لقد استغلت »حظوة« النظام السابق قرابتها الدموية من الرئيس المخلوع لتخوض معركة »دموية« على الأملاك والأرزاق. فكل ثمين ملك لهم وكل جميل ملك لهم وكلّ مربح ملك لهم. لا تكاد شركة تخلو من مشاركتهم القصرية في رأس مالها ولا يكاد قطاع يفلت عن قبضتهم. حتى خنقوا البلاد وأحاطوا باقتصادنا. نحن لا نتحدّث عن ملايين الدنانير بل عن المليارات. فصهر الرئيس الفار أعلن بكل صفاقة ابّان ثورتنا المجيدة ولحظة صرخة الجياع عن شراء النصيب الأعظم من شركة اتصالات بقيمة 1200 مليار من الملّيمات، في حركة استفزازية أريد بها القول »نعم أنا أسرق و... «. الآن وقد هرب الطغاة واللصوص والحرامية بات مصير هذه الأموال أو ما تبقى منها وهو غير قليل مسألة وطنية شعبية بامتياز. ولأنّها أموالنا ولأنّها أرزاقنا التي اقتطعت فإنّ الشعب أولى بها. إنّ عودة الأموال إلى أصحابها لا يعني انقضاضات من هنا وهناك على الأملاك والمكتسبات القصور والشركات. فعدد كبير من هذه المؤسسات الاقتصادية مازال قائما وينتج ويساهم في إنماء خيراتنا. الفرق الوحيد بين ما مضى من أيّام حكم العصابات والآن أنّ خيرات هذه المؤسسات كانت في السابق تذهب إلى جيوب اللّوص ليسرقوا اليخوت ويربوا الفهود ولينهبوا الآثار وليتجهوا إلى أنحاء العالم.. فإذا ما أريد إعادة الحق لأصحابها لا مفرّ من لجنة قضائية مستقلّة تشرف على هذه الممتلكات وتقصيها فهي بلا عدد. وتسيرها في انتظار تأمينها. فأمّا المنتج منها وهي أساسا بنك الزيتونة، ضيعات تربية العجول، ضيعات الزياتين »تونيزيانا«، نيابة »كيا« دار النقل و»برنساس ڤروب« ونيابة »الفلسفاڤن« ونيابة »الأودي« ونيابة »البورش« وشركة »لوموتور« وشركة »جيون« وشركة »مونوبري« وشركة »أورونج« للإتصالات، وشركة »كاكتيس« ودار الصباح واذاعة شس واذاعة موزاييك واذاعة جوهرة وشركة الطيران ڤرطاڤو وشركات التجهيز وشركة التجهيزات بريكوراما المتعاقدة بصفة مشبوهة مع مقاولات الدولة، ونيابة »الفورد« ونيابة شاحنات »مان« وعديد الممتلكات الأخرى ويجب أن تبقى هذه الشركات والمؤسسات قائمة وأن تقع اداراتها من طرف الهيئة القضائية المستقلة وتصريف شؤونها ولِمَ لا توزيع رأس مالها بين العاملين فيها فهذه العملية ممكنة حيث حصلت من قبل في بعض الدول الأوروبية خلال الأزمة المالية العالمية عندما تخلّى أصحاب الشركات عنها وقد أدّى تقسيم رأس مالها بين العاملين فيها وحصول كلّ منهم على أجر نظير ما يملكه من رأس مال إلى الترفيع في الانتاج والانتاجية وزيادة قدرة المؤسسة على الاستقطاب إلى ثلاث أضعاف. فاذا اعتمدت هذه الطريقة مع هذه المؤسسات الاقتصادية التي كانت سابقا على ملك اللصوص الفارين فإنّها ستساهم في حلّ مشكل البطالة وسترفع من مستوى معيشة العاملين فيها وهو جزء غير يسير من أبناء شعبنا الثائر. كما ستمكّن من رفع ميزانية الدولة لأنّ هذه الشركات لن تتهرّب من الأداءات بل وأكثر من ذلك فهي مطالبة بدفع ما تخلّد بذمتها للدولة. أمّا الأملاك غير المنتجة من قصور ومنتجعات وسيارات وتجهيزات فيمكن بعد إحصائها بيعها في مزادات علنية شفافة توقع مواردها على ذمّة صندوق تنموي حقيقي مستقل. وفي مسألة بعض الشركات التي لا تمثّل ملكًا خالصا للعائلات الحاكمة والتي يساهم في بعض رؤوس أموالها تونسيون فرض عليهم مشاركة أبناء عمومة الرئيس فعلى هؤلاء أخذ نصيبهم من المال والخروج من ملكيّتها. هذا ويجب على الهيئة القضائية المستقلّة أن تلاحق اللصوص وتحصي أملاكهم في الخارج وتتخّذ الاجراءات القانونية اللازمة لمصادرتها وبيعها وارجاع أملاك الشعب ليستثمر في تونس العزيزة وليستفيد منها شعبنا المكافح إنّها مهمّة جليلة صعبة وشاقة فارجعوا إلينا أموالنا.