الطبيعية تدريجيا فأنا لا أطلب تصريحا علنيّا يفقد الرئيس ماء الوجه بل تكفي بعض الأفعال ليعرب عن نواياه في هذا الاتجاه. إجمالا فقد قدمت للوزير عديد المقترحات التي تسمح له بعرض لوحة شاملة للرئيس ومن الغد التقيت مدة نصف يوم في نفس المكان مع نائلة بن عمار أخت وسيلة زوجة الرئيس وتناولنا نفس المواضيع تقريبا التي وقع تناولها مع الوزير والممثلين الدبلوماسيين للرئيس).
ثم يضيف متحدثا (سأقابل الهادي نويرة يوم 28 فيفري حيث سيأتي من تونس للنظر في الحالة الإقتصادية للبلاد عامة فهو مدير البنك المركزي وبالتالي فهو على علم بكل التفاصيل التي تهم وضعية البلاد كما أقابل كذلك نائلة عمار التي ستعود الى جنيف).
وعن هاته المقابلة مع أحمد التليلي يقول الباجي قائد السبسي في كتابه الصادر مؤخرا عن الرئيس بورقيبة: (إن الرسالة التي بعث بها أحمد التليلي للرئيس في 25 جانفي 1966 من أعماق منفاه والتي كانت دفاعا حارّا من أجل إعادة بعث الديمقراطية داخل الحزب قد ألبت ضدّه قوى شديدة، ورغم ذلك فقد استطعت وببادرة خاصة مني أن أقوم بدور لأنهاء هذا المنفى ففي شهر فيفري 1967 وعندما كنت في سويسرا من أجل زيارة خاصة إتخذت مبادرة لمقابلته وكان سفيرنا رضا باش بوّاب قد أعلمني أن التليلي يريد هو أيضا التحادث معي وكان منهكا ومريضا وطيلة حديثي الطويل جدّا معه وفي جوّ من الثقة التامة إستطعت إزالة تخوفاته الهامة ليعزم على الرجوع الى البلاد وسط أهله وذويه، وقبل ان نفترق إقترحت عليه ان أسلمه مبلغا بسيطا من المال لمساعدته على التغلب على الضائقة المالية التي كان يمر بها والتي تبدو وأنها ثقيلة الوطأة عليه، ولكنه وبكل إصرار رفض عرضي متمسكا بانه يريد المحافظة معي على علاقات شخصية فقط بدون ان ندخل فيها الدولة ولا مال الدولة، ومع ذلك فقد كان هذا المبلغ الذي عرضته عليه من مالي المتواضع والشخصي وقد ذكرته بأن علاقاتنا هي فوق كل شبهة وانني كنت الى جانبه عندما وقع طلب حكم الاعدام له) ويشير الباجي الى انه محاميه في قضيته التي أحيل فيها على المحاكمة العسكرية أيام الاستعمار والذي طالب فيها وكيل الدولة تسليط حكم الإعدام على أحمد التليلي) ، ولكن التليلي وبكل عزة نفس رفض قبول المال).
ويضيف الباجي قائد السبسي في كتابه المتميز المذكور: (وبعد رجوعي الى تونس بادرت بإعلام الرئيس الذي كان في إستراحة بالوسلاتية بمبادرتي وقلت له ان التليلي لا شيء له ضدك ولكن يجب ان نسلم بان له إستقامة المناضل الصلب وأنه وهو في الحالة التي هو عليها يجب ان يتمكن من الرجوع الى وطنه وسط أهله وذويه وقد استمع لي بورقيبة بكل صرامة مع شيء من التوتر ثم انتهى الى قبول حججي ومنطقي وقال (لعل فيها خير) ومع ذلك فان رجوع أحمد التليلي الى تونس بعد بضعة اسابيع من ذلك التاريخ )25 مارس 1967) قد أطلق العنان لحملة شديدة ضدّه كانت حملة معادية وأحيانا حقودة علما وأنه معارض بشدّة لتجربة التعاضد القسري والتي كانت آنذاك على أشدّها وهاته الحملة قد شملتني أيضا عندما علم بدوري في رجوع أحمد التليلي .
وعند إنعقاد أجتماع الديوان السياسي للحزب استجوبني احمد بن صالح والحبيب بورقيبة الإبن وقد أجبتهما بأني أتحمل مسؤولية التونسيين مهما كانت آراؤهم وحسب وجهة نظري فإن مكان المناضلين هو في تونس وليس في الخارج وهاجمت وندّدت بالحملة ضد أحمد التليلي والتي لا تشرف رفاقا له في النضال وكان الباهي الادغم هو الذي كان مترئسا للجلسة فإضطرّ الى محادثة الرئيس في الأمر وكان موقف الرئيس بان اعلم الجميع بانه كلفني بإرجاع التليلي لتونس وان هاته المهمة هي من مشمولاته وقد فهمت من ذلك ان الرئيس أراد بذلك إعطاء مصادقة لاحقة على ما قمت به ببادرة شخصية منّي ولكنه فيما بعد ذلك وعندما كنّا وحدنا لامني على وصفي لإحتجاج الآخرين) بالحملة الحقودة) اعتبر من جهتي أنه كان من الواجب على ان أكرّم وطنيا صادقا واصيلا وان أعطيه الحق في الموت في بلده وقد كان أسفي هو أني لم أتمكن بالرغم من إلحاحي الشديد من جعل الرئيس بورقيبة يقابله قبل موته إذ لم يطل الوقت حتى خرّ صريع المرض وقد دفن بعد عامين يوما بيوم من وفاة صديقه الطيب المهيري 29 جوان 1967 في نفس مربّع المناضلين من مقبرة الزلاج وختم هكذا مصيرهما المشترك)، وانتهى هنا كلام الباجي قائد السبسي أحد محبّي أحمد التليلي.
وقبل أن أتم حديثي عن رجوع احمد التليلي أعود للتسلسل الزمني إذ في يوم 14 مارس 1967 أصيب الحبيب بورقيبة بأزمة قلبية حادة سرعان ما تغلب عليها ، وقد أرسل له أحمد التليلي من منفاه برقية يتمنى له فيها الشفاء وكانت هاته البرقية هي بداية التفكير في رجوع أحمد التليلي الى تونس وكان قبل أيام قد جدّد له جواز سفره.
وبمجرد نشر خبر مرض الحبيب بورقيبة طلب مني الحبيب عاشور مرافقته لقصر قرطاج وقد قرّر التوجه لقصر قرطاج لأول مرة منذ سجنه سنة 65 لأن المقابلات السابقة والتي سبق لي ان تحدثت عنها قد تمت بقصر »سقانص« بالمنستير. بقيت بالصالون الخارجي بينما أدخل الحبيب عاشور داخل القصر بدون ان يتمكن من رؤية بورقيبة وقد إحتفت به وسيلة مبدية له الكثير من الإهتمام المعلن بينهما حيث كان لها بواسطة المقربين منها الناصر مخلوف ومحمد صفر اتصالات بالحبيب عاشور واحمد التليلي كنت تحدثت عنها سابقا لأنها في هاته الفترة بدات العمل ضدّ احمد بن صالح وبالنسبة اليها فإن أحمد التليلي والحبيب عاشور ومحمد المصمودي هم العناصر الأساسية لمقاومة سياسة أحمد بن صالح وقد كان سندا لها في ذلك أشخاص أعتبروا دوما من جماعتها أعني الطاهر بلخوجة وإدريس قيقة وحسان بلخوجة .
بعد بضعة أيام من مرض الحبيب بورقيبة أعلمني الحبيب عاشور بأن أحمد التليلي سيرجع الى تونس في الايام القريبة الموالية.
وبالفعل عاد الى أرض الوطن يوم 25 مارس .1966 وقد ذهبت رفقة الحبيب عاشور الى المطار لإستقباله فوجدنا عددا غفيرا من أصدقائنا النقابيين في انتظار قدومه وعندما نزل المرحوم من الطائرة كان مرفوقا بإبن أخيه الأخضر التليلي وأظن ان ابنه عبد الرحمان كان معه ايضا وقد رجع من باريس حيث كان يدرس.
ففي المطار وبعد طول ترحيب التليلي بمستقبليه كان الارهاق باديا عليه، عدنا معه الى المنزل حيث كانت الوفود تقدم التهاني وتخرج فيما قضيت معه أنا والحبيب عاشور أطول وقت ممكن. بعدها تواعدنا على المقابلة من الغد، فأتاني الحبيب عاشور الى المقهى في الصباح وذهبنا الى منزل التليلي حيث بقينا كامل اليوم ليستقبل معه الحبيب عاشور وفود النقابيين الزائرين، كان احمد التليلي بين فترة واخرى يتغيب بعض الوقت لينال قسطا من النوم وللراحة ويبقى الحبيب عاشور ليستقبل الزائرين، وبعد يومين او ثلاثة جاءني الحبيب عاشور وطلب مني مرافقته لزيارة أحمد التليلي الذي كان قد أعلمه بأنه سينتقل لعيادة طبية وطلب منا ان نزوره هناك.
وعند حلولنا بالمكان وجدنا أعوان الشرطة المكلفين بحراسته فقالوا للحبيب عاشور ان احمد التليلي قد خرج في الصباح الباكر من العيادةوذهب الى المرسى على متن السيارة التي كان قد وضعها على ذمته ابن أخيه عبد العزيز وانتدب له سائقا لسياقتها وأظن انه كان سائقا قديما له، وانه قال لأعوان الشرطة: إذ قدم الحبيب عاشور فقولوا له ان ينتظرني، لم ننتظر طويلا اذ جاء بعد وقت وجيز ومعه (فطائر) لذيذة جلبها من المرسى دخلنا غرفته لتناول الفطائر وفي الاثناء سأله الحبيب عما اذا كانت صحته قد تعكرت حتى ينتقل للعيادة فقال لا ولكنه هنا هو في راحة اكثر من البيت، ولم تظل إقامته بالعيادة اذ عرض عليه محمد صفر منزلا له بقمرت كان شاغرا ومؤثثا فإنتقل احمد التليلي للسكن فيه لبضعة ايام عاد اثرها الى منزله.
وفي أحد الايام هاتفني أحمد التليلي ليقول لي انه موجود بوسط المدينة وانه سيمر عليّ بمكتبي ليأخذني معه الى منزله لتناول الغداء، كان من عادتي التي استمرت معي طيلة حياتي والى يومنا هذا اني أنام في الظهر واثر الغداء مباشرة، ولما أشعرته بالأمر قال لي ان هناك بالمنزل غرفة استطيع أن أنام فيها كيفما أريد وعند تناول الفطور، كان المرحوم أحمد فاقدا للرغبة في الأكل نتيجة المرض الذي يعانيه وأعلمني أن الحبيب عاشور سيقدم بعد الظهر كما سيأتي ايضا محمد المصمودي (وكان انذاك سفير تونس بباريس) ولما أتى محمد المصمودي أخرج من جيبه مشروع الرسالة التي كتبها باسم احمد التليلي وأتى بها ليدخل عليها أحمد ما شاء من التعديلات ثم التحق بالمجموعة الباجي قائد السبسي ولم يقترح اي تنقيح وترك لأحمد التليلي حرية اختيار الألفاظ وفي النهاية كانت الرسالة في أغلبها من تحرير احمد التليلي (وأعتقد ان الباجي القائد السبسي هو الذي أوصل تلك الرسالة للرئيس وربما أكون مخطئا في ذلك) وصلت الرسالة للرئيس وكان ردّ فعل أحمد بن صالح كرهه لأي تقارب يحصل بين الرئيس واحمد التليلي ودون ذكر اي اسم صرح بإحدى الجرائد ان ثعابين تحوم حول القصر وانه سيتصدى لها.
اثر مرض الرئيس بورقيبة وانطلاقا من يوم 14 مارس 1967 »فإن أحمد بن صالح كما ذكرت الصحفيتان سهير بن بلحسن وصوفي بسيّس في كتابهما عن الحبيب بورقيبة (وهو من أحسن الكتب التي كتبت عنه) اصبح رجلا متسرعا ومستعجلا أمره فالحركة التعاضدية تتسع بطريقة متنامية لتشمل كل القطاعات الاقتصادية والاستغلال الفلاحي الخاص اصبح يضيق يوما بعد يوم وتعاضديات الخدمات التي تم بعثها منه سنة 1961 قد حوّلت بنسق متسارع الى وحدات انتاج ممركزة كما ان تجارة التفصيل قد مسّت بدورها هي ايضا وبدأت صورة (الحوانتي الجربي) تختفي من احياء تونس العاصمة وهذا التوظيف الاجباري لكامل الاقتصاد التونسي قد انعكس على الانتاج بصفة مأساوية، فالفلاحون الذين اصبحوا أجراء لم يعودوا يزرعون أراضيهم لأنه لم تكن لديهم النية مطلقا ان يعطوا نتيجة شغلهم للدولة واما التجار ورجال الصناعة فإنهم لم يعودوا يستثمرون والعملة الذين يبحثون عن عمل بدأوا في الهجرة الى الخارج وظهر النقص الفادح في مواد الاستهلاك مما زاد في غضب شعبي بدأ يعمّ البلاد ولكن الوزير بن صالح لم يكن يعير ذاك اي اهتمام واستمر في التقدم الى الامام ومنذ سنة 1967 انتظمت الحركة التعاضدية في هيكلة هرمية تنطلق من اتحادات جهوية لكي تنتهي (بالاتحاد القومي للتعاضد) والذي عقد مؤتمره التأسيسي في 24 و 25 جانفي 1969«.
واكتفي هنا بهذا القدر من كلام الصحافيتين سهير بلحسن وصوفي بسيس لأقول ان من عاش في الستينات كان يدرك ان الفاقة بدأت تعم الارياف ونجم عن ذلك النزوح الواسع لأعداد غفيرة من سكان الارياف وقد كان منظرا مأساويا عند هبوط الليل لما تنطلق الشرطة في عمليات القبض على هؤلاء المساكين والذين كانوا يتواجدون قرب محطة الأرتال بتونس ليتم حشرهم في شاحنات وينقلوا الى محتشد الهوارب قرب القيروان الذي كوّنه واشرف عليه عمر شاشية ذلك الوالي الذي كان يدين بالولاء لأحمد بن صالح وكان يأتمر بأوامره.
كل التعاضديات الفلاحية التي أنشئت لم يكن يديرها المتعاضدون بأنفسهم كما يفترض في كل تعاضدية تقول وأنها تنتهج النهج الاشتراكي بل كان يفرض عليها مدير يتقاضى أجرا هاما وهو أجنبي عن المتعاضدين وبلغت الامور ببعض هؤلاء ان كان يتوجه بسيارة التعاضدية بعيدا عنها احيانا بالاربعين كيلومترا لتناول (قهوة إكسبريس).
وكان بن صالح يعلم ان نظامه التعاضدي ما كان ليبقى الا بمباركة بورقيبة ولذلك كان متخوفا كل التخوّف من رجوع المرحوم احمد التليلي الى تونس ومن يدري فقد يستطيع اقناع الحبيب بورقيبة بالعدول عن سياسة التعاضد وتنتهي، هكذا، الاشتراكية الدستورية، لكن المرحوم أحمد التليلي لم يمهله المرض حتى يقوم بتجسيم ما جاء برسالته للحبيب بورقيبة في أوائل سنة .1966
طيلة شهر افريل من سنة 1966 كنا نتقابل يوميا (أحمد التليلي والحبيب عاشور وأنا عندما تسمح لي ظروف عملي بذلك) في مقهى تابع »لنزل الكلاريدج« كان الارهاق والمرض ظاهرين على احمد التليلي ولكنه لم يشتك مطلقا وكان أحيانا يمرّ علينا ابن جهته اسماعيل الآجري أو مصطفى كوكة ليريا ان كان احمد التليلي يحتاج شيئا، أحيانا كان يكلفهما بالذهاب الى احدى المكتبات للبحث له واشتراء كتب كان يعطيهما عناوينها لأنه لم ينقطع أبدا عن المطالعة بالفرنسية لكل الاصدارات السياسية التاريخية الحديثة بفرنسا واعتقد ان هاته الكتب كانت هي مؤنسته في ليالي الأرق الطويلة والذي زاده المرض إحتداما وكان احمد لا ينفك عن المطالبة بالديمقراطية مع كل من لاقاه من المسؤولين بالحزب وربما ساهم بصفة غير مباشرة في تزايد الانتقادات بين مسؤولي الحزب لسياسة بن صالح لأنه لم تكن للدولة انذاك اي سياسة غيرها.
وفي يوم 13 ماي 67 انتقل احمد التليلي الى باريس حيث دخل المستشفى لإجراء عملية جراحية وبقي بالمستشفى منذ ذلك التاريخ وقد اجريت له هاته العملية بتاريخ 31 ماي 1967 وطيلة بقاء التليلي بالمستشفى زاره الحبيب عاشور مرتين في باريس بقي في كل منهما عدة ايام ليوالي زيارته للمستشفى وليرافق احيانا وفود العمال التي كانت تتوجه للاستفسار عن حالة أحمد التليلي.
وفي هاته الفترة اصدر بورقيبة رفع قرار رفت احمد التليلي من الحزب، وعند رجوع الحبيب عاشور الى تونس كان متأثرا جدا لانهيار الحالة الصحية للتليلي وكان متشائما في شأنه.
وعندما كان احمد التليلي في باريس حَدَثَ حَدَثٌ عظيم اذ ألحق الجيش الاسرائيلي هزيمة نكراء بالجيش المصري يوم 5 جوان 1967 واثر ذلك استقال جمال عبد الناصر ثم وبطلب شعبي في مصر عدل عن الاستقالة.
ولم أر في حياتي الحبيب عاشور يبكي الا ذلك اليوم من قهر الهزيمة وكنا نسير في شارع شارل ديڤول حتى بلغنا ادارة البريد ودون ان يقول شيئا اندفع داخلها حيث وجه برقية للحبيب بورقيبة ليطلب منه التضامن مع الرئيس جمال عبد الناصر في ذلك الظرف الدقيق ولا أردي ماذا كانت ردود فعل الرئيس بورقيبة على تلك البرقية.
وفي يوم الاحد 25 جوان 67 توفي احمد التليلي بالمستشفى بباريس وتوجه وفد هام من تونس للعودة بجثمانه على متن الطائرة الى مطار العوينة ومنه نقلوه الى منزله حيث بقي تابوته مسجى هناك وحصل اضطراب بين الحاضرين حيث أصرّ أهالي قفصة ومن بينهم شقيقه على دفنه بمدينة قفصة ولكن ليلتها قدم الدكتور الصادق المقدم وقال لأهل الفقيد ان الرئيس بورقيبة قرر بأن يدفن التليلي في مربع المناضلين الدستوريين بجانب قبر الطيب المهيري وأن الباهي الأدغم هو الذي سيتولى تأبينه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.