يحيي اليوم الاتحاد العام التونسي للشغل والجامعة العامة للصناعات الغذائية والسياحة والتجارة والصناعات التقليدية في كنف الاعتزاز والنخوة الذكرى 32 لوفاة المرحوم المناضل النقابي الكبير »سعيد ڤاڤي«. ولد المرحوم »سعيد ڤاڤي« في الخامس من ماي سنة ثلاثين وتسعمائة وألف (1930) بجزيرة جربة معتمدية ميدون، التحق بصفوف الدراسة بالمدرسة الابتدائية »ابن ماضي« »أركو« الحدادة إلى حدود السنة السادسة من التعليم الابتدائي ثم انقطع عن التعليم في سن مبكرة والتحق بوالده بتونس في سن الثالثة عشرة. وكان والده يعمل بالرصيف، بميناء تونس، هذا وقد باشر المرحوم عدّة مهن حرّة إلى أن استقر به العمل بشركة اCasro-Strazolaب لبيع المواد الغذائية ومقرّها لاكانيا وكانت تضمّ قرابة ستين عاملا (60) عانوا ويلات الاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق ممّا ولّد لدى مناضلنا الشعور بالضيم والحيف وبحكم ثقة العمّال فيه انخرطوا بالاتحاد العام التونسي فأرسى نقابة في الشركة المذكورة وانتخب كاتبا عاما لها ممّا مكّنه من الالتحاق بهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل والاحتكاك بهم من قريب. وقد واكب حادثة الباخرة (1964) التي مازالت عالقة في أذهان النقابيين والتي تمّ على اثرها سجن الأخ »الحبيب عاشور« الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل آنذاك، حيث قام المناضل المرحوم »سعيد ڤاڤي« صحبة ثلّة من النقابيين الصادقين بالتحرّك في سرية تامة مدّة ثلاثة أشهر من أجل اطلاق سراح الزعيم النقابي الحبيب عاشور وتمّ لهم ذلك وكلّلت جهودهم بالنجاح. لكن ذلك أغضب السلط فتمّ القبض عليه وزجّ به في غياهب السجون مع ثلّة من زملائه النقابيين. وإثر خروجه من السجن عاش البطالة بعد طرده من العمل بصورة تعسفية، لمدّة سنتين وعانى جميع أنواع الخصاصة والحرمان سيّما مع عائلة وفيرة العدد قوامها إحدى عشر فردا (9 أبناء وزوجة). بعد سنتين التحق بشركة »تور أفريك« سائقَ سيارةٍ سياحيةٍ ونال نقابيا صلب هذه المؤسسة يحدوه في ذلك إيمانه بقيمة العمل النقابي، وكوّن نقابة أساسية تزعّمها وواصل نضاله بتوحيد عمّال السياحة داخل تراب الجمهورية التونسية. ونظرا لشغفه بالعمل النقابي وحرصه الشديد على تحقيق مطالب العمّال وحفظ كرامتهم ترشح سنة 1973 لمؤتمر الجامعة العامة للمعاش والسياحة ليصبح كاتبا عاما لها. هذا وقد تقلّد المناضل المرحوم »سعيد ڤاڤي« عدّة مهام ومسؤوليات صلب المنظمة النقابية إذ شغل خطّة كاتب عام للنقابة الأساسية بشركة اCasro-Strazolaب وكاتب عام للنقابة الأساسية بشركة »تور أفريك« وأمين مال بالاتحاد الجهوي للشغل بتونس وكاتب عام للجامعة العامة للمعاش والسياحة وقد كان المرحوم محل ثقة الأمين العام آنذاك وكلّ النقابيين والعملة في جميع القطاعات المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل. وفي 20 جانفي 1978 استُدعي للمثول أمام النيابة العمومية وفي 26 جانفي من نفس السنة تمّ إلقاء القبض عليه بعد مداهمة الشرطة لمقر الاتحاد العام التونسي للشغل وتمّ إيقافه، وقد ذاق المرحوم »سعيد ڤاڤي« ويلات التعذيب وشتى أنواع التنكيل والقمع من قبل أجهزة أمن الدولة إلى أن حُوكم ضمن القيادة الشرعية صحبة جملة من النقابيين. وقد تمّ نقله إلى عدّة مستشفيات اثر تدهور حالته الصحية من جرّاء التعذيب المتواصل. ومنح السراح الشرطي لكنّه رفض وفضّل البقاء قابعا في سجنه صحبة زملاء النضال، إلى أن وافته المنية في 9 جانفي 1979 عن عمر يناهز التاسعة والأربعين سنة (49) في أوج عطائه تاركا تسعة (9) أبناء وزوجة مضحّيا بشبابه ودمه وعمره من أجل نخوة وعزّة المنظمة والوطن. وظلّ »سعيد ڤاڤي« حيا يرزق في قلب كل مناضل نقابي صادق، ولا يسع الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المناسبة الاّ أن يرفع كل التقدير والاعتزاز والعرفان لما قدّمه هذا المناضل الفذ رحمه اللّه رحمة واسعة وطيّب ثراه.