تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وريقات من دفتر عابر في أيام قرطاج السينمائية JCC
من مبعوثنا الخاص الى شارع بورقيبة / عبد الكريم قابوس
نشر في الشعب يوم 06 - 11 - 2010

»أيام قرطاج السينمائية« ليست حكرًا على أحد ولا ملكًا لأحد... إنها افراز لنضال طويل ومرير منذ أن تأسس أوّل ناد للسينما وقد عثرنا أخيرا على المعلومات الاولى التي أمدنا بها أوّل رئيس لنادي سينما في تونس سنة 1948 وهو المستشرق »أندري ريمون« (André Raymond) والعالم الفذّ صاحب أهمّ كتب عن القاهرة وحلب وتونس ومترجم ابن أبي الضياف. كان مناضلا نقابيا وسيمدّنا بأفلام صوّرها في آخر الاربعينات عن اضرابات قام بها الاتحاد العام التونسي للشغل. كما كان ناقدًا سينمائيا وموسيقيا في جريدة »تونس الاشتراكيّة« ومدرّسا »بليسي كارنو«... وطرد من تونس..
منذ بعث أول ناد للسينما، لم تفتر عزيمة الوطنيين الشرفاء وعلى رأسهم »الطاهر الشريعة« الذي أسس دعامات السينما التونسية والافريقية وأنتج فكرة بعث المهرجان...
لكن اليوم... اليوم ما الذي جرى؟... هذا ما سيأتي في ما سوف أكتب...
1
قبل البدء...
سيناريو لن يصوّر
نكتة:
في عهد اشتراكيّة أحد البلدان العربية كانت المواد الاساسيّة من أرز وسكر وشاي وغيرها مدعمة ولاتباع الا في دكاكين تابعة للدّولة تسمّى »المجمّعات التجارية« (أو ما يشابه ذلك)... وكان لكلّ أسرة بطاقة تحدّد حصصها من المواد حسب عدد أفراد العائلة وذلك وقاية من السوق السوداء.. والذي يحصل غالبا أنّه في اليوم الثالث من كل شهر تنفذ المواد فيبقى العمّال في بطالة تامة. في أحد الايام.. وعلى سبيل الفضول اتجه احد المواطنين الى المجمع ليدقّق هل هناك سلعٌ أم لا، فبادر بسؤال الموظف:
❊ هل هناك دجاج (فيه فراخ)؟
قال الموظف نعم ! وكم تريد منها؟
❊ أربعة..
(يكتب الموظف ورقة) ويشير عليه ان يصعد إلى الطابق الاول.
هناك في الطابق الاول يسأله الموظف هل تريدها بلدي أم مستورد؟
❊ بلدي طبعا
حاجتك في الطابق الثاني
يصعد ويجد موظفا فيقول له: »فرط أو في أكياس نايلن«
❊ في أكياس طبعًا
يتظاهر الموظف بالعمل ويقول له الدفع في الخزينة تحت.
فينزل حيث يصادف موظف الخزينة الذي يقول له:
هو سعادتك مافيش فراخ (دجاج) بس رأيك ايه في النظام؟
هذا السيناريو الصغير تذكرته في اختتام مهرجان أيام قرطاج السينمائية 2010 الذي أتى وكأنه صندوق فاخر لمجوهرات اكثرها »فالصو« (مقلدة).
2
قبل الافتتاح في البحث عن دعوة
لا أحبّ كلمتي دعوة (عفانا اللّه) لأنها تذكرني بأمّي عندما تدعو أمام قبر »أبي علي السنّي« على فرنسا والاستعمار والمراقب الذي لم يمكنّنا من بطاقة علاج... والاستدعاء الذي يذكرني بسنوات الجمر للتحول الى مركز الشرطة وبدلا عنها أفضّل عليها مفردة بدأت تمارس في الوطن العربي وهي استضافة......
استسمح القارئ...وربّما الكثير منهم اكثر مني ذاكرة ومعرفة وقدرا وشأنا بأن أصف له ما جرى لي عند الدخول الى المسرح في حفلي الافتتاح والاختتام وهو ما جرى لبعضهم طبعا.
عبدكم الحقير أعطى من حياته بالتحديد 46 سنة للسينما التونسية كعضو بنادي السينما بقفصة وذلك بايعاز من ذلك الاستاذ النبيل الذي دفعنا الى معرفة الادب واقتنى لنا من ماله بطاقات انخراط في نوادي السينما واعتقد أنه فعل ذلك مع صالح البكاري، وجعفر بني يزيد (المتفقد العام للرياضات السابق) والحبيب كعباشي وآخرين أعني استاذنا الجليل عبد المجيد الشرفي، ومنها أصبحت كاتب عام نادي سينما تونس ثم كاتب عام الجامعة التونسية لنوادي السينما فمستشارا اعلاميا في الشركة الوطنية للتنمية والانتاج السينمائي (الساتبيك) الى جانب المرحوم حمادي الصيد فناقدا بدار الصباح وفي 62 دورية أخرى 8 مرّات عضو الهيئة المديرة لمهرجان ايام قرطاج السينمائية.. ولم أتخلّ في حياتي على دورة واحدة من هذه الايام فحضرت كلّ افتتاحاته واختتاماته، افراحه واتراحه، ايامه الحلوة والمرّة...
لكنّ بمناسبة يوم الافتتاح الأخير، لم أعرف كيف اتحصل على دعوة... (عفانا الله) أو حتى استدعاء ماسحًا يدي من الاستضافة منذ ان انقضّت براثن مجموعة جديدة للسهر على أمور أيام قرطاج السينمائية...
كنت حائرا، امشي في شارع الحبيب بورقيبة وأتذكر الدورات السابقة...
تلك التي أسميها دورات ما قبل البساط الاحمر... أو دورات ما قبل المسرح البلدي... عندما كان المهرجان عربيّا افريقيا... حيث كان ينط بين أشجار شارع بورقيبة يوسف شاهين ويختال في الأفق صلاح أبو سيف وتنتصب قامة سميرفريد وهو يحكي مع شباب نوادي السينما والمرحوم سامي السلاموني وهو يبحث عن اكثرالافلام غرابة... وعصمان صمبان بغليونه وهو يلعن الإمبريالية والشركات الكبرى التي تحتل شاشات إفريقيا وبابكر صامب عاري الصدر يزمجر وينادي باستقلال تام للمخيال الافريقي وجبريل ديوب وهو يتلو شعرا ونحن الذين يسمينا يوسف شاهين »عصافير شارع بورقيبة« محبّي السينما والسينمائيين الهواة نجلس مع هؤلاء العظماء نصغي اليهم، نشرب كلامهم، نفرح لمّا ينادوننا بأسمائنا... ولا يفوتنا فلم عربي وأفريقي واحد...
كنت أمشي وأتذكر الطاهر الشريعة أطال الله في عمره وهو يمشي، على يمينه منصف بن عامر ذلك النبيل الرائع، ذاكرة السينما التونسية، وعلى شماله المرحوم النوري الزنزوري الاخ الاكبر والراعي لكل الشباب والذي لا تفارقه محفظته التي ملأها بطاقات دخول يوزعها على من لم يتمكن من منخرطي النوادي والصحفيين ومحبي السينما من الحصول على دعوات، كنت أرى قامة حمادي الصيد الفارعة وهو يمشي مع الهادي بن خليفة وسهير بلحسن (رئيس تحرير مجلة »كونتاكت«) ونكته وحكاياته تتناثر... وتخلق ذلك الضحك البريء.
كانت قاعة »اليولماريوم« بكراسيها الثلاثة آلاف يحضر بها في الافتتاح كل من يحبّ السينما... أغلقت واستحوذ على أرضها البترو دولار وتحوّلت مع قاعة يحيى للعروض التشكيلية الى مغازات ملابس... تقوقع المهرجان وذهب إلى صالة الكوليزي في إطار حل كنا نتصور أنه وقتي لكن هاهو المهرجان منذ ما أسميه زمن »درّة بوشوشة« ينتقل الى المسرح البلدي وهي اعلى مراحل الاحتقار للسينما اذ المسرح بجماله والبساط الاحمر ومجموعة الحرّاس المحلوقة رؤوسهم والبذيئة ألسنهم... ليس المكان المناسب لافتتاح مهرجان سينما وتذكّرت أننا نحن في تونس شعب يأكل خلال أوقات العمل ويعمل خلال أوقات الاكل.
كنت أفكّر في الدّعوة لأنّني كنت حريصا على حضور حفل الافتتاح... واذا بي ألتقي بقريب لي كان يعمل في وزارة الثقافة ومعه سائق يعمل لفائدة المهرجان، حدثتهما في الأمر فقالا لي لا تحتار.. سنضمن لك الدّعوة... نفذ صبري ولذلك تحوّلت يوم الافتتاح في الواحدة الى وزارة الثقافة الموقرة وتوجهت للصديق فتحي الخراط الكاتب العام للمهرجان ومدير ادارة السينما... كان قد أغلق باب مكتبه بالمفتاح.. وهو لا يرفع لا هاتفه القار ولا الجوّال.. مساعدته أقسمت بأغلظ الايمان انها لا تملك أي دعوة وأشارت عليّ بان اتوجه الى الملحق الصحفي وفعلا وجدت شخصا لم أعرفه من قبل كان يتحدّث في الهاتف وهو بصدد إعداد دعوات لسيدة ثرثارة... ولما طلبت منه دعوة... أخرج لي قائمة وقال: قرّرنا ان نرسل دعوة واحدة لشخص واحد لكل رئيس تحرير وقد أرسلنا الى رئيس تحرير جريدتك دعوة.
وقتها فاضت الكأس وصرخت وزمجرت وطلبت ورقة وكتبت رسالة الى السيد الوزير... هذا نصها: من غير المعقول ان لا أتحصل على دعوة أنا الذي اكتب هذه الايام اكثر مقالات عن السينما... وشاركت في ادارة المهرجانات 8 دورات ولكم سديد النظر«... ودفعتها لمدير الديوان الذي وقع عليها مشكورا واشار لي بالتوجه الى السيد فتحي الخرّاط... الذي فتح، بعد المهاتفة من الديوان، الابواب واعطاني الدعوة والبرنامج.
لن أحكي لكم كيف أعيدت الكرة بالنسبة للاختتام لا لشيء الا لأنّ أي مهرجان في العالم تكون لديه قائمة واضحة في مدعويه حسب الاولويات، هكذا كنا نفعل أيام الطاهر الشريعة وحماي الصيد والطاهر قيقة وحسن العكروت وعلي الزعيم اذ الهيئة المديرة (نسيت أن أقول لكم ان هذا المهرجان دون هيئة مديرة)... تقوم بوضع الاولويات:
أ) السينمائيون: منتجون ومخرجون وفنانون وتقنيون (وهذا طبيعي)
ب) محبو السينما
ج) الصحافيون في أكثر عدد ممكن منهم
الكتاب وكبار المثقفين ورجالات الموسيقى والمسرح.
الدبلوماسيون والرسميون
والباقي يتصرف فيه مدير المهرجان حسب الصلاحيات.
أمّا اليوم، لا أدري من يقرّر منع الدعوات على أصحاب المهنة.. وآخر مفاجئة هي أنّ أباء وأمهات الاطفال المنتمين الى لجنة التحكيم الخاصة بالاطفال لم يتحصلوا على دعوات لحفل الاختتام وقد تحادثت معهم طويلا ورجعوا غاضبين للمهدية وقبلي وغيرها... وقتها »درّة بوشوشة« ومن معها كانت منهمكة في تأجير سيارتي ليموزين وعربات مجرورة من النوع المخصص لزواج الأثرياء الجدد لتحمل المشاركين في المهرجان من نزل أفريكا الى المسرح البلدي (أي 50 مترا)... والطريف أنّ الضيوف تنقلوا مشيا فيما كان يصعد كل مرة من تفطّن للعبة... مواطنون ليست لهم دعوات اكتشفوا ان الليموزين والعربات تدخل الى المسرح دون مراقبة من عليها...
مهزلة... مسخرة...
الحكمة:
مغنيّة الحيّ لا تطرب والمهتمين فعلا بالسينما هم كالايتام في مأدبة للئام.
3
في البحث عن الإيجابي
... كل ما سقته هو من باب الملاحظات العابرة وليست بحثا عن السلبي هي مجرّد استنتاجات... وأبحث عن والايجابي...
كيف؟
بعد أن شاركت في اكثر من مائة مهرجان في حوالي 20 بلدًا خرجت بقاعدة... هي أن أي مهرجان سينمائي مهما كان نوعه لا يستحق تشنجا أو جريا وركضا... ان اي مهرجان لا يعدو أن يكون الا فرصة لمشاهدة الافلام والتعرف على فاعلين في السينما أي تجديد كنش العناوين واكتشاف مواهب ونقاد وشخصيات سينمائية وتخليت منذ سنوات عن التظاهرات »المعويّة« اي دعوات الاكل... في السفارات او البنوك او النزل التي يتمّ فيها الأكل والشرب وكأنك تقرأ أعمال الفرنسي »رابلي« أو تتذكر المقامة المغيريّة لبديع الزمان الهمذاني.
وللتعرف على العروض هنالك مرجع أساسي.
البرنامج الذي والحق يقال أنّه وزّع بسخاء
و»الكاتالوغ« الذي أتي جيدا شكلا ومضمونا.
لكن (وأعوذ بالله من كلمة لكن) أتى الكاتالوغ جيدا في تحريره بالفرنسية والانكليزية لكن ترجمة ملخصات الافلام أتت ركيكة وثقيلة وبليدة الاسلوب وغير مفهومة في بعض الحالات.
أمّا البرنامج فقد خلته برنامج مهرجان ينظم في تونس عام 1948 في عهد الاستعمار.. فليس فيه كلمة بالعربية... ولا الانكليزية. كنّا فيما مضى نكتفي بطباعة الافلام واسماء المتدخلين العرب بالعربية وذلك حتى لا نترجم اسماءهم من الفرنسية الى العربية وحتى لا يكتب الناقد العربي الجديد »وليد طايا« عوضا عن طايع TAYAA.
صحيح أن الكاتالوغ وردت فيه الترجمات (وهي تقريبية) لكن هل المتفرج التونسي، وهو الاساس، والذي لم يتحصل ليس على الكاتالوغ قادرًا ان يترجم العناوين بنفسه...
»الارض تتكلم عربي« يا ساهرين عن المهرجان ووزير الثقافة استاذ عربية... وهنالك قانون اكد عليه رئيس الجمهورية هو ان لغة التعامل الاساسي للوزارات هي العربيّة وان برمجيات الكومبيوتر.. ترجمت الى العربية.
وأنا اتصفح البرنامج مع اصدقائي الليبيين أحاول ان أترجم لهم العنوان تذكرت فلم هاني سرور »ساعة التحرير دقّت برّة يا استعمار«.
ومع هذا فإنّ تقزيم حجم »الكاتالوغ« الى مقاس كتاب الجيب فكرة جميلة والاخراج ممتاز غير ان عنوان كلمة مدير الدورة أتى اكبر من عنوان كلمة السيد الوزير.
لا يهمّ
غير ان البرنامج ساعدنا على المشاهدة... مشاهدة الافلام واي افلام؟ وهذا بيت القصيد
4
في ظلام القاعات الحلوة...
في كل مهرجان يقدّمون أرقاما: 200 فلم من 70 بلدا في الافتتاح 250 فلم من 80 بلدا في الاختتام... ولكن أمامنا البرنامج فلنحتسب البلدان المشاركة:
اذا استثنينا بعض البلدان التي تظهر في اشتراك افلام جماعية مثل »ناميبيا والتوغو، والموزمبيك« التي تظهر أسماؤها في فلم عنوانه »9 أفلام قصيرة من أفريقيا« أو افلام جماعية مع ألمانيا وهي تجارب تشجع وبسيطة فإن البلدان المشاركة في المهرجان هي: إفريقيا الجنوبية، كينيا، أوغندا، الكاميرون، مالي، أثيوبيا، السينغال، الكونغو الديمقراطية بأفلام يتيمة هذا من القارة الافريقية.
والعرب: مصر، تونس، المغرب، لبنان، سوريا، فلسطين، ليبيا، الاردن (فلم تحريك)، الجزائر، موريتانيا.
البلدان الاخرى: »فرنسا، الارجنتين، البرازيل، بلغاريا، كندا، شيلي، الصين، كوريا الجنوبية، إيران، الفلبين، جمهورية دومنكان، روسيا، سويسرا، تايلندا، الهند، افغانستان، هايتي، المكسيك«.
الارقام لا تعطي شيئا فمثلا: بالنسبة للبلدان الاجنبية تحتل فرنسا الصدارة: 15 فلما كاملا 7 أفلام مشاركة و6 أفلام بالاشتراك طورا مع بلجيكا ومرة مع تونس والجزائر والمغرب غير ان موريتانيا مثلا تشارك بفلم قصير خارج المسابقة. اما لبنان فلها حصة كبيرة 13 فلما منها 5 في المسابقات الرسمية و6 احتفاء بغسان سلحب.
وقد قمنا باحتساب دقيق للمسابقات فهاهي النتائج وذلك بعدد الدقائق.
❊ المسابقة الرسمية
افريقيا الجنوبية فلمين 77 دقيقة و91 د/ والجزائر فلم واحد 97د/ مصر فلمين 133 و120د / كينيا فلم واحد 61د، المغرب فلم واحد 85د أوغندا / فلم واحد 78د، / سوريا فلم واحد 96د / تونس: ثلاثة أفلام 110د و 81 د و104د وهكذا تكون الافلام الافريقية قد عرضت في المسابقة الرسمية في مشاركتها الاربعة على 407 دقائق والعربية في مشاركتها، 794 دقيقة اي أن افريقيا غائبة في جلّ بلدانها.
وسنمدّ في دراسة لاحقة المهرجان بقائمة في 20 فلما افريقيا و20 فلما عربيا انتجت بين 2000 و2010.
اما بالنسبة لمسابقة الافلام الوثائقية فقد عرضت لافريقيا 271 دقيقة والعربية 603 دقائق!
❊ مسابقة الافلام القصيرة عرض خلالها 180 دقيقة من افريقيا والوطن العربي. أمّا تونس فقد كان نصيبها 218 دقيقة وهو أمر محمود وقد تحصلت السينما الافريقية القصيرة على 61 دقيقة فقط اي 8/1 من المسابقة الرسمية.
وتعطينا هذه الارقام استنتاجًا جميلاً أنّ تونس احتلت الصدارة في كل المجالات بعدد الافلام ومدّة العرض وان افريقيا السوداء بقيت مجهولة تماما وأحيل منظمي المهرجان على الانترنات.
العروض... شيء من احترام السينما يا ناس!
أهم ما في مهرجان سينمائي الأفلام، وأكثر أهمية طريقة عرضها... اختيار المسرح الوطني لجمال ديكوره وحميميته المعدّة أساسًا للمسرح والأوبرا تجعل العرض السينمائي غريبًا عنه لأنّ قاعة السينما شاشتها تقع رأسا أمام الصف الاول من المقاعد لا داخل الركح ممّا يدخل على اطار الصورة تشويشا بصريا.. ثم أن المسرح نصف دائري فالمتفرج الحقيقي هو الذي يجلس على كراسي الصفوف المقابلة للشاشة غير أنّ 60٪ من المتفرجين يرون الفلم على الهامش ممّا يكسر شكل إطار الصورة حيث تأتيهم رؤوس الممثلين بيضوية الشكل.
زد على ذلك أنّ المسرح ليس معدًّا للعروض السينمائية فآلات العرض تركّز في »لوج« مقابل الركح ان كان عرضًا بطريقة الفديو.. وحتى الفلم الحدث »خارج عن القانون« فقد أبى طارق بن عمار إلا أن يعرضه بعيار 35 ملم فكنّا نسمع »تكتكة« آلة العرض... شيء جميل ان يذكّرنا بالعروض التي كان الأساتذة الفرنسيون المتعاقدون يعرضونها لنا في أقسام الدّراسة، لكن... ثمّ أنّ عروض الأفلام المصورة أصلا رقميّا عاش مخرجوها تعسفا نتيجة لا مبالاة العارضين. الكل يعرف ان مقاس العروض اليوم إمّا 3/4 أي شاشة 1.33 أو 19/16 أي 1.66 وكلنا اليوم يعيش تلك المعضلة في شاشات التلفزيون في البيوت فكثير من الافلام مقاسها 3/4 عرضت بمقاس 9/16 مما يجعل الوجوه عريضة والشخصيات ممسوخة وفعلا كان المخرج الليبي صاحب الشريط اليتيم في المسابقة وهو فلم جميل عن وقع الغارات الجوية على الأطفال وعنوانه »قسمة« عرض حسب هذا النظام غير أنّ المخرج كان في القاعة واحتج وقطع عرض الفلم في النصف ثم أعيد العرض بالطريقة السليمة...
كنت على موعد مع ذلك البلجيكي الرّائع »ميشال بودور« وهو من أشهر مديري التصوير في العالم وأستاذ مادّة التصوير في معهد »السينما ببروكسل« درّس جلّ المخرجين العرب والتونسيين التصوير وهو في هذه الايام يدرس في المعهد العالي لفنون الميديا بمنوبة وقد صوّر أفلامًا تونسية عديدة منها »كلمة رجال« لمعزّ كمون و»آخر فلم« للنوري بوزيد... أتاني ميشال يزمجر ويزبد وهو الذي عرفته هادئا وأخبرني أنّه كان يريد مشاهدة الفلم الصيني المفصل على جائزة في مهرجان »كان« وقد كان يعرض في قاعة ابن رشيق... واخبرني أنّ العرض كان مخجلا ولعنة عن السينما... فقام وصرخ في القاعة وخرج وكتب رسالة احتجاج باسم الصورة الى »درّة بوشوشة«.
أعلم أنّ السيد الوزير قد اجتمع بأصحاب القاعات وطلب منهم ما يجب أن تتدخّل به الوزارة لاعداد القاعات ورصدت الأموال... لكن.
5
ورشات المشاريع: لمن تقرع الأجراس؟
مع »الكاتالوغ« وزعت ادارة المهرجان كتابا آخر في مائة صفحة عنوانه (Ateliers de projets) باللغتين الفرنسية والأنكليزية وكأننا في »الكونغو« أو »التوغو« في مهرجان تنظمه السفارة الفرنسية... يعلن هذا الكتاب على تظاهرات »غير فلميّة« أي الورشات والندوات، دون أيّ كلمة بلغتنا الجميلة وهي:
❊ ورشة المشاريع:
وهي فكرة قديمة تنظم منذ عام 1992 استوردتها وقتئذ من مهرجان »روتردام« درة بوشوشة... وهي فكرة جيّدة وطريفة يقدّم فيها المخرجون من بلدان الجنوب مشاريعهم للحصول على مساعدات على الكتابة من بلدان الشمال عادة لا تتعدّى 10.000 دولار تؤمنها جهات مختلفة واليوم تقدم هذه الجوائز كل من:
الالكسو (وهي ظاهرة جديدة)
منظمة الفرنكوفونية
المعهد الفرنسي للتعاون بتونس
ثقافة فرنسا
المركز الوطني للسينما بفرنسا
(Dubaï Film Consortium) وعلى رأسها الفرنسي أو الامريكي
Lucas Rosant(وهي ظاهرة في الخليج تتمثل في بعث مهرجانات سينمائية توكل شركات البترول تنظيمها الى منظمين من أوروبا وأمريكا... مهرجانات ما يسمى المفتاح في اليد)...
❊ التظاهرة الثانية... قيد الإنجاز
فلم قيد الانجاز تتمثل في منح إعانة لانهاء أعمال الفلم وتقدم ثلاث منح تعرضها الالكسو ومؤسستان فرنسيتان...
❊ ويقدّم الكتيب قائمة مفصلة بالصورة والعنوان والتقديم للمنتجين والمهنيين الذين يحضرون المهرجان وهم 39 ضيفا منهم 16 فرنسيا...
والسؤال كم هي كلفة اقامتهم وكم سيدرّون علينا من مساعدات؟
❊ ويقدّم الكتيب المؤسسات التي تعرض مساعدات للافلام وهي عديدة في العالم... مؤسسات تمنح مساعدات تتماشى مع منطق بلدانها وحضاراتها وتحضرني حادثة رفض فلم »الكسوة« لكلثوم برناز اذ قالت لها لجنة في هولندا ان المرأة التي تقود السيارة في فيلمها وتلبس السروال ليست إمرأة تونسية حقيقية فهذه في نظرهم يجب ان تكون جاهلة وفلاحة وتلبس الملية ولها وشم على الوجه...
أقول لهذه المؤسسات اتركوا مساعداتكم عندكم... وانقذونا من »هذا الحبّ القاتل« على حدّ قول العظيم »محمود درويش«.
❊ وكما يقدم الكتيب دروس السينما والتي لم يحضرها الا نفر قليل وهي تنظم في مكتبة شارل ديغول التابعة للسفارة الفرنسية.
❊ أمّا آخر تقليعة فهي الايام السمعية البصريّة التي نظمتها سفارة فرنسا على مدى يومين فأتت مهرجانًا وسط المهرجان...
كل خمس دورات تنزل علينا فرنسا ضيفًا لتنظيم ندوة تكون في العادة صاخبة... عن العلاقة بين تونس (والمغرب العربي وافريقيا) وفرنسا في ميدان السينما ظاهرها شراكة وباطنها شراسة...
الكل يعلم ان فرنسا بلد في طريق التخلّف... أمام ما يجري في الهند والصين واليابان وغدا استراليا فالعمّة العجوز الغازية، أعني أوروبا في طريق الانهيار... أسواقها ضيقة... صادراتها تبور يوما بعد يوم وخاصة في ميدان السمعي البصري مشكلتها بروز مؤسسات سمعية بصرية عالميّة احتلت مكانتها الطبيعية وخاصة الحضور الفرنسي في المستعمارات القديمة... وهذا أمر غير مستغرب اذ أنّ منذ عشر سنوات أغلقت فرنسا أبوابها أمام الافلام والبرامج التلفزيونية الافريقية والعربية وتوجهت لشرق قارة أوروبا، بلدان ما يسمّى الدول الاشتراكية قديما.
خذ مثلا »عرض فلم« صمت القصور في canal + (قناة +) كان مقابل مليون فرنك فرنسي العرض الواحد 200.000 دينار واليوم لا يقبل عرض أفلاما الا TV5 مقابل 10.000 أورو ولا تتدخل القنوات الاخرى في الانتاج الا »فرنسا 5« (France 5) في الافلام الوثائقية مقابل 5000 أورو لا تكفي لشراء الماء للفريق في حين أن فرنسا وعلى رأس سمعياتها وبصريتها وخارجيتها »فريدريك متران وبرناركوشنار« تسعى الى تركيز بث البرامج الفرنسية على قنواتنا وعرض أفلام فرنسا على شاشاتنا وتركيز حزم البث على هواياتنا... وذلك عندما اكتشفوا أنّ الجنّ القابع في قمقم المخيال العربي قد استيقظ مثل »الجزيرة« على علاتها والعربية على »سعوديتها« وأبوظبي التي اختارت »ناشيونال جيوغرافيك« وعزفت على الوثائقيات الاوروبية... و»الجزيرة« أطفال وغيرها...
أقول كلمة واحدة الى فرنسا التي ضمنت في المهرجان 60٪ من الحضور والافلام والتظاهرات نحن عرب وأفارقة ولا حاجة لنا بخموركم وعطركم والموتارد البصريّة... لنجلس ونتحدث كما هو الامر في البترول ندّا للندّ وارفعوا اياديكم وتخلوا عن الوصاية فالكل يعرف أنّ مديرة المهرجان هي ورغم النسيان الفرنسي تنتج أفلاما في تونس لصالح »فريدريك ميتران« عن طريق شركة شقيقته إذ صور المخرج الوزير أفلاما عديدة منها سلسلة عن البيوت الفاخرة في تونس والمغرب... وفلمي »فيليب وري سوبول« زد على ذلك، يقوم بتسمية »درة بوشوشة« على رأس مؤسسة الجنوب لمساعدة الأفلام لبلدان الجنوب وهو الذي كان وراء منحها الاموال لبعث ما يسمى بورشة السيناريو التي يقوم فيها أشخاص مجهولون بتدريس السيناريو.
خذ مثلا »طارق بن شعبان وهو المفوّض العام لمهرجان هذه السنة« يقوم بدور ما يسمى »كبير كتاب السيناريو« وهو لم يكتب سيناريو واحدا قطّ ولم يصور فلما وهنا أصل الى مفهوم جديد يطرح على الطاولة من طرف علماء الاجتماع والعلوم السياسية وهو مفهوم Télécolonisation فكلمة Télé هي البعد كقولك Télévision وهي الرؤية عن بعد واليوم نعيش نهضة استعمارية جديدة هي المتمثلة في الاستعمار عن بعد، عن طريق التلفزيون والانترنات والبنوك وتحويل الصناعات الملوثة الى بلداننا غير انّ اللعبة لن تنطلي، لنا ثقة في عيون الشباب.
6
عيون الشباب التونسي الخصبة
في كلّ مهرجان أحدّد منهجا للمتابعة وهذه السنة قرّرت أن لا أشاهد إلاّ أفلام الشباب من تونس وغيرها وأفلام النساء.. وفعلا وفقت وسعدت وفرحت وآزلت عن نفسي غشاء الخوف من المستقبل أجمل ما في »المهرجان«، وفيه اشياء جميلة أخرى، مثل مواصلة النقاش تحت ادارة الجامعة التونسية لنوادي السينما وهو مكسب عظيم وتنظيم ندوة النقاد السينمائيين العرب رغم غياب كبارهم وحضور نقّاد من قنوات وراديوهات وجرائد فرنسية وأوروبية لا تنشر اكثر من بعض الاسطر عن مهرجاننا.
عندما شاهدت أفلام الشباب وخاصة منه التونسي، سعدت بإكتشاف من سيحمل المشعل... وأعتقد أنّ هذه الدّورة وفقت في اعطاء السينما التونسية مكانتها وحظها لو أنّها اردفت هذه المبادرة التي يجب ان تستمر بالاحتفاء بممثلينا وممثلاتنا في أوّل المقاعد في الحفلات.
ما أجمل عيون شبابنا الخصبة وما أجمل ما أهدانا اياه هؤلاء الشباب الذين يصورون الافلام بثمن أعواد الثقاب يحدوهم العزيمة وحبّ التعبير والحرية البصرية والبوح بالمسكوت عنه في جوّ من السخرية الذّاتية وشجاعة في النفاذ الى لبّ المشاكل الاجتماعية والنفسية وحتى السياسية في قطيعة تامة مع الجيل القديم الذي كانت أفلامه تتناول الذّاكرة والام الخاصية والاب الغائب والمدينة بجليزها وتاريخ الحركة الوطنية وغيرها من المواضيع التي تدور في الحمّام والمدينة العتيقة أو التي تنطلق من تونس وتنتهي في الجريد أو مشاكل المرأة الثانوية بنظرة رجولية وأبوية.
العين الشغوف لهؤلاء الشباب تأتي فاتحة نافذة جديدة على مخيال الغد صفقت وفرحت وبكيت في تلك العروض...
صفقت كثيرا أمام فيلم في اتجاه الشمال ليوسف الشابي وتمتعت أمام »صابون نظيف« لمليك عمارة وودت ان يتحوّل الى فلم طويل... وفي مسابقة الافلام الوثائقية شدّني هشام بن عمار وفلمه »كان يا مكان في هذا الزّمان« وانفصال فتحي السعيدي واشد على أيدي من بادر ببعث مسابقة للافلام التونسية التي تعرفت فيها على موجة لمحمد بن عطية وهوس لامين شيبوب والعشية لوليد الطايع (المخرج الصاعد) وحرقة اخراج ليلى الشابي (رغم طوله) وبيت انجلا لألفة شقرون (رغم مشاكله مع الصوت) وثلج لبحري بن يحمد والانشودة الاخيرة لحميدة الباهي (والشيء من مأتاه لا يستغرب وولد الفار يجي حفّار) وتنديد لوليد مطّار (الذي تابعناه منذ المدرعة عبد الكريم وهاهو يفرض نفسه سنويّا).
والصفحة الاخيرة. لسارة العبيدي العزعز لامان الغربي، وحيرة لنجوى بن سلامة (اكتشافنا هذه المرّة لجرأة التناول) وفيلم »كان ذات مرّة الفجر« لمحمد علي النهدي المشاكس.
وسنعود الى هذه الافلام فلما فلما في وقت لاحق...
واقتراحي هو ان نعامل الافلام التونسية بما تستحق ولا أنسى الافلام التونسية المعروضة في قسم الاعلام أي بانوراما السينما التونسية تلك البادرة التي تستحق التنويه.
ومنها »دار جواد« اخراج عايدة بن علية (سقط اسمها من تقديم البرنامج المطبوع)، »روسيني بلاص« اخراج كمال عريفي، »فن المزود« لسنيا الشامخي »وتحيا السينما« لمختار العجيمي، أنا العيساوي لوليد الطّايع، »بنت الدّار« لفاطمة الشريف »وكان ذات مرّة عطّار« لسعد الدخيلي ومنها أفلام جديرة بالمسابقة.
أعود وأقول وأسوة بمهرجان كان الذي تعرض أفلامه في الاسبوع الموالي لتنظيمه على شاشات باريس وأطالب الوزارة والمندوبيات الجهوية والجمعيات بعرض كل الافلام التونسية في كل الولايات كردّ على تركيز مهرجان أيام قرطاج السينمائية على العاصمة ولم يفكّر منظموه في اللامركزية الا بعروض في المرسى... المرسى وما أدراك ما المرسى مدينة السفارات حيث كانت اللامركزية الوحيدة في مهرجان هذه السنة هو تحويل مكاتب المهرجان الى قصر العبدليّة الى جانب مكتب شركة»نوماديس« لصاحبتها درّة بوشوشة فعلى كل صحفي قبيل المهرجان أن يمتطي سيارته او تاكسي للحصول على معلومات غير موجودة لانّ الغائب الاكبر في هذه الدّورة هو المكتب الصحفي الذي لم يوزع وثيقة واحدة واقتصر على جلوس الملحق الصحفي للمهرجان مع كاتبة وجهاز كمبيوتر دائما معطلا في مكتب مظلم بدار الثقافة ابن خلدون يكتفي بتوزيع جريدة المهرجان التي رغم الالوان والورق المصقول أنت أفرغ من فؤاد أم موسى وتكتفي بإعادة ماهو مطبوع في الوثائق الرسمية وملف صحفي جدير بجريدة مدرسية في الابتدائي في ملف عليه ملصق الدّورة الحالية الذي يصلح للاشهار الى شارع الحبيب بورقيبة وليس فيه من السينما سنيابل يمثل كرسيين في شارع بورقيبة ممسوخا في تقليد »تولوز لوتريك« وكأنه ملصق للاشهار الى موسم الصولد...
7
أجمل لحظة تكريم الطاهر الشريعة
أجمل حفل كان تكريم الطاهر الشريعة والتكريمات الاخرى للجاموسي والهادي الجويني وهنا لابدّ من تحية فريد بوغدير الذي لا يكل وحتى ان يخرج من المهرجان من بابه الواسع يعود من الشباك بتجربة جديدة ورغم اشعاعه وقدمه فهو مازال يتحلى بخصال محب السينما كما نسعى كلنا ان يبقى ذلك »المراهق السينمائي« المحبّ للسينما تماما مثل سنوات الستين والسبعين... وهو ما يصبو اليه جيل محبي السينما الذي ينتمي اليه كاتب هذه السطور تحت شعار »المتفرّج الملتزم« والجميل الجميل في مهرجان أيام قرطاج السينمائية هو جمع شمل اجيال من محبي السينما يركضون من قاعة الى قاعة ومعهم ذلك الجيل الجديد من المنتمين الى المنظمات السينمائية هواة ومحبي سينما ونقاد وطلبة المعاهد المختصة في الفنون والسينما والملتميديا هؤلاء »العصافير« الذين يحلقون بمخيالهم الجديد تحت أشجار شارع بورقيبة المعروف بالعصافير المهاجرة.. فالجائزة الاولى في هذا المهرجان تقدم للجمهور... الجمهور الذي هو دعامة السينما الاساسية وتربة أي مهرجان.
8
آمال: ورغبة ونداء
الآمال كثيرة
ان ترفع فرنسا يدها على مهرجاننا
أن يعود المهرجان الى الفصل الاول من قانونه الاساسي الأوّل والذي حبّره الطاهرة الشريعة وانقله بحذافيره.
الايام السينمائية بقرطاج مهرجان سينمائي ذو طابع فني وثقافي وغاياته هي:
أ المساهمة في تنمية السنما كفنّ واداة تعبيروظاهرة ثقافية ووسيلة للتعريف بالعالم وأهله.
ب المساهمة في نشر الآثار السينمائية الكبيرة.
ج تمكين رجال السينما (من مخرجين وممثلين ونقاد) ورجال المسرح والادب من الاتصال ببعضهم اتصالا مباشرا ومن تبادل الاراء حول الافلام المشاركة في المهرجان.
د التعريف خاصة بمختلف الثقافات والتيارات الحضارية للبحر الابيض المتوسط واستخراج اوجه التلاؤم والتشابه التي تربط بين هذه التيارات والتي تمثل أصولا اساسية للتقارب والتفاهم والافضل بين الشعوب.
ه المساهمة في التقدّم نحو الثقافة الشاملة التي هي المثل الاعلى لكل البشر والامانة الاساسية لسائرالثقافات.
ما أجملك يا عم الطاهر
ما أجملك يا سي الشاذلي القليبي.
... واليوم اللغة العربية غائبة، الافلام الافريقية
غائبة.. فإلى سيتجه مهرجان أيام قرطاج السينمائة 2010؟
رجالات المسرح والادب مهمشون وهم كالايتام في مأدبة للئام وفي المهرجان »جان وفريدريك وفرنسوا« والاخرون لسنا في حاجة اليهم.
أعيدوا لنا مهرجاننا بفقرة حيّة للسينما بتواضعه وان أردتم في تنظيم »كان« أو مهرجان مرّاكش فالمرسى مستعدة لذلك ونحن لسنا في حاجة لتنظيم مهرجان البندقية بقواربه نحن في حاجة الى عرض أفلام على ضفاف بحيرة السيجومي في سيدي حسين وفي 5 ديسمبر بالكرم وفي تلابت وقبلي وغارديماو...ودوّار هيشر.
ملحوظة: كلما ما كتبت يلزمني شخصيا كمحبّ حتى النخاع السينما الوطنية ومازلت أردّد »حماة الحمى« كما هو الامر في الخمسينات وأهدي هذه الابيات للشاعر الوطني الكبير أبو القاسم الشابي (وقد كان مولعًا بالسينما) والذي حازت عن الفلم الخاص به نجوى سلامة بالجائزة الاولى في مهرجان خوربقة بالمغرب وعنوان القصيد للتاريخ.
البؤس لابن »الشعب« يأكل قلبه والمجد والإثراء للاغراب
والشعب معصوب الجفون مقسّم كالشاة بين الذئب والقصّاب
والحق مقطوع اللسان مكبّل والظلم يمرح مُذْهب الجلباب
هذا قليل من حياة مرّة في دولة الانصاب والألقاب.
9
رجوع الى شارع بورقيبة
انظر الى كرنفال على بساط أحمر... أمام المسرح.. من أين تلك الاموال؟ كيف تنفق؟
انها أموال عمومية يدفعها العمال والفلاحون من طابع بطاقة التعريف الجبائي وعرق العمال الذين دفع في الدفاع عن حقوقهم فرحات حشاد حياته.
لو طلبنا ان تحوّل تلك الاموال المهدورة الى مشاريع افلام وان عزمنا على إنتاج شريط عن مسيرة فرحات حشاد هل ستعيد لنا فرنسا الوثائق وتساهم في ذلك الانتاج مثلما فعلت مع راوول باك رئيس لجنة التحكيم للدورة الحالية ومخرج شريط رائع عن »بتريس لوممبا«.
لا أعتقد ذلك!
❊ الطاهرة شريعة
في غمرة الفرحة بملف تكريم السيد الطاهر الشريعة... لم نتمكن من نشر كل مقال عبد الكريم قابوس وهذا الجزء الثاني...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.