الليلة..سحب قليلة على أغلب المناطق    ليبيا: اشتباكات دامية في صبراتة أول أيام عيد الأضحى تُخلّف قتلى وجرحى وتعيد مشهد الفوضى إلى الواجهة    غزة.. المقاومة تُجْهِزُ على عدد من الجنود الصهاينة في كمين مركب    تقارير: إقالة بوستيكوغلو من تدريب توتنهام    كرة اليد.. "عم يونس" حافظ اثاث النادي للإفريقي في ذمة الله    نابل: المشلوط، القلاية، والطاجين بونارين من الأطباق التقليدية المميزة    للمرة الرابعة في تاريخها.. المغرب تستقبل غدا عيد الأضحى دون أضاحٍ وسط أزمة خانقة    تدور المواجهة مساء اليوم.. التشكيلة المتوقعة للمنتخبين التونسي والمغربي    خليل العياري يشعل المنافسة بين عدد من النوادي الأوروبية    مبادرة أوروبية لتنظيم استخدام القاصرين لوسائل التواصل الاجتماعي    السعودية.. تفاصيل جديدة في مقتل الأستاذ الجامعي    بالفيديو: لقطة طريفة لخروف هارب على التيك توك    تسجيل 187 تبليغا عن انقطاع المياه في ماي 2025    تكلفة الحج 2025 في العالم العربي: أرقام وصدمات لا تتوقعها!    تجريد جولييف من ميداليتها في أولمبياد 2012 بعد رفض محكمة التحكيم استئنافها    امتلأت بهم جنبات المسجد الحرام.. الحجاج يؤدون طواف الإفاضة    ''ما تغلطش في العيد'': كيف تحافظ على صحتك إذا كنت مريض سكري، ضغط أو قلب؟    ''السيتروناد واللحم المشوي'': مزيج تقليدي بنكهة صحية في عيد الأضحى    نصائح بسيطة لتفادي مشاكل الهضم في عيد الأضحى    قلق بين الجمهوريين.. ماسك قد يتحول ل"عدو خطير"    دي لا فوينتي: جمال قدم أوراق اعتماده للفوز بالكرة الذهبية أمام فرنسا    دولة واحدة فقط في العالم قادرة على إطعام سكانها دون الحاجة إلى الاستيراد.. فما هي؟    كيف تحافظ على جلد الأضحية في الطقس الحار قبل وصول البلدية؟    منوبة تثمن جلود الأضاحي: حملة بيئية واقتصادية لمجابهة التلوث في العيد    هل لاحظت''رعشة لحم العلوش'' بعد النحر؟ إليك التفسير العلمي والديني لهذه الظاهرة    ارتفاع في درجات الحرارة وخلايا رعدية محلية في الجنوب    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    الحجاج يؤدّون رمي جمرة العقبة الكبرى في منى    ما هو طواف الإفاضة؟ فريضة الركن بعد عرفات    التمديد في نشر فيلق مشاة خفيف وسرية تدخل سريع تونسيين تحت راية الأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى    عاجل: موعد مباراة المغرب ضد تونس والقنوات الناقلة للبث الحي والمباشر    الأردن وأوزبكستان يحققان إنجازاً تاريخياً بالتأهل إلى كأس العالم 2026    الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام عيد الأضحى    جمرة العقبة تُرمى فجر العيد... والحجاج يشرعون في النحر والطواف    ماذا بعد الانتهاء من رمي جمرة العقبة الكبرى؟    محرز الغنوشي: ''تذبح العلوش ثم البحر ينادي''    هل نحمي صغارنا من مشهد الذبح... أم نعلّمه معنى القربان؟    وزيرة الشؤون الثقافية ونظيرها الإيطالي يدشنان معرض "مانيا ماتر: من روما إلى زاما    اريانة: بلدية رواد تزيل النقاط السوداء بمنطقة الغزالة    عيدكم مبروك...    فريق قسم جراحة الجهاز الهضمي "أ" بمستشفى الرابطة ينجز تقنية متقدمة لعلاج سرطانات البطن    صابة الحبوب: تجميع 992.776 ألف قنطار إلى غاية 4 جوان 2025    سوق البورصة تجه صعودا هذا الاسبوع    العاصمة الإيطالية روما تحتضن معرض "مانيا ماتر من روما إلى زاما"    الأوركسترا السمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى في يومها العالمي 21 جوان    المنظمة الفلاحية تدعو إلى تعديل سعر قبول البطاطا الفصلية ب1350 مي/ كغ كحدّ أدنى    المتاحف والمعالم التاريخية تفتح أبوابها مجانًا للتونسيين والمقيمين هذا السبت    بوسالم.. يضرم النار في جسد طليقته امام مركز البريد    القيروان: وفاة شخصين وإصابة 20 آخرين في حادث انزلاق شاحنة خفيفة بحاجب العيون    عاجل/ المتّهم بقتل هشام الميراوي يمثل أمام القضاء الفرنسي (تفاصيل)    نجوم الراي في حلقة استثنائية من برنامج "أنا والمدام" على قناة تونسنا    هل السخانة أثّرت على حجاج تونس في عرفة؟ المنسّق الصحي يطمئن العائلات    وزير الفلاحة يفتتح موسم الحصاد بزغوان    بطولة رولان غاروس: ديوكوفيتش يفوز على زفيريف ويضرب موعدا مع سينر في نصف النهائي    مدنين: إحباط تهريب هواتف بقيمة تفوق 690 مليون وفتح تحقيق أمني عاجل    نحو رقمنة شاملة للقطاع السياحي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الكاتب حسونة المصباحي    المُثَلَّثُ الشُّجَاعُ والمُسْتَطِيلُ اُلذَّكِيُ    









محمد الزغب رجل عاش للاتحاد و مات من أجله
فقدناه منذ 29 سنة:
نشر في الشعب يوم 15 - 01 - 2011

كنت في مرة سابقة و على أعمدة الشعب تحدثت عما كان لذكرى 5 أوت من تأثير في سير العمل النقابي بقطاع الكهرباء والغاز وصولا إلى مؤتمر الجامعة الذي تم التحضير له في ملتقى قابس النقابي والذي كان بمثابة النقلة النوعية للعمل النقابي بالقطاع وسوف أتجاوز ما جرى في المجلس القطاعي والمؤتمر المنبثق عنه الذي يمكن أن أعود للحديث عنه في مناسبات لاحقة لكني ونحن نحي الذكرى 21 لوفاته أو إستشهاده وسوف أتحدث عن الرجل الحدث الذي يصمّ العمل النقابي بالقطاع بنوع من الخصوصية مازال الجميع لم يستطع مقاربتها إلى اليوم لأنه تعاطى مع الشأن النقابي بعقلية فيها الكثير من الديمقراطية والإنفتاح على الآخر بالأخذ بكل الآراء مهما كان مأتاها بعيدا عن الإقصاء والتهميش
إنه الشهيد محمد الزغب الذي تحمل مسؤولية الجامعة بل القطاع ككل مباشرة بعد أن قضى على رأسها الكاتب العام الأول منذ تأسيس الشركة التونسية للكهرباء والغاز سنة 1962 لغاية سنة 1982 1983 تعود نجاحات الرجل لأسباب عدة منها الذاتي من منطلقات قناعاته الشخصية حيث إعتبر الزغب تغير واقع القطاع نقابيا وإجتماعيا وإداريا قضيته الشخصية دون أن ينقص من قيمة الآخرين أو يحد من هامش تحركهم أو طرح افكارهم و تصوراتهم في الموضوع شيء وما زاد في تميزه على الجميع هو أنه جعل من نفسه رجل الوفاق الذي يلتقي عنده الكل وهو يمسك من كل جهة بطرف دون أن يغلب جانبا على الآخر أما الجانب الموضوعي للقصة النقابية بالقطاع مع محمد الزغب فكانت بدايتها مكانة الإتحاد العام التونسي للشغل على الساحة الوطنية ثم قربه الشخصي من الراحل بطل 5 أوت الحبيب عاشور هذان العنصران أحسن محمد الزغب توظيفهما و كان لهما بالغ التأثير على النهضة النقابية والإدارية والاجتماعية والمهنية التي شهدها القطاع والتي تأثر بها الجميع أيما تأثر إلى درجة أنها وإلى يومنا هذا ما زالت تمثل حاجزا نفسيا لم يستطع أي كان تخطيه خاصة إذا ما علمنا أنه بعد مرحلة الزغب التي سوف نتحدث عنها لاحقا زادت في تعميق هذا الشعور بصفة بليغة في نفوس النقابيين وخاصة القدامى منهم الذين عايشوه لكن هناك عوامل أخرى تزامنت مع تلك الفترة من حسن حظ الزغب والقطاع إضافة إلى ما ذكر هو وجود عديد الوجوه النقابية الشابة التي مازال البعض منها متحملا للمسؤولية النقابية إلى حدّ الآن والأهم من كل ذلك وهذا للحقيقة التاريخية هو وجود عديد الوجوه من المد اليساري المكثف في تلك الفترة وبصفة خاصة بالمقر الاجتماعي الذين أسهموا بصفة فعالة في تطوير التصور والطرح النقابي الذي كانت نتائجه ايجابية إلى حدّ بعيد رغم اختلافاتهم الفكرية، لأن الرجل كما قلت كان المحور المحرك لكل الدواليب تنتهي عنده كل السبل و ترتاح للقائه كل النفوس حيث أنه لم يكتف بالمقربين منه بل عمد إلى خلق حزام شبابي نقابي انطلاقا من ايمانه بأن للشباب النقابي دورا لا بد أن يلعبه تماما كما لعب شباب قابس دوره الريادي في تغيير وجه العمل النقابي بالقطاع وكان تركيزه الكلي على المقر الاجتماعي ومن منطلق معرفته بخصوصيات هذه الوحدة المهمة بالقطاع ودورها وتأثيرها على الحراك النقابي بصفة عامة عمد الزغب إلى جعل نيابات نقابية بكل بناية داخل المقر الاجتماعي مرتبطة أساسا بالنقابة الأساسية وهو أمر عايشه كل النقابيون المتواجدون في تلك الفترة بجهة تونس لكن للأسف الشديد أن هذه التجربة اختفت من القطاع باختفاء صاحبها حيث لم يفكر أحد من بعده في إحياء مثل هذا التمشي النقابي القاعدي والذي هو عبارة عن مدرسة تكوين نقابي وميداني متواصل يحتك فيه الشاب بواقع المؤسسة ويعيش التعاطي النقابي لمن هم أكبر منه سنا وتجربة ومسؤولية ولقد سبق أن قلت أن الزغب جعل من توليه الكتابة العامة للجامعة قضية شخصية ذات اولوية قصوى ليس من الزاوية الضيقة للمطلبية النقابية إنما كانت نظرته عامة في إطار برنامج إصلاحي شامل مبني على أساس أن يتواصل العمل به معه و بعده ما دام القطاع قائما وصرح الاتحاد العام التونسي للشغل شامخا.
وأعتقد جازما أن الزغب كان يأمل أو ينتظر من بعض الوجوه المحيطة به في تلك الفترة أن تطور العمل النقابي من بعده انطلاقا من حيث توقف هو لقد كان الرجل مدرسة و كأنه يستبق الأيام والأحداث التي لم تمهله ليحقق طموحه أو برنامجه أو نظريته لأننا و بكل بساطة وخاصة في تلك الفترة الوجيزة التي مازال البعض إلى حد اليوم يقلل من شأنها وأنا أبوب ذلك في خانة نكران الجميل والجحود بالحقيقة لأن الرجل لم يكْتفِ بكل ما ذكر آنفا إنما كان بذاته مدرسة غير معلنة لأننا تعلمنا منه ضرورة تشريك الشباب و ترك مساحة أمان كما يقول هو رحمه الله بين الطرف النقابي والطرف الإداري مهما كانت وظيفته أو رتبته الإدارية ومهما توطدت علاقتك الشخصية به ذلك هو محمد الزغب الذي لم يستسلم خلال أزمة 1985 وبقي حركيا مخلصا للاتحاد العام التونسي للشغل و قيادته الشرعية وكوادره القطاعية الذين عملوا معه خلال الفترة الوجيزة نسبيا لكنها كانت من أكثر الفترات النقابية بالقطاع ثراء وتحقيقا للمكاسب العمالية والمعني بالمكاسب العمالية انطلاقا من إحداثات لم تكن موجودة أو كان مسكوتا عنها و لا اقصد ما تم استرجاعه من المكاسب القديمة لأن ذلك كان أمرا طبيعيا في فكر الزغب لأنه و بكل صراحة في ما يسمى بفترة محمد الزغب شهد القطاع تطورا اجتماعيا لا مثيل له على الاطلاق سواء على مستوى القوانين أو المكاسب و كذلك على مستوى التشريع الاداري والتراتيب المنظمة للعلاقة الشغلية بين العامل والمؤسسة التي للأسف الشديد فقد العمال جزءا كبيرا منها في الفترات التي من بعده لأن هناك جانبا كدت أغفل عنه أو أنساه هو القوة المعنوية المتوارثة التي كان يتمتع بها الطرف الإداري في التعامل مع الطرف النقابي وخاصة في المرحلة الجديدة مرحلة الزغب حيث أن الأبواب في بعض الحالات تكاد تكون موصدة تماما أمامه لكن قوة شخصية الرجل وحكمته في توظيف وزن ومكانة الإتحاد أيما توظيف لدرجة لم يبلغها أي كان بعده و كانت الحلقة المفقودة في التعامل مع كل الأطراف الأخرى لأن الزغب وجميع الذين عايشوه يعرفون جيدا أن العمل النقابي بالقطاع لا ينتهي في مكتب الرئيس المدير العام للشركة إنما هناك درجة أو درجتين أخريين في السلم لا بد من إقتحامهما وهما وزارة الاشراف والوزارة الاولى وتلك هي الحكمة من حسن توظيف وزن وتاريخ الإتحاد عنده وهناك جانب آخر استثمره الزغب وغفل عنه من هم سواه هو الثقل الاقتصادي والاجتماعي للشركة الذي وظفه لتحقيق جملة من المكتسبات الإجتماعية التي تزامنت مع تلك الفترة التي شهدت نهضة عمرانية كبيرة بالبلاد لكن الكييس من يعرف إغتنام الفرص في إبانها و هو ما حصل فعلا حيث أقامت الشركة بعض الأحياء السكنية لفائدة الأعوان بجهتي قابس و تونس وإضافة لإحداث رياض أطفال لفائدة أبناء الأعوان بكلتا الجهتين تحت إشراف الدائرة الإجتماعية للشركة حيث كانت هاتين الروضتين على مستوى عال جدا من العناية والتأثيث والمعدات الضرورية والمتخصصة التي تم لاجلها إنتداب أعوانا متخصصين في شأن تسيير دور الأطفال حتي وسيلة النقل كانت خاصة بنقل الأطفال وفي نفس الفترة تم احداث النواة الاولى للمركز الطبي بقابس أول مركز في الاختصاص بعد المركز الطبي بتونس العاصمة وفي نفس تلك الفترة التي يعتبرها البعض وجيزة ويقلل من شأنها احيانا تم احدث وصرف اول منحة اقتصاد في التصرف بالبلاد ثم بعد ذلك أصبحت تسمى منحة الانتاجية ووقع تعميمها على المؤسسات العمومية بصفة عامة هذا اضافة لانشاء اول لجنة استشارية للمؤسسة كما كانت تسمى في بداياتها وقد جند لها الزغب كل الطاقات وختار بنفسه العناصر المناسبة لهذا الامر الحدث والتي أمسك هو بزمام أمورها وبقيت تعمل تحت امرته وتنفذ اوامره خاصة في المسائل المتعلقة بالبرامج الاجتماعية والقرارات المصيرية للشركة والأعوان ثم ان اول بداية مراجعة القانون الأساسي للشركة الموضوع سنة 1972 كانت في تلك الفترة لكن اعداء الاتحاد افتعلوا أزمة 1985 ثم بعدها ان الأقدار لم تمهله ليعود ويواصل برنامجه الاصلاحي في العمل النقابي والمهني داخل القطاع فاختطفته يد المنون في حادث طريق مروع في غفلة من الجميع في يوم من ايام اول جانفي من سنة 1989 وللحديث بقيّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.