وقد واكب حادثة الباخرة ( 1964 ) التي مازالت عالقة في أذهان النقابيين والتي تم على إثرها سجن الأخ «الحبيب عاشور» الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أنذاك، حيث قام المناضل المرحوم» سعيد قاقي» صحبة ثلة من النقابيين الصادقين بالتحرك في سرية تامة مدة ثلاثة أشهر من أجل إطلاق سراح الزعيم النقابي الحبيب عاشور وتم لهم ذلك وكلّلت جهودهم بالنجاح. لكن ذلك أغضب السلط فتم القبض عليه وزجّ به في غياهب السجون مع ثلة من زملائه النقابيين. وإثر خروجه من السجن عاش البطالة بعد طرده من العمل بصورة تعسفية، لمدة سنتين وعانى جميع أنواع الخصاصة والحرمان سيّما مع عائلة وفيرة العدد قوامها إحدى عشرة فردا(9 أبناء وزوجة). بعد سنتين التحق بشركة «تور أفريك» كسائق سيارة سياحية وناضل نقابيا صلب هذه المؤسسة يحدوه في ذلك إيمانه بقيمة العمل النقابي، وكوّن نقابة أساسية تزعّمها وواصل نضاله بتوحيد عمال السياحة داخل تراب الجمهورية التونسية. ونظرا إلى شغفه بالعمل النقابي وحرصه الشديد على تحقيق مطالب العمال وحفظ كرامتهم ترشح سنة 1973لمؤتمر الجامعة العامة للمعاش والسياحة ليصبح كاتبا عاما لها. هذا وقد تقلّد المناضل المرحوم « سعيد قاقي» عدّة مهام ومسؤوليات صلب المنظمة النقابية إذ شغل خطة كاتب عام للنقابة الأساسية بشركة « Castro-Strazola » وكاتب عام للنقابة الأساسية بشركة «تور أفريك»وأمين مال بالاتحاد الجهوي للشغل بتونس وكاتب عام للجامعة العامة للمعاش والسياحة وقد كان المرحوم محل ثقة الأمين العام أنذاك وكافة النقابيين والعملة في جميع القطاعات المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل. وفي 20 جانفي 1978 استدعي للمثول أمام النيابة العمومية وفي 26 جانفي من نفس السنة تم إلقاء القبض عليه بعد مداهمة الشرطة لمقر الاتحاد العام التونسي للشغل وتم إيقافه، وقد ذاق المرحوم «سعيد قاقي» ويلات التعذيب وشتى أنواع التنكيل والقمع من قبل أجهزة أمن الدولة إلى أن حوكم ضمن القيادة الشرعية صحبة جملة من النقابيين. وقد تم نقله إلى عدة مستشفيات إثر تدهور حالته الصحية من جراء التعذيب المتواصل. ومنح السراح الشرطي لكنه رفض وفضّل البقاء قابعا في سجنه صحبة زملاء النضال، إلى أن وافته المنية في 9 جانفي 1979 عن عمر يناهز التاسعة والأربعين سنة(49) في أوج عطائه تاركا تسعة (9) أبناء وزوجة مضحيا بشبابه ودمه وعمره من أجل نخوة وعزة المنظمة والوطن. وظل «سعيد قاقي « حيا يرزق في قلب كل مناضل نقابي صادق، ولا يسع الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المناسبة إلا أن يرفع كل التقدير والاعتزاز والعرفان لما قدّمه هذا المناضل الفذ رحمه الله رحمة واسعة وطيّب ثراه.