يحيي اليوم الاتحاد العام التونسي للشغل والجامعة العامة للمعاش والسياحة في كنف الاعتزاز والنخوة الذكرى 29 لوفاة المرحوم المناضل النقابي الكبير «سعيد قاقي». ولد المرحوم في الخامس من ماي سنة 1930 بجزيرة جربة معتمدية ميدون وتحديدا بحومة الحدادة ميدون. التحق بصفوف الدراسة بالمدرسة الابتدائية «ابن ماضي» «أركو» الحدادة الى حدود السنة السادسة من التعليم الابتدائي ثم انقطع عن التعليم في سن مبكرة والتحق بوالده بتونس في سن الثالثة عشرة، الذي كان يعمل بالرصيف، بميناء تونس، هذا وقد باشر المرحوم عدة مهن حرة الى ان استقر به العمل بشركة «Castro - Strazola» لبيع المواد الغذائية ومقرها لاكانيا وكانت تضم قرابة 60 عاملا عانوا ويلات الاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق مما ولّد لدى مناضلنا الشعور بالضيم والحيف. وبحكم ثقة العمال فيه انخرطوا بالاتحاد العام التونسي للشغل فأرسى نقابة في الشركة المذكورة وانتخب كاتبا عاما لها مما مكنه من الالتحاق بهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل والاحتكاك بهم من قريب. وقد واكب حادثة الباخرة سنة (1964) التي ما زالت عالقة في أذهان النقابيين والتي تم على اثرها سجن الاخ «الحبيب عاشور» الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل انذاك، حيث قام المناضل المرحوم «سعيد قاقي» صحبة ثلة من النقابيين الصادقين بالتحرك في سرية تامة مدة ثلاثة اشهر من اجل اطلاق سراح الزعيم النقابي الحبيب عاشور وتم لهم ذلك وكللت جهودهم بالنجاح. لكن ذلك اغضب السلط فتم القبض عليه وزجّ به في غياهب السجون مع ثلة من زملائه النقابيين. واثر خروجه من السجن عاش البطالة بعد طرده من العمل بصورة تعسفية لمدة سنتين وعانى الخصاصة والحرمان سيما مع عائلة وفيرة العدد قوامها احدى عشرة فردا (9 ابناء وزوجة). بعد سنتين التحق بشركة «تور أفريك» كسائق سيارة سياحية وناضل نقابيا صلب هذه المؤسسة يحدوه في ذلك ايمانه بقيمة العمل النقابي، وكوّن نقابة اساسية تزعمها وواصل نضاله بتوحيد عمال السياحة داخل تراب الجمهورية التونسية، ونظرا لشغفه بالعمل النقابي وحرصه الشديد على تحقيق مطالب العمال وحفظ كرامتهم ترشح سنة 1973 لمؤتمر الجامعة العامة للمعاش والسياحة ليصبح كاتبا عاما لها. هذا وقد تقلد المناضل المرحوم «سعيد قاقي» عدة مهام ومسؤوليات صلب المنظمة النقابية اذ شغل خطة كاتب عام للنقابة الاساسية بشركة «Castro - Strazola» وكاتب عام للنقابة الاساسية بشركة «تور أفريك» وأمين مال بالاتحاد الجهوي للشغل بتونس وكاتب عام للجامعة العامة للمعاش والسياحة وقد كان المرحوم محل ثقة الامين العام انذاك وكافة النقابيين والعملة في جميع القطاعات المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل. وفي 20 جانفي 1978 استدعي للمثول امام النيابة العمومية وفي 26 جانفي من نفس السنة تم القاء القبض عليه بعد مداهمة الشرطة لمقر الاتحاد العام التونسي للشغل وتم ايقافه، وقد ذاق المرحوم «سعيد اي» ويلات التعذيب وشتى انواع التنكيل والقمع من قبل اجهزة أمن الدولة الى ان حوكم ضمن القيادة الشرعية صحبة جملة من النقابيين. وقد تم نقله الى عدة مستشفيات اثر تدهور حالته الصحية من جراء التعذيب المتواصل. ومنح السراح الشرطي لكنه رفض وفضّل البقاء قابعا في سجنه صحبة زملاء النضال، الى ان وافته المنية في 9 جانفي 1979 عن عمر يناهز التاسعة والاربعين سنة (49) في أوج عطائه تاركا تسعة (9) ابناء وزوجة مضحيا بشبابه ودمه وعمره من اجل عزة المنظمة والوطن. وظل «سعيد قاقي» حيا يرزق في قلب كل مناضل نقابي صادق، ولا يسع الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المناسبة الا ان يرفع كل التقدير والاعتزاز والعرفان لما قدمه هذا المناضل الفذ رحمه الله رحمة واسعة وطيّب ثراه.