مدينة قفصة صعبة المراس منذ فجر التاريخ فموضعها بهضبة ولكن تشبه المقعر بين سلسلة جبل عرباط شرقا وسلسلة جبل بن يونس غربا ومجاورتها لوادي بياش الذي يقسمها الى جزئين (قفصةالمدينةوقفصة قصر أو قفصة المحطة كما يقول المتقدمون في السن) ومتاخمتها لواحة كانت كثيفة في السابق...ووجود سلسلة من الجبال القديمة المتناثرة هنا وهناك والتي تعرف بالعساسيل (جمع العسالة ومعناها جبال يكثر به حجر العسلي البلوري والذي كنا نستعمله مكان الكجات في صغرنا) ووجود سلسلة من التلال (الكدي جمع كدية او الرواقيب جمع راقوبة) التي كانت تغلق كل المنافذ نحوها من سفح جبل العسالة الكبير الى سفح جبل عرباط (وليس عرباطة) قرب وادي المالح بواحة لالة، كل ذلك جعل منها مدينة حصينة ومنطقة مميزة ومحبذة لكل ثائر أو متمرد بدأ بيوغورطة البربري على ما اعلم ووصولا الى الثورة المسلحة في خمسينات القرن الماضي وحتى بعد ذلك بكثير... لكن هذا الموقع المتميز استراتيجيا تحول بحكم التوسع العمراني الاخطبوطي (المدينة مضطرة الى التوسع عبر خمسة طرق، ربط ثلاثة منها قطرية نحو صفاقسوتونس والجريد واثنتان مغاربية عبر قابسوالقصرين) الى عبء مستعصي أدى الى اختناق حركة المرور فالجميع مجبر على تسجيل الحضور بقلب المدينة قرب الحديقة العمومية الرئيسية (حديقة بورقيبة سابقا)! انها بحق نوع من التأشيرة المفروضة على كل من يعبر نواحينا ولو لم يكن في حاجة الى دخول مركز المدينة ولا بد من الاعتراف هنا بان إقامة طريق حزامية قد تأخر كثيرا فزاد ذلك من صعوبة انجازها بحكم التوسع العمراني الذي احتل الأماكن الصالحة لمرور هذه الطريق، اخيرا وقع الشروع في انجاز هذه الطريق وهو أمر نستبشر به جميعا ولكن ما تجدر الإشارة إليه هو ان هذه الطريق لن تكون حزامية باتم معنى الكلمة بما انها لن تطوق كل الاحياء القديمة واذا ما اكتفت هذه الطريق بالربط بين مفصلي الطريق الرئيسية رقم 3 أي بين طريق تونس (طريق القيروان سابقا) وطريق الجريد عبر المتلوي، فإنها لن تحل مشكلة اختناق المرور وربما زادتها تعقيدا لانها ببساطة شديدة لن تمكن سائقي الشاحنات الثقيلة المستعملين لطريق المغرب العربي عبر طريق القصرينوقابس من تجنب المرور بمدينة قفصة من ناحية ومدينة قفصة قصر من ناحية ثانية، فلكي نحصل على نتائج إيجابية لابد من تمطيط الطريق الحزامية نحو طريق قابس عبر واحة العقيلة وعب وادي بياش ولو أن ذلك سيزيد من تكاليف الانجاز خاصة مع ضرورة إقامة معبر ثاني عبر وادي بياش دون اللجوء الى جسر.