لو سألنا روما... أو بيزنطة عن أميدرة لأمدتنا بتاريخها ولو سألنا تونس عن حيدرة لما أجابتنا... هذه المعتمدية الفقيرة المهمشة تاريخيا ثمّ أصبحت الآن مهمّشة جغرافيا وكأنّها لا تنتمي إلى هذا الوطن العزيز تونس. عائلات معوزة... شباب عاطل عن العمل... أناس أفنوا عزّ شبابهم بالحظائر دون فائدة... شهادات عليا أصحابها تناسوها أو قل نسوها أصلا... فلاّحة دون فلاحة واتحاد صناعة وتجارة دون صناعة وشبه تجارة. حيدرة المعتمدية: لم يزرها إلاّ من نهب ثرواتها أو جمع مالا وعدده... هذه المعتمدية القابعة على الحدود الجزائرية التي كان لها دور كبير في ثورة التحرير أو حتى في الثورة الجزائرية حيدرة التي زارها بن بلة بعد الاستقلال ولم يزرها أي مسؤول في الدولة التونسية لا سابقا ولا لاحقا... حيدرة التي ضاع شبابها مع الحراقة وكانوا طعاما لحيتان البحر في المتوسط لم يذكرها التاريخ ولا الجغرافيا... ثار شباب حيدرة مع ثورة الشعب واعتقل ثمانون من شبابها وعذبوا وضربوا ولم تجن شيئا... همّ شعبها الوحيد زيارة مسؤول معترف به يستمع إلى شكواهم ويرفع الظلم الذي طالهم سنين وسنين. لم أجد من حلّ سوى أن أكتب إلى جريدتي.. جريدة »الشعب« لترفع صوت أهاليها... نعم أيّها المسؤولون والمثقفون والحقوقيون إنّ حيدرة لم يخرج الاستعمار منها إلى هذا اليوم، بها جحافل الفقر تمتد أذرعتها... عائلات تبيت بين الجوع والبرد، شباب عاطل ولا منقذ له الاّ الحرقة أو »الكنترة« ولا يجد لهما سبيلا... عملة الحظائر دون ترسيم، الفلاح فيها يشكو والتاجر يتألّم... لا إدارات فيها... لا ستاڤ، لا صوناد، لا قباضة لا فرع بنكي لا مستشفى لا ملعب حتى ديوان الحبوب يريدون غلقه... فبأي المقاييس تكون هذه المدينة معتمدية؟