نقابي مخلص ضحّى بنفسه من أجل الاتحاد والبلاد عمومًا، عانىشتّى أنواع القهر والظّلم والتّعذيب، صمد وصابر ولكن آلة القمع والتعذيب فتكت به وأردته قتيلاً، إنّه المرحوم المناضل الكبير سعيد ڤاڤي، شهيد الاتحاد الذي وافته المنية في 9 جانفي 1979 عن عمر يناهز التاسعة والاربعين تاركا زوجة وعائلة وفيرة العدد. وبمناسبة احياء ذكرى وفاته ال 34 انتظم يوم الاربعاء 9 جانفي 2013 موكب خاشع أشرف عليه الأخ نورالدين الطبوبي الأمين العام بالنيابة بمقبرة الجلاز بالعاصمة وضع خلاله باقة زهور على ضريحه وتلا رفقة الحاضرين وبالخصوص أعضاء جامعة الصناعات الغذائية والسياحة والتجارة والصناعات التقليدية بالاضافة إلى عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وأفراد عائلة الفقيد فاتحة الكتاب ترحّما على روحه الطاهرة. كما نظّمت الجامعة بالمناسبة معرضا وثائقيا احتضنته قاعة أحمد التليلي بدار الاتحاد نهج محمد علي بالعاصمة، وتضمّن صُورًا تخلّد نشاط الفقيد الراحل. الشهيد سعيد ڤاڤي لن يُمحى من ذاكرة الحركة النقابية ومن وجدان الاتحاد العام التونسي للشغل هذه المنظمة العتيدة الوفية لمناضليها ومناضلاتها ورموزها وروادها ونضال المرحوم المناضل الشهيد سعيد ڤاڤي خُطّ من ذهب في الذاكرة النقابية وبالمناسبة أصدرت الجامعة العامة للصناعات الغذائية والسياحة والتجارة والصناعات التقليدية بيانا حول الشهيد سعيد ڤاڤي جاء فيه: يحي الاتحاد العام التونسي للشغل والجامعة العامة للصناعات الغذائية والسياحة والتجارة والصناعات التقليدية وكافة النقابيين والشغالين في كنف الاعتزاز الذكرى 34 لوفاة الشهيد المناضل النقابي الكبير «سعيد ڤافي». ولد الشهيد «سعيد ڤافي» في الخامس من ماي سنة ثلاثين وتسعمائة وألف (1930) بجزيرة جربة معتمدية ميدون وتحديدًا بحومة الحدادة ميدون، التحق بصفوف الدراسة بالمدرسة الابتدائية «إبن ماضي» أركو الحدادة إلى حدود السنة السادسة من التعليم الابتدائي ثمّ انقطع عن التعليم في سن مبكرة والتحق بوالده بتونس في سن الثالثة عشرة. وكان والده يعمل بالرصيف، بميناء تونس، هذا وقد باشر الشهيد عدّة مهن حرّة إلى أن استقرّ به العمل بشركة «Castro-Strazola» لبيع المواد الغذائية ومقرّها لاكانيا وكانت تضمّ قرابة ستين عاملا (60) عانوا ويلات الاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق ممّا ولّد لدى مناضلنا الشعور بالضيم والحيف وبحكم ثقة العمّال فيه انخرطوا بالاتحاد العام التونسي للشغل فأسّس نقابة في الشركة المذكورة وانتخب كاتبا عاما لها ممّا مكّنه من الالتحاق بهياكل الاتحاد العام التونسي للشغل والاحتكاك بهم من قريب. وقد واكب حادثة الباخرة (1964) التي مازالت عالقة في أذهان النقابيين والتي تمّ على إثرها سجن الأخ المرحوم «الحبيب عاشور» الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل آنذاك، حيث قام المناضل «سعيد ڤاڤي» صحبة ثلّة من النقابيين الصادقين بالتحرّك في سرية تامة مدّة ثلاثة أشهر من أجل إطلاق سراح الزعيم النقابي المرحوم الحبيب عاشور وتمّ لهم ذلك وكلّلت جهودهم بالنجاح. لكن ذلك أغضب السلط فتمّ القبض عليه وزجّ به في غياهب السجون مع ثلّة من زملائه النقابيين. واثر خروجه من السجن عاش البطالة بعد طرده من العمل بصورة تعسّفية، لمدّة سنتين وعانى جميع أنواع الخصاصة والحرمان سيّما مع عائلة وفيرة العدد قوامها إحدى عشرة فردًا (9 أبناء وزوجة). بعد سنتين التحق بشركة «تور أفريك» كسائق سيارة سياحية وناضل نقابيا صلب هذه المؤسسة يحدوه في ذلك إيمانه بقيمة العمل النقابي، وكوّن نقابة أساسية تزّعمها وواصل نضاله بتوحيد عمّال السياحة داخل تراب الجمهورية التونسية. ونظرًا لشغفه بالعمل النقابي وحرصه الشديد على تحقيق مطالب العمّال وحفظ كرامتهم ترشّح سنة 1973 لمؤتمر الجامعة العامة للمعاش والسياحة ليصبح كاتبا عاما لها. هذا وقد تقلّد المناضل الشهيد «سعيد ڤاڤي» عدّة مهام ومسؤوليات صلب المنظمة النقابية منها خطّة كاتب عام للنقابة الأساسية بشركة «Castro-Strazola» وكاتب عام للنقابة الأساسية بشركة «تور أفريك» وأمين مال بالاتحاد الجهوي للشغل بتونس وكاتب عام للجامعة العامة للمعاش والسياحة وقد كان الشهيد محل ثقة الأمين العام آنذاك وكافة النقابيين والعملة في جميع القطاعات المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل. وفي 20 جانفي 1978 استدعي للمثول أمام النيابة العمومية وفي 26 جانفي من نفس السنة تمّ إلقاء القبض عليه بعد مداهمة الشرطة لمقر الاتحاد العام التونسي للشغل وتمّ إيقافه، وقد ذاق الشهيد «سعيد ڤاڤي» ويلات التّعذيب وشتى أنواع التنكيل والقمع من قبل أجهزة أمن الدولة إلى أن حُوكم ضمن القيادة الشرعية صحبة عدد من النقابيين. وقد تمّ نقله إلى عدّة مستشفيات اثر تدهور حالته الصحية من جرّاء التعذيب المتواصل ومنح السراح الشرطي لكنّه رفض وفضّل البقاء قابعا في سجنه صحبة زملاء النضال، إلى أن وافته المنيّة في 9 جانفي 1979 عن عمر يناهز التاسعة والأربعين سنة (49) في أوج عطائه تاركا تسعة (9) أبناء وزوجة مضحيا بشبابه ودمه وعمره من أجل نخوة وعزّة المنظمة والوطن. وسيظلّ الشّهيد «سعيد ڤاڤي» حيا يرزق في قلب كلّ مناضل نقابي صادق، وستظلّ مسيرته نبراسا لكل نقابي حرّ آمن بالثّوابت التي رسّخها شهداء منظمتنا والتي ألهمتنا ولا تزال أصدق الدروس وأروعها في سبيل كرامة شعبنا وعزّة وطننا. وقد حان الوقت لفتح تحقيق في قضية الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب و منهم النقابييون الذين يلاقون اليوم الجحود والنكران من بعد الأطراف.