يبدو أن وسائل التكنولوجيا الحديثة قد بدأت تسحب البساط من تحت أقدام »القلم الصحفي« وباقي الوسائل التقليدية في نقل الخبر والمعلومة من مصدرها الى المتقبل... هذا المتقبل الذي تحوّل بدوره الى منتج الخبر ومروّج له عبر الوسائط المفتوحة والمتاحة له... وبات يساهم من موقعه، وبما ملكت يداه من هواتف نقالة متطورة وآلات تصوير رقمية، في إلتقاط الخبر أو الحدث بالصوت والصورة ثم القيام بتحميله عبر المواقع الالكترونية وتوزيعه الى أكبر عدد من المبحرين عبر الشبكة العنكبوتية... وهذه الطفرة الكمية والنوعية ايضا، والى جانب تطور وسائل التكنولوجيا والمعدات الرقمية قد تكون نتيجة غياب الاعلام او تجاهله لحدث ما. وقد تجاوزت »« حيّزها المفترض وهو الانترنات، بعد ان صارت توفر مادة حيّة تعتمدها القنوات التلفزية التي لا تتمكن فرق عملها من مواكبة الأحداث على عين المكان... بل إن العديد من الفضائيات المشهورة باتت متخصصة في الاعتماد على ما توفره أجهزة المواطنين من أحداث مصوّرة في هذا البلد أو ذاك... وبغض النظر عن مهنية من يقوم بتصوير حدث ما بهاتف نقال أو آلة تصوير رقمية، وانعدام الخبرات التقنية لدى اصحاب هذه الالات الا ان هذه النوع الصحفي الجديد المتسم بالعفوية والتلقائية عموما دعم ما يعُرف بصحافة القرب، تلك الصحافة التي تنبض بالحياة صورة وصوتا والتي يعسرُ معها تفنيد محتواها أو التشكيك في مصداقية ما تنقله من مادة، بل إن أية محاولة لتكذيب ما تنقله آلة تصوير محايدة تعد ضربا من الاستبلاه والاستغباء للمتقبل الذي يرى بعينيه الأحداث المصورة ويسمع بأذنيه دبيب النملة حين تتحرك أمام عدسة هاتف جوّال... ان هذه ستفتح أفقا جديدا يكسر كل علاقة عمودية، وقد تخلق نوعا من »الفوضى« و »التوتر« في بعض العلاقات المستكينة أو التي ضبطت حدودا ملزمة وخطوط حمر مسبقا، وهو أمر طبيعي ذلك ان »« وبطبيعتها العفوية والتلقائية، لا تعنيها الرسالة الاعلامية »بقيمها ومعانيها النبيلة« بقدر ما يعنيها ايصال الحدث على علاّته، أو بلغة الصحافة على قداسته ليبقى والتحليل حرا... وذاك موضوع آخر...