إنّ أحداث يوم 25 جانفي 2011 أثبتت أنّ النظام السّابق مازال يهيمن على البلاد والعباد وأنّ بقايا التجمّع وحلفاءَهم الجدد ظلّوا أوفياء للممارسة »البنعليّة« ففي الوقت الذي تتجاهل فيه الحكومة ووسائل الاعلام الرسمي الاحتجاجات المطالبة باسقاط الحكومة المنصّبة. يقع تجنيد الميليشيات المأجورة للقيام بمسيرات مساندة لها. وكلّ الوقائع تثبت أنّ هذه المسيرات ديكورية وأغلب مكوّناتها من التجمّع الدستوري الدّيمقراطي والبوليس السياسي. وما حدث في شارع الحبيب بورڤيبة يثبت ذلك حيث كان في مقدّمة المسيرة مدير اقليم أمن تونس الكبرى وكوادر الأمن السياسي الذين اختفوا عن الأنظار منذ يوم 14 جانفي خوفا من غضب الشارع فمن المفروض أن يحاكم هؤلاء المجرمون، بالاضافة إلى الوجوه التجمّعية التي عادت إلى الظّهور رافعة شعارات ضدّ الاتحاد العام التونسي للشغل متّهمة إيّاه بالتحريض على الفوضى. إنّ هذه المسيرة المركّبة من أغلبيّة تجمّعية وأمنيّة وأقلّية انتهازية من أتباع أحمد ابراهيم (حركة التجديد) وأتباع أحمد نجيب الشابي (الحزب الديمقراطي التقدّمي)، هي مسيرة مفبركة من أجل اعادة التجمّع إلى الشارع التونسي وهي مسيرة لم تدم خمس دقائق هوّلتها وسائل الاعلام الرسمي المتواطئة مع بقايا النظام! لكنّ الشارع التونسي أسقط حسابات هذه الحكومة في الماء فرغم أنّ هذه المسيرة التجمعّية كانت محميّة بقوّات الأمن سرعان ما انتظمت مسيرة عفويّة من شباب تونس الموجودين في الشارع ورفعوا ضدّهم شعارات مضادّة منها »الشعب يريد إسقاط الحكومة« و»Dégage ياخمّاج«. وسرعان ماهاجت الجماهير الغفيرة المسيرة الحكوميّة وميلشياتها فمزّقت لافتاتهم وطردتهم من الشارع الرئيسي لتثبت مرّة أخرى أنّ أبناء الشعب يقظون ولن تنطلي عليهم مؤامرات ينظّمها السيد أحمد نجيب الشابي باعتباره أصبح الرأس المدبّر لكلّ المؤامرات التي تنظمها هذه الحكومة ضدّ الشعب التونسي. II أسئلة بريئة إلى حكومة غير بريئة لماذا تزامنت مسيرات التأييد للحكومة المؤقتة مع زيارة مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية إلى تونس؟ ولماذا هاجمت مجموعات غريبة كلّ المقرّات الجهويّة والمحليّة للاتحاد العام التونسي للشغل في نفس الوقت؟ مواطن تونسي بسيط يفسّر الأمر كالآتي: هذه الأيّام صعبة يجب أن نعود إلى العمل ويجب أن يذهب أبناؤنا إلى المدرسة! المواطن التونسي البسيط ربّما سيفكّر هكذا لكنّه أبدًا لا يهاجم أحدًا بالحجارة من أجل هذه الغاية. لا يهاجم نقابيين أو مواطنين معتصمين أو محامين، فالمواطن التونسي مسالم بطبيعة ومتضامن إلى أبعد حدّ أيّام المحن. لكن السيد نجيب الشابي المسكون بهموم آتية من وراء البحر من أجل مصالح يعرفها هو وحده! مازال يحاول أن يثبت أنّه التّلميذ النجيب لأساتذة يستطيعون التّعويل عليه دومًا لنشر ديمقراطية مخصوصة سمّاها أتباعه ومريدوه »ديمقراطية شعبيّة«، ولهذا هو مستعدّ لدفع الغالي والنفيس من أجل كلّ شيء أو أيّ شيء. أمّا السيد أحمد ابراهيم الذي اقترح على المعتصمين أن يعطيهم خياما أكثر رفاهية لتطول اقامتهم في ساحة الحكومة لأكثر من سنة وهو يتصوّر أنّه سيظلّ وزيرًا طوال تلك المدّة ولا يعرف أنّه صار على ألسنة التونسيّين سلبًا. أمّا السيد محمّد الغنوشي المسكين فعليه أن يدفع ضريبة انتمائه إلى التجمّع وضريبة صمته طيلة ثلاث وعشرين سنة على سرقات بن علي وعائلته وعليه الآن أن يكون ضحيّة ولعبة بين وحشيْن ضَارِيَيْن لم ينتفضا من قبل أبدًا إلاّ عندما وصلا إلى مَقْعديْنِ على حساب الشعب. سيتحمّل الغنوشي أوزار وَزِيَرَيْنِ لكن إلى حين!