كنا و ما زلنا من المتمسكين بالقطاع العام بكل مكوناته خاصة إذا ما تعلق الأمر ببعض المؤسسات التي أعتبرت في وقت من الأوقات من العلامات الصناعية التي نفخر بها وطالب الجميع بتطويرها من الناحية التقنية و توسيعها من ناحية حجم المنتوج و طاقة إستيعاب اليد العاملة التونسية التي كسبت الخبرة الكافية و عاشت التجارب التي تضمن بها مزاحمة حتي الشركات الأم من الناحية الحرفية و هو ما ميز دائما العامل التونسي لكن و أمام غول العولمة و كذلك لأسباب عمالية خاصة ليس المجال هنا للرجوع إليها نخرت الخصخصة جسم القطاع العام الذي كان محميا من الداخل بمنتوجه الوفير و المتقن و من الخارج بالتشريعات و القوانين التي تعطى للمؤسسة التونسية عديد الإمتيازات و التي سرعان ما إنقلبت الأمور رأسا على عقب حيث أصبحت الإمتيازات من نصيب المستثمر الأجنبي خاصة و العراقيل و الصعوبات هي التي تعترض القطاع العام و لم يبقي أمامه سوى الخصخصة أو الإغلاق و التسريح الجماعي للعمال و هو الأمر الذي أرهق الجميع و خاصة الصناديق الإجتماعية التي تعاني اليوم نتائج سياسات الأمس التي رغما عن نتائجها السلبية مازال العمل بها متواصلا و في هذا الإطار قبل الجميع بخصخصة شركة صناعة السيارات بسوسة تحت رعاية خاصة من المركزية النقابية و الإتحاد الجهوي بسوسة و الجامعة العامة للمعادن و النقابة الأساسية و جميع الأطراف الأخرى المعنية بالموضوع و قد إعتبر محضر الإتفاق و النهائي و محضر الإحالة من الحالات النادرة و التي لم يتحقق مثلها في البلاد لدرجة أن البعض إعتبرها نموذجا يحتذى و أن هذا الإتفاق هو إنتصارا للعمال من غول الخصخصة و ضمانا لا يأتيه الشك لا من بين يديه و لا من خلفه و تمت دعوة كل النقابات الأساسية التي تعاني مؤسساتها صعوبات و التي لا بد من خصخصتها أن تحذو حذو شركة ستيا و مرت الأيام مسرعة و تحسر من تحسر على التفريط في هذا المكسب العام الكبير و رضي من رضي ليستفيق الجميع و رغما عن كل ما سبق الحديث عنه بأن المستثمر الخاص تنكر أولا و بالذات للطرف النقابي و رفض مشاركته في أبسط الحقوق المهنية العمالية و هي في أصل الشيء في عرف الخواص بداية التملص من كل إلتزاماته بداية بالتهديدات الموجهة للطرف النقابي بالمؤسسة و ما خفي كان أعظم هذا ما جرني لمعاودة الحديث عن شركة قانز و ما يعيشه عمالها من تأخر في الرواتب و عديد النقاط العالقة منذ الجولة الفارطة من المفاوضات الإجتماعية و غيرها من المكاسب الإجتماعية و المهنية ذات المصالح المشتركة مع المؤسسة هذه المؤسسة التي أريد لها أن تكون متعثرة و تعاني من الذائقة المالية في حين أنه بإمكانها أن تكون في المقدمة لو توفرت في ذلك الوقت شيء من الإرادة السياسية و النقابية لكن اليوم قد فات الأوان و ما يجب علينا فعله هو تضمين أكثر ما يمكن من الحقوق و المكتسبات العمالية و الإنتباه لكل صغيرة و كبيرة في صياغة المحاضر و الإتفاقيات خاصة تلك التي تخص الإحالة لكن السؤوال اليوم هل نحن على هذا القدر من المسؤولية و الإهتمام؟ هل أن الأقسام المعنية بالموضوع بالمركزية النقابية مهتمة بموضوع شركة قانز حتي لا تعيش شريحة أخرى من العمال التونسيون نفس الكابوس؟ و الأهم هل أن العمال في قانز اليوم هم أشد إلتفافا حول هياكلهم المفاوضة و خاصة الإتحاد الجهوي للشغل بقابس و الجامعة العامة للمعادن مما كان عليه عمال ستيا في ذلك الوقت؟ لأن ما حققه زملائهم في سوسة كان أساسا نتيجة تمسكهم بهياكلهم النقابية و أن العمال هم من فرض على الجميع في الإتحاد العام التونسي للشغل بكل مكونات تشكيلاته و هياكله المسيرة بان تكون طرفا مسؤولا يعتمد عليه في أول المفاوضات و يكون مرجعا عند الشدائد و هو ما حصل اليوم بان عاد الجميع للأطراف المساهمة في وضع كل بنود عملية الإحالة و إتفاقية المؤسسة و من هذا المنطلق لا بد لكل الإخوة عمال شركة قانز أن يكون متحدين متراصي الصفوف خلف هياكل الإتحاد العام التونسي للشغل الملاذ الوحيد لكل العمال بالفكر و الساعد بدون إستثناء و في مثل هذه الحالات لا بد أن نبني بنيانا متراصا محصنا نلجأ إليه عند الشدة و يقينا شرور الزمن و إنقلابات الخواص الذي لا هم لهم سوى الربح و إمتصاص دماء العمال و ليعلم الجميع بأن لا مناص لأي كان للوقاية و الحماية من مثل هذه الآفة سوى الإتحاد العام التونسي للشغل الذي أسسه حشاد منذ أواسط القرن الماضي للتونسيين كافة دون إستثناء حتي عندما خاطب العمال خاطبهم باسم الشعب و لم يخاطبهم بصفة عمالية فئوية إنما توجه بفكره و نظريته الإستشرافية لأن يكون للشعب التونسي بكل مكوناته نادي يلتقون فيه و منبعا يرتوون منه دون منة من أحد سوى إلتفافهم حول بعضهم البعض لأنهم أي العمال هم الإتحاد العام التونسي للشغل ينطلق منهم في نضالاته و تصديه لكل أشكال الغطرسة و الإستغلال و يعود لهم في نتائجه و ثمرة مجهوداتهم و لذا المطلوب من الإخوة عمال شركة قانز قابس أن لا يغرنكم في مؤسستكم الغرور و وجب الإتعاض و الإنتباه لكل ما حدث في شركة ستيا و أن نتجاوز الحسابات الضييقة و المصالح الشخصية في سبيل أن نضمن حقوقنا أولا و أن نترك لمن هم من بعدنا موروثا يليق بالنضالات الكبيرة و النوعية التي خاضها عمال قانز على إمتداد عشرات السنين لو أنه وقع توظيفها التوظيف الصحيح لكانت قانز قابس من أعظم الشركات بالقطاع العام بالبلاد و هنا أود أن أتوجه بتحية نقابية للإخوة أعضاء النقابة الأساسية بقانز و من ورائهم كل العمال للشجاعة و الصبر و الروح النضالية الكبيرة التي أرجو أن لا تخبو في يوم من الأيام تحت ضغط الخواص و ممارساتهم المعادية للعمل النقابي فما بالك إذا كان في مستوى هؤولاء الذين يستحقون صفة مناضلين نقابيين كما أرجو أن لا يستسلموا في الأمتار الأخير وأن يواصلوا على نفس الوتيرة و أن يفرضوا بنضالاتهم على الجميع الإلتفاف حولهم و مناصرتهم و الدفاع عن حقوقهم و ضمان مستحقاتهم لكن في إطار الإتحاد العام التونسي للشغل الذي تتوفر داخله كل الطاقات و التجارب و يوفر لكل أمر ما يناسبه من وسائل دفاع سواء دفاع ذاتي نقابي أو قانوني قضائي هذا فقط من باب التذكير? و ذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين? و كلنا مؤمن بقضيته و بدور الإتحاد العام التونسي للشغل الطلائعي و الله الموفق.